بعد عام على إسقاط الطائرة الروسية، التي كانت في طريقها من منتجع
شرم الشيخ إلى روسيا، فإن صناعة
السياحة المصرية لا تزال تعاني؛ نظرا لتوقف تدفق السياحة الأوروبية من روسيا وبريطانيا وعدد آخر من دول الاتحاد الأوروبي.
وزار مراسل صحيفة "واشنطن بوست" سودرسان راغافان المنتجع؛ ليرصد حركة السياحة فيه، خاصة في أثناء موسم عطلة عيد الأضحى الأخيرة.
وكتب راغافان في تقريره، الذي ترجمته "
عربي21"، قائلا: "في العام الماضي في أثناء عطلة عيد الأضحى كان منتجع شرم الشيخ المدهش على البحر الأحمر مزدحما بالزوار من أنحاء العالم كله، وفي الموسم ذاته الأسبوع الماضي كانت الشواطئ نصف مزدحمة، وكان مستوى نزلاء الفنادق متواضعا، وفي الليل، على منطقة المتنزهات والمطاعم على الشاطئ، كانت الحانات فارغة بشكل كبير، وبعضها مغلق".
ويقول الكاتب إن "شبح رحلة 9268 لـ(مترو جيت) لا يزال يخيم على شرم الشيخ، حيث يقول محمد آدم، الذي يتجول على الشواطئ؛ بحثا عن زبائن لرحلات الغوص ونشاطات أخرى: (الوضع سيئ)، ويضيف: (في العيد الماضي كان المكان مزدحما، ومنذ التفجير قل عدد الناس)، ومضى عام على تحطم الطائرة الروسية، ومقتل 224 شخصا كانوا على متنها، بعدما غادرت مطار منتجع شرم الشيخ الدولي بفترة قصيرة، وأعلن فرع
تنظيم الدولة في
سيناء مسؤوليته عن الحادث، الأمر الذي دفع موسكو إلى توقيف الرحلات إلى مصر كلها، فيما أوقفت بريطانيا والدول الأخرى رحلاتها المتجهة إلى شرم الشيخ، التي تشكل ثلث موارد السياحة المصرية السنوية".
ويضيف راغافان أنه "منذ ذلك الوقت حاولت الحكومة المصرية الحصول على ثقة العالم من جديد، وقامت باستئجار شركات استشارية لمراقبة الأمن في مطاراتها، وقامت بحملة كبيرة لإقناع روسيا وأوكرانيا والدول الأخرى وجذبهم مرة أخرى، لإعادة مئات الآلاف من السياح الذين كانوا يملؤون المنتجعات المصرية سابقا".
ويستدرك الكاتب بأن "هناك إشارات قليلة تشي بنجاح هذه الاستراتيجية، وهو ما أدى إلى الشعور بالغضب والإحباط بين عشرات الآلاف من المصريين ممن تعتمد حياتهم على السياحة، ويلقون اللوم على السفارات الأجنبية؛ لاستمرار حظر السياحة، بالإضافة إلى لوم الصحافة الدولية؛ بسبب نشر القصص المدمرة للسياحة في مصر، ويؤكدون أن بلدهم آمنة".
ويبين راغافان أن "البعض يلوم الرئيس المصري عبد الفتاح
السيسي وحكومته، لتدهور العلاقات مع الدول الأوروبية، التي تعد مصدر عدد كبير من السياح؛ وذلك بسبب سجل حكومته في مجال حقوق الإنسان، وهو ما أضاف إلى النقد المتزايد للسيسي، وطريقة معالجته لاقتصاد البلد المضطرب".
وتنقل الصحيفة عن محمد جمال (32 عاما)، وهو صاحب محلين لبيع المواد السياحية، قوله: "قبل سقوط الطائرة الروسية كان الوضع ممتازا، وكانت المدينة مزدحمة، والفنادق عامرة، والحانات ومحلات الديسكو والمطاعم والمقاهي كلها مليئة، والآن لدينا الكثير من المتاعب؛ بسبب عدم وجود السياح الأوروبيين".
