مقالات مختارة

3 أسئلة يطرحها القائد المتواضع

1300x600
يحتاج القادة إلى تناول الأمور من وجهات نظر مختلفة، لتجنب الوقوع ضحية الميول النرجسية.

تطل نافذة مكتبي على ساحة عشبية هي الوحيدة في الحي. المنظر رائع؛ الأطفال الصغار يتعثرون في أثناء اللعب، والمراهقون يغازلون بخجل، والآباء يلعبون بالكرة مع أبنائهم بتأن على أمل مشاركتهم في الألعاب الأولمبية فيما بعد.

كعضو مجلس إدارة في عديد من الشركات، غالبا ما يجب علي إجراء مكالمات هاتفية صعبة على مدار اليوم؛ كمعالجة الصراعات في مجلس الإدارة، أو مناقشة عمليات استحواذ دقيقة، أو المسائل المتعلقة بالأجور. وفي كل مرة، تعطيني لمحة سريعة من النافذة خلال هذه المحادثات، وفكرة جديدة وتحسن مزاجي إلى حد كبير، الأمر الذي ينعكس إيجابيا على نتائج المناقشات.

من المخجل افتقار مكاتب عديد من المديرين إلى إطلالة كهذه، وافتقارهم إلى تواصل الأشخاص العاديين.

القائد النرجسي

يشير بحث أجراه زميلي في كلية إنسياد، الأستاذ مانفريد كيتس دي فريس إلى أن النرجسية تكون مألوفة بين المستويات العليا للإدارة. في الواقع يبدو جليا أن عدد الأشخاص النرجسيين في الإدارة العليا أكثر من النصف، على الرغم من أنه يبدو من المستحيل أن نعطي رقما محددا على اعتبار أن النرجسية ليست بالشيء الأبيض والأسود؛ ولكنه مقياس متدرج. درجة من النرجسية مطلوبة كي تكون قائدا ملهما وذا بصيرة، وشخصا لديه الشجاعة لاتخاذ خطوات غير تقليدية في البيئات المدمرة.

في حين يقود كثير من النرجسية إلى جنون العظمة، والسلوك المتلاعب والتركيز على قوة المرء والمكانة بدلا من مصالح الشركة والموظفين والعملاء.

لا تحدث النرجسية بشكل مفاجئ؛ حيث تبدأ بمجموعة من السمات الشخصية الفطرية وخبرات الطفولة. وتكشف عن نفسها على اعتبار أن الفردية تزيد من القوة والنجاح، وهو الأمر الأكثر وضوحا في المؤسسات التي تكبر فيها المسافات الهرمية وتعلق أهمية كبيرة على المكانة.

وفقا لمؤلفات أكاديمية، نجد المؤشرات الخارجية للنرجسية بعدد المرات التي يستخدم فيها المديرون كلمة "أنا" بدلا من "نحن"، وطريقة إبرازهم في الأخبار، والفرق في المكافآت بينهم وبين باقي الأشخاص في المؤسسة.

3 أسئلة للبقاء على أرض الواقع

ما الدور الذي تؤديه نافذة مكتبي في منعي من الوقوع في فخ النرجسية المفرطة؟ بصفتي مديرا، من الجيد أن تُبقي قدميك راسختين على أرض الواقع. وللقيام بذلك، يحتاج القادة إلى النظر في ثلاثة جوانب من حياتهم وأن يسألوا أنفسهم: هل أنا محاط بالأصوات الناقدة بما فيه الكفاية؟ هل أواجه ما يكفي من الصعاب؟ هل ما زلت على تواصل مع العالم خارج المكتب؟

قد تأتي الأصوات الناقدة من كل اتجاه؛ فعلى المستوى الشخصي، من المراهقين الرافضين، ومن الزوجة أو الزوج الذي يعرفك من الداخل والخارج. أما على المستوى المهني بالإمكان السعي دائما خلف ردود أفعال الموظفين، وقد يكون التقييم الآتي من قبل الموظفين الشباب على وجه الخصوص لا يرحم ولكنه مفيد جدا. وبالطبع بإمكانك إحاطة نفسك بالزملاء، وأعضاء مجلس الإدارة الذين لن يتقبلوا الأمور على علاتها.

عندما يتعلق الأمر بالشدائد، فعدم المبالاة ليس بالخيار المتاح، لكن لا يمكن إلا أن أكون مرتابا في حال كان المدير ناجحا على طول الخط، حيث تعلمنا الشدائد أنه ليس بإمكاننا التحكم في كل شيء. وتجعلنا أقل ميلا للحكم على الآخرين. فكيفية تعامل الأفراد مع الشدائد والدروس المستفادة منها، أحد مؤشرات النجاح المستدام.

اكتشاف الجانب الآخر

وأخيرا، كيف يمكننا البقاء على تواصل مع العالم الحقيقي؟ ليس بالمسألة السهلة أن يبقى المديرون منفتحين على العملاء والموظفين والناس في الشارع، في الوقت الذي يقضون فيه معظم أوقاتهم بين قاعات الاجتماعات، ومكاتب المديرين الآخرين. ومع ذلك، فإن قضاء بعض الوقت في مركز الاتصال الخاص بشركتك والتحدث إلى العملاء غير الراضين، أو زيارة بيوت العملاء مع الفريق الفني، قد يكون بالأمر المجدي أيضا.
يحكي توني بول، عضو مجلس إدارة غير تنفيذي في شركة الاتصالات البريطانية، قصة ذهابه إلى العمل واكتشاف الطريقة الخلاقة للمهندسين في تجنب الإجراءات البيروقراطية غير الضرورية لمساعدة العملاء بشكل فعلي. كما يعقد رئيس تنفيذي لإحدى الشركات اجتماعات دورية مع الموظفين الشباب في جميع الدول التي تعمل فيها الشركة.

فمن خلال اتباع نهج أكثر تواضعا وطلب المشورة من منظور مختلف، يستطيع المديرون احتواء الأنانية المتأصلة وتجنب مظاهر النرجسية.

وبطبيعة الحال تساعدنا رؤية العالم الحقيقي من خلال النافذة، وتذكرنا بأن السلطة والسعادة شيئان منفصلان.

الاقتصادية السعودية
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع