قرر قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح
السيسي، حصر أموال وأراضي وقصور
الأوقاف المصرية في
اليونان، ومن بينها أملاك أسرة
محمد علي باشا، وذلك في محاولة للاستيلاء عليها بحجة دعم اقتصاد البلاد المأزوم.
وكان السيسي قد عين إبراهيم محلب، رئيس الوزراء السابق، في منتصف الشهر الماضي، على رأس لجنة لحصر أملاك هيئة الأوقاف المصرية من الأراضي والمباني والمشروعات، لبحث كيفية الاستفادة منها في دعم الاقتصاد. وخلال الأسبوعين المقبلين، سيقوم وفد من هيئة الأوقاف المصرية بزيارة إلى اليونان، لحصر أملاك محمد علي باشا هناك.
وتسعى حكومة الانقلاب للاستفادة من هذه الممتلكات لتوفير سيولة لسد العجز بالموازنة العامة للدولة. وسبق لنظام مبارك أن طرح فكرة بيع قصر محمد علي في اليونان، في بداية حقبة التسعينيات من القرن الماضي، فيما قوبلت الفكرة بالرفض من قبل الأثريين الذين أكدوا القيمة التاريخية للقصر.
50 مليار جنيه
وبحسب ما ذكره الخبير الاقتصادي عادل عامر، في حديث لموقع بوابة "فيتو" المصري، فإن ممتلكات هيئة الأوقاف تبلغ 50 مليار جنيه.
ويعبر مراقبون عن المخاوف من سيطرة سلطات الانقلاب على أموال الأوقاف، فيما يحاول نظام السيسي استغلال استيلاء البعض على هذه الأراضي للسيطرة عليها. وتخالف هذه المحاولات مخالفة لقانون هيئة الأوقاف رقم 80 لسنة 1971، ويتعارض مع فكرة إنشاء الوقف.
غموض السيسي
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي، ممدوح الولي، إن هناك غموضا كبيرا حول دور "لجنة محلب" وذهاب وفد الأوقاف لأثينا، مشيرا إلى أن هيئة الأوقاف المصرية تملك ملفات ومستندات ممتلكاتها في مصر والخارج، وهو ما يثير التساؤلات حول إصرار نظام الانقلاب على حصر تلك الأموال الأراضي والعقارات المعروفة بالفعل والموثقة لدى الهيئة.
وأشار الولي، في حديث لـ"
عربي21"، إلى أن هذا الغموض يمثل "مقدمة لشيء ما يتم في الخفاء ويخص أموال الأوقاف في مصر واليونان"، وتحدث عن خلافات بين القاهرة وأثينا، لم تظهر إلى العلن حتى الآن، حول أحقية مصر في وقف محمد علي باليونان، فيما لم تتضح نية حكومة الانقلاب بعد بشأن ما إذا كانت ستبيع تلك الممتلكات أم إن لديها خططا أخرى لم يعلن عنها.
وحول نية حكومة الانقلاب الاستيلاء على أموال الأوقاف لسد العجز المالي لديها، أكد الولي أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر؛ قام بمثل هذه الخطوة منذ الخمسينيات، حيث ضم أموال الوقف للدولة رغم أنها في الأصل مخصصة للفقراء، مضيفا أن أحدا في مصر لا يعرف ما هي الخطوة القادمة للسيسي في هذا الملف.
وتقدر قيمة الأوقاف المصرية في الخارج بمليارات الجنيهات، ويوجد 90 في المئة منها باليونان، والباقي في مكة المكرمة والمدينة المنورة بالسعودية.
أملاك محمد علي
ويرجع بداية الوقف المصري في اليونان لعام 1813، حينما وافق السلطان العثماني محمود الثاني على طلب محمد علي باشا، والي مصر، لإنشاء وقف له في حي "ألبانا عيا" بمدينة "كافالا" اليونانية.
وتشمل أملاك محمد علي باشا قصرا له وبيتا لوالده، إلى جانب المدرسة البحرية على بحر إيجه، وقصر ومبنى بجزيرة تسس بمساحة أحد عشر ألف متر، و17 قطعة أرض، إلى جانب مبانٍ تاريخية أخرى وأراضي فضاء وبساتين مثمرة، وبعض المنازل القديمة التي تم بناؤها على الطراز الفرعوني.
وأوقاف محمد علي باشا اليوم تبدو على شكل مجمع معماري ضخم يعرف باسم "الإيمارت" بجزيرة "كفالا"، وتبلغ مساحته حوالي 4160 مترا مربعا، ويوجد به مبنى "الكلية البحرية" الذي أنشأه والي مصر عام 1824م، وهو يستخدم كفندق وقاعة للمؤتمرات، إلى جانب قصر والد محمد علي باشا الذي شهد ولادة حاكم مصر ومؤسس دولتها الحديثة عام 1769.
قيمة تاريخية كبيرة
أما "قصر محمد علي"، فله قيمة تاريخية كبيرة، حيث بناه مصمم قصر عابدين، ويقع على مساحة 330 مترا، وهو عبارة عن متحف مفتوح يزوره اليونانيون على بحر إيجه بجزيرة كفالا، وبجواره منزل قديم تابع له، وأراض زراعية تحيط به، تقدر مساحتها بـ50 ألف متر، ولا يبعد كثيرا عن مجمع "الإيمارت".
والقصر مبني من الحجر الطبيعي والأرضيات والأسقف من الخشب، وهو عبارة عن دورين، والسطح العلوي مائل ومغطى بالقرميد الفخاري، وأمامه حديقة مساحتها ألفا متر مربع، وفيها تمثال محمد علي ممتطيا حصانا متجها نحو مصر.
وتقوم هيئة الأوقاف بتأجير ممتلكات مصر باليونان بأسعار زهيدة، فيما تهيمن بلدية "تاسوس وكافالا"، على بعض منها، كما استولى بعض اليونانيين على بعض تلك الأصول ويقومون بتأجيرها من الباطن، وخاصة الأراضي الزراعية.
أوقاف مصر بالسعودية
وفي السعودية، هناك وقف باسم إبراهيم باشا ابن عبد الله الرومي، الشهير بكاداغا الخاربوطري، وهو عبارة عن مساحة 20 ألف متر في حي المسفلة بجوار مكة، وتم ضمه لتوسعة الحرم المكي، كما تم تعويض مصر بمبلغ مالي عن التكية المصرية القديمة "استراحة الحجاج" بعد ضم أرضها للحرم. وفي المدينة المنورة يوجد وقف باسم "صالح باشا فريد".