ويعلق الكاتب قائلا: "تبدو المشكلات واضحة في محلي جمال، ففي العيد الماضي كان يبيع في اليوم ما قيمته 400 دولار، من العطور المحلية، والبهارات، وورق البردي المزين بصور الأهرامات وصور أبي الهول، أما في هذا العام فإنه يشعر بأنه محظوظ لو باع في اليوم بما قيمته 20 دولارا، وقد سرح الموظفين الخمسة الذين كانوا يساعدونه كلهم".
ويلفت التقرير إلى أن الأمر ذاته فعلته المطاعم والفنادق، التي قررت تخفيف عدد الموظفين، الأمر الذي ترك أثره على خارج المدينة، فالعاملون فيها ينحدرون من مناطق مصر كلها، سواء كانوا يعملون في وظائف الاستقبال في الفنادق، أو كانوا نادلين في المطاعم، أو سائقين من المطار، حيث كانوا يرسلون ما يحصلون عليه من رواتب لعائلاتهم، مشيرا إلى أن السياحة تعد مصدرا مهما من مصادر العملة الصعبة.
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم أن آلاف المصريين والسياح العرب لا يزالون يرتادون المنتجع، إلا أن عددهم أقل من العام الماضي، لافتة إلى أن أصحاب المصالح السياحية يفضلون الغربيين؛ لأنهم ينفقون أكثر في المطاعم، والفنادق، والمحلات، ويعطون إكراميات أكثر.
ويورد راغافان نقلا عن مينا ناصيف من "تريب هاوس"، الذي يوفر القوارب، وينظم رحلات صحراوية، قوله: "نتمنى رؤية المزيد من الروس والإنجليز والأوروبيين أكثر"، ويقول مديره أحمد إبراهيم: "الإرهاب موجود في كل مكان، في إنجلترا وفرنسا، وفي كل مكان"، مستدركا بأن السياح يذهبون إلى لندن وباريس، مضيفا أن تجارته تراجعت بنسبة 70%، وقال: "هذا كله بسبب السياسة".
وينوه التقرير إلى أن أحد الأمثلة الواضحة هي إيطاليا، حيث انخفضت نسبة الحجز بالنسبة للإيطاليين الذين خططوا لقضاء إجازاتهم في مصر، صيف 2015، بنسبة 90%، وذلك بحسب شركة الأبحاث "ريبورت لينكر"، بحسب ما قاله مسؤول السياحة الأجنبية في سلطة السياحة المصرية محمد عبد الجبار، مشيرا إلى أن الشركة قدمت ثلاثة أسباب لهذا الأمر، وهي التفجير، وتعذيب الطالب الإيطالي جوليو
ريجيني وقتله في القاهرة هذا العام، وقتل المصريين للسياح المكسيكيين بالخطأ في أيلول/ سبتمبر 2015.
وتذهب الصحيفة إلى أن مثار إحباط الناس العاملين في المنتجع نابع من أن الإجراءات الأمنية في المنتجع أقوى مما كانت عليه في أي وقت مضى، مشيرة إلى أن هناك العشرات من نقاط التفتيش التي تقود إلى المدينة، حيث تفحص الشرطة بطاقات الهوية، وتقوم شرطة السياحة في البلدة بحراسة الشوارع.
ويقول الكاتب إن "التاريخ يوحي بالثقة، خاصة أن شرم الشيخ تعافت من هجمات سابقة في عامي 2004 و2006".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن "هناك إشارات إلى بدء التعافي، حيث تقوم سلطة السياحة بحملة ترويج لعقد حفلة موسيقية لفنان أوكراني معروف؛ لجذب السياح الأوكرانيين، وفي الفترة الأخيرة استأنفت الخطوط الجوية التركية رحلاتها إلى شرم الشيخ، وتخطط شركات الخطوط الجوية في أوروبا لاستئناف رحلاتها في وقت قريب".