نشر موقع "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرا للكاتب هنري غاس، حول ترشيح الرئيس الأمريكي باراك
أوباما مؤخرا لقاض مسلم، مشيرا إلى أن الرئيس كان قد رشح خلال ولايته 300 شخص لمناصب
القضاء الفيدرالي، ولم يكن بينهم أي قاض مسلم حتى هذا الأسبوع.
ويقول الكاتب إن أوباما رشح يوم الثلاثاء عابد رياض قرشي، المحامي المولود في باكستان، الذي يعمل في شركة محاماة "لاثام ووتكنز" في واشنطن، قاضيا لمحكمة المقاطعة في مقاطعة كولومبيا، لافتا إلى أن هذه المحكمة هي ثاني أهم محكمة في البلاد.
ويشير التقرير إلى أن الاختيار كان يتم في السابق بناء على تنوع تجربة القاضي لقضاة المحاكم العليا، لكن أوباما غير ذلك، حيث كان تركيزه على تنوع العرق والجنس والميل الجنسي في ترشيحه للقضاة، مستدركا بأنه رغم أن الكثير امتدحوا هذا التوجه، إلا أنه أثار سؤالا مهما حول مدى أهمية هذا التنوع، إن كانت له أهمية.
ويذكر الموقع أن "تمثال العدالة يظهر سيدة معصوبة العينين، ما يعني أن على القاضي أن ينظر للحقائق في أي قضية، وأن يحتكم للنصوص القانونية عندما يحكم في القضية، ولا تهم تجربته في الحياة أو العمل، ويقسم قضاة المحاكم العليا على الولاء للمبادئ التي أرساها دستور الولايات المتحدة".
ويعلق غاس متسائلا: "في هذا السياق، هل هناك أهمية لكون القاضي الذي رشحه أوباما هو المسلم الأول الذي يرشح لمثل هذا المنصب؟ أو إن كان يهم بأن 43% من القضاة الذين رشحهم كانوا نساء و29% منهم ليسوا بيضا، و11 منهم يعلنون عن كونهم مثليين؟".
وينقل التقرير عن خبراء قانونيين، قولهم إن لذلك أهمية في المحصلة، ليس فقط بسبب ما يجلبه هذا التنوع للمحاكم، لكن أيضا للثقة في القضاء، التي يتسبب فيها هذا التنوع، مستدركا بأن بعض الخبراء يقولون بأن تنوع التجربة يجب أن يكون أيضا أحد المعايير، وليس فقط تنوع الخلفية.
ويورد الموقع نقلا عن أستاذ القانون في كلية جون مارشال للحقوق في شيكاغو ستيفين شوين، قوله: "يجب ألا تكون هناك أهمية لتنوع (التجربة)، من ناحية؛ لأن القاضي يحكم بناء على القضية المطروحة، وليس بحسب التجربة الحياتية له، لكن من ناحية أخرى أظن أن كلنا يعرف بأن القضاة يجلبون تجربتهم معهم إلى المحكمة، ونحن في الواقع نحب ذلك".
أثر ظروف النشأة
ويورد الكاتب مثالا على ذلك فترة عمل سونيا سوتوماير في المحكمة العليا، حيث كان الشيوخ الجمهوريون مترددين خلال التصويت على ترشيحها للمنصب، تبعا للقيمة التي ربطها أوباما لدى ترشيحها بتجربتها في الحياة، مشيرا إلى أنها من العرق الهيسبانو، ونشأت في مشروع سكن عام "سكن اجتماعي" في ساوث برونكس، "فكيف يمكن أن يؤثر ذلك في قراراتها؟".
وينقل التقرير عن السيناتور الجمهوري جيف سيشينز من ألاباما، قوله وقتها: "لن أصوت، ويجب ألا يصوت أي سيناتور لصالح أي شخص لن يكون نزيها في القضاء"، وأجابت القاضية سوتوماير قائلة إن "تجربتها الشخصية والمهنية ستساعدها على أن تسمع وتفهم، حيث سيكون القانون دائما هو الحكم في كل قضية"، لافتا إلى أن كلامها شبيه بما قاله القاضي الرئيسي السابق في دائرة "دي سي" مريك غارلاند، الذي رشحه أوباما للمحكمة العليا في شهر آذار/ مارس، و"لا يزال ينتظر تصويت مجلس الشيوخ، الذي حدد جلسة بعد 175 يوما من ترشيحه للتصويت عليه".
