اعتمد
الاحتلال الإسرائيلي مؤخرا في تعامله مع
المقاومة الفلسطينية بقطاع
غزة المحاصر، ما يسمى باستراتيجية "
جز العشب"، بهدف الحد من قدرات المقاومة المتراكمة التي باتت تقلقه وتدفعه للتصعيد، والرفع من مستوى الرد على إطلاق الصواريخ من غزة، بحسب مختصين.
وأطلق الأربعاء صاروخ من غزة سقط في مستوطنة "سديروت" القريبة من الحدود الشمالية الشرقية للقطاع، وأعلن "تنظيم أحفاد الصحابة- أكناف بيت المقدس-غزة"، مسؤوليته عن إطلاق الصاروخ، وردا على ذلك، قصفت الطائرات الحربية والمدفعية الإسرائيلية، عدة مواقع تابعة لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "
حماس"، في مناطق مختلفة من القطاع.
وأكدت حركة "حماس" في تصريح للناطق باسمها سامي أبو زهري، أنها "لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي" في حال استمر القصف الإسرائيلي لقطاع غزة.
جز العشب
وفي رؤيته للتصعيد الإسرائيلي الأخير؛ رجح الخبير في الأمن القومي، إبراهيم حبيب، أن "إسرائيل تريد جر قطاع غزة إلى حرب جديدة، خصوصا وأن الظرف الإقليمي مهيأ لمثل هذا العدوان، وذلك في ظل انشغال الجميع بما يدور في سوريا والمنطقة".
وقال لـ"
عربي21" إن "إسرائيل لم تعد تستخدم سياسية عزل حماس وإسقاط حكمها، وإنما تعتمد الآن على استراتيجية جز العشب؛ بهدف تقليم أظافر المقاومة، وجز ما يمكن جزه من قدراتها وإمكاناتها التي طورتها بعد الحرب".
وأوضح حبيب أن "إسرائيل بدأت باستخدام استراتيجية جز العشب، وتبنتها عقب نهاية حرب 2008-2009، وذلك بعدما أدركت أنه لا يمكن لها إنهاء ووجود حماس"، مؤكدا أن "رسالة الاحتلال كانت واضحة جدا، وهي أنه في حال أي رد من المقاومة سيكون هناك رد أعنف، وهنا سندخل في دوامة جديدة من التصعيد".
وأكد أن المقاومة الفلسطينية "تقرأ رسائل الاحتلال جديا، وتدرك تماما حقيقة النوايا الإسرائيلية، وتقف على مسافة محددة كي لا تنزلق الأمور"، معتبرا أنه "لا جدوى حاليا، ولا مبرر لإطلاق الصواريخ على الاحتلال، خاصة وأنه لا يوجد توافق وطني على ذلك".
نوايا مشبوهة
وأضاف حبيب أن "من قام بإطلاق الصاروخ على سديروت؛ يريد توريط غزة في حرب جديدة"، مؤكدا أن مطلقي الصاروخ "أصحاب نوايا مشبوهة، ويجب محاكمتهم، ومنع كل من تسول له نفسه اللعب بمصير غزة بهذه الطريقة".
وعن مدى صبر المقاومة الفلسطينية على استهداف الطائرات الحربية الإسرائيلية للعديد من مواقعها؛ لم يستبعد حبيب أن يتسبب ذلك في "اندلاع حرب جديدة في أي لحظة"، مؤكدا أن "النوايا الإسرائيلية المبيته تؤكد ذلك، وهي جاهزة للعدوان على غزة"، وذلك في إطار استراتيجية "جز العشب" المشار إليها آنفا.
وقال: "السؤال هنا؛ هل تسمح المقاومة لإسرائيل بتنفيذ نواياها، أم تعطلها لحين تغيير الظرف الإقليمي"، مؤكدا أن "أكثر شيء بات يؤلم ويقلق إسرائيل؛ هو مراكمة القوة لدى المقاومة الفلسطينية".
وتابع حبيب: "ليس من الحكمة أن تجرنا إسرائيل كل سنتين أو ثلاثة لحرب تستنزف قواتنا، وتعيد المقاومة إلى نقطة الصفر، وعليه؛ يجب على الجميع أن يدرك النوايا الإسرائيلية، ويعمل على مواجهتها وفق استراتيجية وطنية فعالة، قادرة على بناء حالة رد حقيقية للاحتلال".
رفع مستوى الرد
من جانبه؛ قال الخبير في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، إن "إسرائيل تنفي أن هناك تصعيدا، بل تؤكد أن هناك تفاهما غير مكتوب من الطرفين؛ على أن لا يكون ثمة تصعيد في هذه المرحلة"، لافتا إلى أن "امتحان الميدان هو الذي سيحكم على مدى صدق الاحتلال".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه "وفق نظرية المؤامرة؛ من غير المستبعد أن يكون هناك عناصر في غزة تعمل لصالح الاحتلال؛ لأن إطلاق الصواريخ في هذه المرحلة ليس في صالح الفلسطينيين".
وحول استراتيجية وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، في التعامل مع قطاع غزة وحركة حماس؛ أوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي أن "سياسية ليبرمان تغيرت، وهو يلائم نفسه في إطار السياسية المعتمدة لدى الجيش الإسرائيلي"، مضيفا: "ليبرمان كان يريد البطش بقطاع غزة والإطاحة بحكم حماس، أما اليوم فهو لا يتحدث عن ذلك إلا في إطار التهديد".
ورأى مجلي أن الاحتلال الإسرائيلي "غير معني اليوم بالدخول في صدام مع غزة، ويدعي أن لدى حماس الموقف ذاته، لكن استهدافه بعض مواقع المقاومة الفلسطينية؛ يشير إلى أنه بدأ يعمل على رفع مستوى الرد شيئا ما".