أثارت دعوة زعيم التيار
الصدري مقتدى الصدر في الثاني من أيلول/ سبتمبر "إلى
الإضراب عن الدوام وعن الطعام"، خلافات بين الكتل السياسية، على رأسها كتل التحالف الوطني الشيعي، ففيما رأى المعارضون لدعوة الإضراب أنها ستربك الوضع العام في البلاد، أكد المؤيدون لها أنها جزء من الإصلاح.
وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون، علي صبحي المالكي، في حديث لـ"
عربي21"، إن "الدستور كفل التظاهر السلمي وإبداء الرأي والاعتراض والنقد، وكلها متاحة للمواطن
العراقي"، معتبرا أن دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للإضراب غير واقعية وفيها مخالفة دستورية.
وأضاف المالكي أن "معنى الإضراب هو التوقف عن العمل، وهذا سيؤدي إلى تعطيل مصالح المواطنين، وربما يتطور إلى عصيان مدني، وهذا لا يمكن السكوت عنه؛ لأن العراق في وضع استثنائي لا يسمح بالترهل وإفشال مؤسسات الدولة وتعطيلها، داعيا أنصار التيار الصدر -بما فيهم نواب كتلة الأحرار التابعين له- أن يتوجهوا إلى مجلس النواب ويقارعوا الفساد ويجدوا الحلول".
وردا على تصريح المالكي، أكد النائب عن كتلة الأحرار المنضوية تحت خيمة التيار الصدري، رياض غالي، في حديث لـ"
عربي21"، أن "الصدر لم يطلب من العراقيين الإضراب إلا بعد ما وجد الفساد قد نخر جسد الدولة"، ولا يمكن إصلاحه بالهتافات وجلسات الحوار، معتبرا الدعوة فرصة للعراقيين للتضامن وطرد المفسدين وكشف حقائقهم".
واتهم غالي من يعترض على دعوة الصدر بأنه مناصر للفساد وداعم للمفسدين ولا يريد أن يعيش شعب العراق بكرامة، موضحا أن الدعوة هي لمن يرغب، وليست إجبارية أو حكرا على أتباع الصدر، وإنما للعراقيين جميعا.
بالمقابل، رأت كتلة المواطن التي يتزعمها عمار الحكيم أن القانون العراقي لا يسمح بالدعوة للإضراب.
وقالت الكتلة في بيان صرح به النائب عنها سليم شوقي إن "القوانين العراقية لا تسمح بالدعوة للإضراب، ويتحتم على الحكومة العراقية الأخذ بالحسبان تلك الدعوات وتنفيذ الإصلاحات الممكنة".
وأضاف أن إضراب الدوائر الحكومية عن العمل سيدخل البلاد في فوضى عارمة، مستدركا أن "دعوة الصدر جاءت بسبب التذمر الشعبي وعدم استجابة الحكومة للإصلاحات ومحاسبة الفاسدين".
بدورها، اعتبرت النائب عن كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني، ألا طالباني، دعوة مقتدى الصدر للإضراب خارج الأطر القانونية والدستورية، فيما دعت كتلة الأحرار إلى أخذ دورهم في المجلس.
وقالت طالباني، في حديث لـ"
عربي21"، إن "تعطيل الدوام الرسمي لا يحق لأي زعيم من الزعماء، أيا كانت طريقة تعطيله"، مبينة أن "السلطة التنفيذية هي صاحبة القرار بشأن تعطيل الدوام الرسمي من عدمه".
وأضافت طالباني أن "كتلة الأحرار في البرلمان التابعة للتيار الصدري هم المتحدثون عن حقوق المواطنين"؛ لذا عليهم أن يأخذوا دورهم التشريعي والرقابي، وأن يمارسوه بقوة.
وتوقع المحلل السياسي خالد رشيد أن تأخذ دعوة الصدر مساحة كبيرة بين أنصاره، غير مستبعد ردا عنيفا من الحكومة المركزية التي يترأسها حيدر
العبادي.
وقال رشيد في حديث لـ"
عربي21"، إن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر سبق أن منع أنصاره من التظاهر لمدة شهر؛ للسماح للآخرين من العراقيين للتظاهر وبيان موقفهم من الحكومة ومجلس النواب، بحسب اعتقاده. وانتهاء المهلة دون وجود تيارات كبيرة تناصره في تنفيذ إصلاحاته ذهب به لطرق أخرى، ربما تكون وسيلة ضغط على الكتل لتحقيق مطالبه.
وتابع رشيد بأن الممانعة جاءت مبكرة من قبل الكتل، "لكن لا نستبعد ردا قويا من قبل الحكومة على المضربين عن الدوام من الموظفين، فتوجيه العقوبات -وربما الفصل- وارده جدا، حيث سبق أن عاقب وزير الداخلية المستقيل محمد الغبان منتسبين في سلك الشرطة؛ بسبب مشاركتهم في تظاهرات التيار الصدري".
وأوضح رشيد أن الإضراب عن الطعام وسيلة للنضال السلمي اللاعنفي، وأداة ضاغطة على صناع القرار في البلاد، مرجحا أن تأخذ صدى إعلاميا واسعا، وربما تحصد تعاطف الشارع العراقي وتيارات حزبية ومدنية للتيار الصدري.
وفي أول استجابة لدعوة الصدر، أعلن تجمع من موظفي الصدر وأنصاره في محافظة الديوانية شرق العاصمة بغداد الاستعداد الكامل للإضراب، حيث قال معتز خيون، السبت، في مؤتمر صحفي عقد في ساحة الشهداء وسط المحافظة، إن عددا كبيرا من الموظفين سيطيعون دعوة الصدر، مؤكدا أنه تم التهيؤ لها من خلال طبع لافتات، كما تم إصدار تعليمات وتوجيهات للمضربين عن الدوام والطعام، فضلا عن توحيد الخطاب خلال مدة الإضراب.
وكان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر دعا الجمعة 2 أيلول/ سبتمبر الموظفين، عدا الأجهزة الأمنية، إلى إضراب عن العمل يومي الأحد والاثنين للأسبوع الحالي، والبقاء أمام دوائرهم لتسيير الأمور الطارئة والحساسة فقط، واستثنى الصدر كذلك أماكن الامتحانات للجامعات والمدارس، داعيا الأهالي إلى إضراب عن الطعام ابتداء من الجمعة التاسع من أيلول/ سبتمبر وحتى الأحد الحادي عشر من الشهر ذاته.