قرر الاحتلال
الإسرائيلي مقاطعة "اليونيسكو" بعد أن نفت الأخيرة في
قرار لها، الخميس، أي "علاقة تاريخية بين اليهود والمسجد الأقصى وحائط البراق"، الأمر الذي وصفته "إسرائيل" بـ"الإنكار للتاريخ، ويعطي دفعة للإرهاب".
ويطرح قرار المؤسسة الدولية الكثير من الأسئلة حول إمكانية تنفيذه على أرض الواقع، وقدرة السلطة الفلسطينية، أو رغبتها في البناء عليه من ناحية قانونية.
وقال مدير مؤسسة فلسطين للثقافة، أسامة الأشقر، إن قرار "
اليونسكو" يمتلك قيمة سياسية وقانونية استئناسية، وهو مادة للمرافعة السياسية في الأوساط الدولية، لكون القرار صادرا عن مؤسسة دولية اعتبارية، الأمر الذي يجعل البناء عليه ممكنا.
وأضاف: "غير أن القدس بالنسبة لـ "إسرائيل" تمثل رمزا سياسيا ودافعا قوميا، ومنبرا للدعاية المضادة، ولذلك لن يقبل الكيان بتمرير هذا القرار، ما سيترك الأمم المتحدة عاجزة تماما".
وبين الأشقر لـ "
عربي21" أن الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم، وفق اليونسكو، بـ 12 قرارا أصدرتها المنظمة الدولية، ولم تستطع هذه المنظمة في المقابل، توقيع أي إجراء بحق"إسرائيل" سوى رفع وتيرة الاحتجاج والمطالبات.
واستدرك: "لا ندعو لوقف النشاط الدبلوماسي في هذا السياق، وإنما نحذر من الاشتغال به وحده دون منظومة دفاعية وهجومية".
واستبعد الأشقر أن تتحرك الدبلوماسية الفلسطينية للبناء على هذا القرار، لاسيما أن فلسطين لم تكن من بين الدول التي قدمت مقترحه، واكتفت بالتصويت له فقط، مستشهدا بتعامل السلطة مع قرارات دولية أخرى، "كالاعتراف بدولة فلسطين، وعدم التعاون مع الجنائية الدولية، وتضييع تقرير غولدستون".
وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية تأخذ بعين الاعتبار قرب الانتخابات الأمريكية، وحاجتها لصداقة مع الرئيس الجديد، خاصةً بعد الرفض الأمريكي الإسرائيلي للقرار.
وصرحت المديرة العامة لـ"اليونسكو" إيرينا بوكوفا، السبت، أن "مدينة القدس القديمة هي مدينة مقدّسة للديانات السماوية الثلاث، اليهوديّة والمسيحيّة والإسلاميّة".
وأضافت في بيان لها على الموقع الرسمي للمنظمة الدولية أن "
المسجد الأقصى/الحرم الشريف، مكان مقدّس للمسلمين تماماً، كما أنّ"جبل الهيكل" ومنه الحائط الغربي، هو المكان الأكثر قدسيّة في الديانة اليهوديّة".
ووصف وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، تصريحات "بوكوفا" بالخارجة عن حدود صلاحياتها، قائلا: "إننا نرفض هذا الموقف غير المسبوق والذي يشكل إهانة لإرادة الدول الأعضاء التي عبرت عن مواقفها السيادية".
من جهتها، اعتبرت حركة حماس التصريحات رضوخا للضغوط الإسرائيلية، وتعارضا مع حقيقة موقف "اليونسكو" والقرار القاطع الذي صدر عنها.
ورأى أستاذ القانون الدولي في جامعة القدس – أبو ديس، محمد شلالدة، أن تصريحات المديرة العامة لـ "اليونسكو" لا تمتلك أي قيمة قانونية، بعد القرار الذي صدر عن المنظمة بتصويت الدول الأعضاء.
وأوضح شلالدة لـ "
عربي21" أنه لا يجوز لموظف دولي بأي حال من الأحوال أن يخرج بتصريح يناقض قرارا صدر عن المنظمة التي يمثلها، مؤكدا أن تصريحاتها تمثّل شخصها فقط، ولا تمثّل "اليونسكو".
وفيما يخصّ قرار المنظمة الدولية، لفت شلالدة إلى أن القرار، حتى وإن وصف بغير الملزم، فإنه يمتلك قيمة قانونية، كونه صدر عن منظمة شرعية معترف بها، تابعة للأمم المتحدة.
وأضاف أن القرار ينسجم مع نصوص اتفاقية جنيف الرابعة، التي تلزم أي دولة محتلة، واتفاقية لاهاي لعام 1954، التي نصت على حماية الممتلكات الثقافية والدينية للشعوب.
وأشار شلالدة إلى أن كثيرا من قرارات الجمعية العامة، والمنظمات الدولية الأخرى التابعة للأمم المتحدة، نفذتها الدول المعنية بها، رغم وصفها بغير الملزمة، وذلك لما تتمتع به من صفة قانونية، وما تعنيه من رفع القيمة والمكانة القانونية للدول الملتزمة بها.
وأكّد شلالدة على أنه "من المعروف عن "إسرائيل" تمردها على قواعد القانون الدولي ومبادئه، وعدم تنفيذها للقرارات الدولية، حتى تلك التي تمتلك الصفة الإلزامية، خاصة مع ضعف الآليات التي تلزم الدول بتطبيق القرارات الدولية، ما جعل قانون القوة هو الذي يحكم بدلا من قوة القانون".
وأردف شلالدة أنه بالرغم من ذلك فإن "إسرائيل" تعرف قيمة القرار الصادر، لذلك كان رد فعلها عليه قويا، وصل إلى حد قطع العلاقات مع "اليونسكو".
وختم شلالدة حديثه بدعوة السلطة الفلسطينية إلى التحرك، بمساعدة الجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ودول عدم الانحياز، والتوجه إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجل تفعيل القرار.