قبل 10 سنوات، كان مشهده غريب ومثير، ومع مرور الوقت تحول الـ"توك توك" إلى وسيلة مهمة للمواصلات في المناطق العشوائية، بل وانتقل أيضا إلى المناطق والأحياء الراقية في القاهرة وجميع محافظات
مصر.
وبينما ساهم "
التوك توك" في حل أزمة
البطالة التي فشلت جميع الحكومات المصرية المتعاقبة في حلها، لكن أصحابها يعانون كثيراً بسبب مطاردات وزارة الداخلية وتحديداً إدارة المرور، التي تلاحقهم وتلقي القبض عليهم وتستولي على ممتلكاتهم وفي النهاية ينتهي بهم الحال إلى العودة مجدداً إلى صفوف العاطلين.
كان عم حسن، البالغ من العمر 56 عاما يواجه أزمات طاحنة قبل نحو 4 سنوات، فهو عامل بسيط كان يتردد على شركة للتطوير العقاري وكان صاحبها يرفق به وضمه لطابور العاملين مقابل أجر يومي لا يتجاوز 5 دولارات تساوي 50 جنيهاً.
كانت الـ 50 جنيهاً لا تكفي عم حسن الذي يقيم في إحدى الضواحي العشوائية التابعة لمحافظة الجيزة، ويقيم مع أولاده الخمسة وزوجته في غرفتين وحمام وبدون حتى صالة لاستقبال الضيوف والأقارب.
ومع تراجع حركة العقارات في مصر توقفت الشركة التي كان يعمل بها عم حسن ووجد نفسه وأولاده يواجهون أزمات عديدة انتهت بعدم قدرته على توفير "العيش الحاف" له ولأبنائه وزوجته المريضة.
فاعلو خير تحركوا لمساندة عم حسن المعروف عنه أنه رجل عصامي ولا يقبل التسول ولا ينتظر فاعلي الخير كما يفعل كثيرون، واشتروا "توك توك" له فبدأ حياته من جديد كسائق.
كان تقدمه في السن وشيب رأسه يشفعان له لدى رجال وزارة الداخلية الذين يطاردون جميع سائقي "التوك توك"، وتمكن عم حسن من أن يوفر لبيته كل مستلزمات الحياة، وأيضاً سدد ثمن العربة لفاعلي الخير خلال فترة لا تتجاوز العامين.
ومع مرور الوقت وانتشار هذه الوسيلة المهمة في المواصلات أصبحت توفر فرص عمل لأكثر من 5 ملايين شاب مصري، حيث يوجد في مصر أكثر من 1.3 مليون "توك توك". ويعمل "التوك التوك" الواحد فترتين يومياً، أي يستفيد منه اثنين بخلاف صاحبه.
الحكومة المصرية التي فشلت في حل مشكلة البطالة ونجح فيها "التوك توك" بدأت تطارده، وبعيداً عن مطاردات رجال المرور بدأت أنظار وزارة المالية المصري تتجه نحو "التوك توك" الذي انتشر بسرعة فائقة.
وزارة المالية التي تبحث في جيوب المصريين كل صباح ومساء بحثاً عن سد العجز المتفاقم وتمويل الإنفاق السخي على رواتب أعضائها وقياداتها، بدأت تفكر بشكل جدي في فرض ضريبة على "التوك توك"، حيث أكدت مصادر مطلعة بالوزارة لـ "
عربي 21" أن مصر لديها أصول غير مستغلة كثيرة يمكن من خلالها زيادة إيرادات الدولة، مطالبة بضرورة النظر للأموال المهدرة سواء المصروفات أو أدوات التمويل، التي تستخدم خلال الوقت الحالي.
وأوضحت المصادر أن قيادات وزارة المالية المصرية تفكر بشكل جدي في الوقت الحالي في فرض زيادة على الجمارك وفرض ضريبة على الـ "توك توك" بقيمة 100 جنيه شهرياً متوقعة أن العائد من هذه الضريبة الجديدة يصل إلى نحو 3 مليارات جنيه سنويا.
وما بين مطاردات رجال المرور في وزارة الداخلية وبين ابتكارات وزارة المالية المصرية يبحث أصحاب "التوك توك" عن حلول، لكن ربما ينتهي بهم الحال مع هذه التضييقات إلى العودة مجدداً إلى صفوف العاطلين ومواجهة البطالة التي فشلت الحكومة في معالجتها ولو بشكل مؤقت.