ويبين الموقع أنه "مع ذلك، فإن آثار نشأة سوتوماير كانت واضحة في بعض الأحيان في قراراتها، فمثلا كتبت الصيف الماضي معارضة قوية وشخصية في قضية تتعلق بتوقيف الشرطة غير الشرعي، وكتبت في حزيران/ يونيو: (ليس سرا أن أكثر ضحايا توقيف الشرطة غير الشرعي هم من الملونين، إنهم هم من يفهمون أن توقيف الشرطة غير الشرعي يتسبب بتآكل حرياتنا المدنية كلها، ويهدد حياتنا كلنا، وحتى تسمع أصواتهم فإن نظام العدالة لدينا سيبقى غير عادل)".
ويفيد غاس بأن القضاة والخبراء القانونيين يرون أن المؤسسة القضائية كالتشريعية، يجب أن تعكس تركيبة المجتمع الذي تخدمه، ودونها فإن الثقة العامة في المؤسسة ستقوض، وتكون غير فعالة، لافتا إلى أن قاضية محكمة الاستئناف في متشيغان سينثيا ديان ستيفنس، كتبت في مقال لها في مجلة نادي القضاة في متشيغان العام الماضي: "التنوع يؤدي إلى ثقة العامة بنزاهة القضاء وعدالته، ويزيد من فهمنا للقانون والعدل".
وينوه التقرير إلى أن استطلاعا قامت به "ماريست" عام 2003، بناء على طلب من اللجنة القضائية الخاصة في ولاية نيويورك، توصل إلى أن كثيرا من الناخبين المسجلين يعتقدون بأن "الفقراء، وبعض الأقليات العرقية، والذين لا يتكلمون اللغة الإنجليزية يعاملون معاملة أسوأ من القضاة"، مشيرا إلى أنه رغم أن الاستطلاع توصل أيضا إلى أن 71% من الناخبين المسجلين يعتقدون أن قضاة نيويورك بشكل عام عادلون ونزهاء، إلا أن 51% فقط من الناخبين الأفارقة الأمريكيين اتفقوا مع هذا الرأي.
للخبرة أهمية أيضا
وبحسب الموقع، فإن بعض الناقدين اشتكوا من قلة التنوع في الخبرة في المؤسسة القضائية، خاصة في المحكمة العليا، حيث إن القضاة كلهم، باستثناء واحد، كانوا قضاة محكمة الاستئناف الفيدرالية، و"كذلك فإن القضاة التسعة هم إما كاثوليك أو يهود".
ويذكر الكاتب أن المحاكم كانت في السابق تتألف من سياسيين سابقين، وبيروقراطيين، وأساتذة جامعات، لكن منذ عام 1953، فإن ثلثي الترشيحات للمحاكم العليا كانت لقضاة عاملين، منوها إلى أن هذا التجانس أدى لأن يصف القاضي أنتونين سكاليا في إحدى معارضاته الأخيرة قبل وفاته بداية العام، المحكمة بأنها "لجنة من تسعة مختارين من طبقة النبلاء، ولا تمثل (المجتمع)"، ويعتقد آخرون بأن هذا التوجه قاد إلى قرارات فنية بعيدة عن الواقع على الأرض.
ويشير التقرير إلى أن "تجربة قرشي العملية كانت كلها في شركة (لاثام وواتكينز)، وليس من الواضح ما هي الفلسفة القضائية التي سيجلبها معه إلى المحكمة، إن تمت المصادقة عليه، ولديه خبرة في القضايا المتعلقة بقانون الادعاءات الزائفة، وقضايا تزوير التأمين الصحي، ومخالفات الضمانات المالية، وشارك في قضية في مدينة نيويورك العام الماضي، تتعلق بالحظر المؤقت على اللافتات الإسلامية، ولا يتوقع أن يحصل على مصادقة من مجلس الشيوخ قبل الانتخابات في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر".
ويختم "كريستيان ساينس مونيتور" تقريره بالإشارة إلى أن المنظمات الإسلامية رحبت بترشيح
قريشي؛ لأنه يقرب المؤسسة القضائية من تمثيل المجتمع الأمريكي المتنوع.