حول العالم

السلطان بوونو العاشر يثير جدلا بتعيين ابنته خلفا له

يعامل الشعب في إندونيسيا السلطان كإله تقريبا- أ ف ب
يرقص أشخاص باللباس التقليدي على موسيقى جاوية أمام سلطان يوغياكرتا في إندونيسيا، في تقليد يتكرر منذ قرون بهدوء، إلا أن أجواء تمرد تهيمن بسبب تعيين امرأة لخلافة السلطان.

وواجه السلطان هامينغكو بوونو العاشر، وهو آخر سلاطين إندونيسيا الذي يتمتع بسلطة سياسية، حركة تمرد خلال المراسم الأخيرة التي نظمت بمناسبة بلوغه السبعين وذكرى تنصيبه قبل 27 عاما، إذ إن الكثيرين من أفراد العائلة قاطعوا المناسبة.

فقد اندلع شجار كبير منذ أعلن السلطان نهاية العام 2015، أنه عين ابنته البكر لخلافته، علما بأن لديه خمس بنات من دون أي وريث ذكر.

وأسست سلطنة يوغياكرتا العام 1756، وهي إقليم في وسط جزيرة جاوا يتمتع بوضع خاص منذ نهاية الحقبة الاستعمارية الهولندية في العام 1945.

وأثارت فكرة تولي امرأة للمرة الأولى العرش في هذا الأرخبيل الواقع في جنوب شرق آسيا الذي تسكنه غالبية مسلمة، موجة من الاعتراضات في صفوف عائلة السلطان وجمعيات مسلمة.

وقال عبد الرحمن، وهو مسؤول في حركة "جبهة الجهاد الإسلامي" المحافظة: "يجب على المملكة أن تحافظ على التقليد لأنها مملكة إسلامية".

وتنتشر في إندونيسيا مملكات عدة، لكن سلطان يوغياكرتا هو الوحيد الذي يتولى أيضا منصب حاكم الإقليم البالغ عدد سكانه أربعة ملايين نسمة. أما حكام الأقاليم الأخرى فينتخبون بالاقتراع المباشر.

ولا يزال السلطان يحتفظ بغالبية الامتيازات المعطاة للسلطنة، ومن بينها مقر إقامة رئيس، هو عبارة عن قصر جاوي تقليدي يحمل اسم "كراتون" الذي تقام فيه المناسبات المهمة.

الديك أم الدجاجة؟

قرار السلطان الحالي بقلب التقليد وجعل ابنته البكر وريثة للعرش، أثار نزاعا ضمن العائلة. وقد اتهم السلطان بضرب تقاليد الحكم عرض الحائط على خلفية منافسة بين أشقائه لخلافته. ويقول أحد أبناء عمومة السلطان كانجينغ رادن تومنغكونغ جاتينينغرات: "امرأة سلطان أمر مستحيل".

ويضيف: "أحد رموز هذا القصر هو الديك (رمز الشجاعة). إذا كان السلطان امرأة هل ينبغي علينا تغييره لنضع مكانه دجاجة؟". ويؤكد لوكالة فرانس برس أن المرأة لا يمكنها أن تشرف على المراسم في المسجد أو مناسبات أخرى يرأسها الرجال تقليدا".إلا أن السلطان أطلق عملية خلافته رغم المعارضة.

وهو لم يعلن ذلك صراحة، إلا أن ابنته ستخلفه بالتأكيد. ففي الثقافة الجاوية ترتدي الرموز أهمية كبرى. فقد منح السلطان ابنته البكر لقب "غوستي كانجينغ راتو مانغكوبومي" والكلمة الأخيرة تعني "الشخص الذي يمسك بالكون"، أي اللقب نفسه الذي حصل عليه السلطان عندما عين وريثا للعرش.

حداثة

وعدل السلطان كذلك لقبه الرسمي مغيرا حرفا واحدا من كلمة "بوومو" في المذكر لتصبح "باوومو"، وهو صيغة محايدة الأمر الذي يفتح المجال أمام وصول امرأة إلى العرش.

ودافع السلطان عن خياره مؤكدا أنه لا شيء يمنعه عن إدخال تعديلات على التقليد والتكيف مع الحداثة في عالم يتسع فيه دور المرأة ومكانتها. وقال السلطان أمام صحافيين محليين: "قصر يوغياكرتا لا يملك تقليدا وراثيا لا يتزحزح. يمكن لكل سلطان أن يدخل تعديلات".

وهي ليست المرة الأولى التي تتولى فيها امرأة منصبا ملكيا في إندونيسيا التي تضم حوالي 300 إتنية وكانت فيها مملكات هندوسية وبوذية في السابق.

وكانت ردود الفعل بين سكان يوغياكرتا ومحيطها الذين يعتبرون السلطان أشبه بإله، متحفظة بعض الشيء إذ إن غالبية السكان يفضلون عدم التدخل في شؤون العائلة المالكة. لكن لا يبدو أن الجدل استكان.

والاستياء من السلطان الذي بإمكانه أن يبقى في منصبه طالما شاء، كبير جدا على ما يقول أحد أصهرته غوستي بندورو بانغيران هاريو برابوكوسومو، مؤكدا أنه "فقد احترام 90% تقريبا من أفراد العائلة".