قالت مصادر أمنية، الثلاثاء، إن مقاتلي تنظيم الدولة وسعوا المنطقة الخاضعة لسيطرتهم في مدينة نائية غرب
العراق، قرب الحدود مع سوريا والأردن، ليبسطوا سيطرتهم على نصف المدينة، بعدما كانوا يسيطرون على ثلثها.
وهاجم مقاتلو التنظيم مدينة
الرطبة الأحد، في محاولة لتخفيف الضغط على مدينة
الموصل شمال العراق، حيث يصدون هجوما للجيش العراقي والمقاتلين الأكراد، بدعم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
وقالت المصادر إن مقاتلي التنظيم وسعوا سيطرتهم على المنطقة في معارك أثناء الليل.
وأضافت أن عناصر الجيش العراقي والعشائر السنية لا يزالون يسيطرون على نصف المدينة عند المداخل، ومن ناحية الطريق السريع الذي يربط بغداد والحدود الغربية. وأوضحت المصادر أن الجيش يحضر تعزيزات.
وتقع الرطبة في محافظة الأنبار غرب البلاد، وكانت بؤرة للاحتجاج السني ضد الحكومة التي يقودها الشيعة والقوات الأمريكية التي أطاحت بصدام حسين في 2003.
تطويق بلدة
بعشيقة
وفي الموصل، تمكنت قوات البيشمركة من تطويق بلدة بعشيقة، إحدى كبرى البلدات خارج مركز مدينة الموصل، وقطعت طرق الاتصال بين المنطقتين.
وبحسب ما نشرته مواقع عراقية، فإن البيشمركة باتت تبعد حاليا عن مدينة الموصل نحو تسعة كيلومترات.
من جهته، أكد القائد الميداني الفريق عبد الوهاب الساعدي، في تصريح صحفي، أن قوات مكافحة الإرهاب شنت فجر الاثنين هجوما من محورين، أسفر عن استعادة قرية خزنة وقرى أخرى بناحية برطلة، وأصبحت القوات على مسافة أربعة كيلومترات من الموصل.
وقال العقيد محمد الجبوري، لوكالات الأنباء، إن الجيش والشرطة سيطرا بالكامل على بلدة قرقوش مركز قضاء الحمدانية، الذي يُعد المدخل الشرقي للموصل.
وأكدت خلية الإعلام الحربي التابعة للجيش، أن الفرقة التاسعة اقتحمت بلدة كرمليس المحاذية لقضاء الحمدانية جنوب شرقي الموصل.
ونقلت صحف عراقية أن قوات الجيش العراقي اجتازت ناحية الشورة واتجهت نحو مفرق حمام العليل.
تنظيم الدولة ينتقل إلى خطة بديلة
في الأثناء، سعى تنظيم الدولة على مدى الأيام الثلاثة الماضية، في إحداث تغيير في المعادلة الأمنية في العراق، بعد فتحه جبهتين جديدتين شمال البلاد وغربها، في وقت أرسلت فيه أغلب القوات القتالية من الجيش والشرطة الاتحادية ومكافحة الإرهاب إلى الموصل (شمالا)، بحسب خبير عسكري عراقي.
وبدأت خطة التنظيم حين هاجم نحو 100 مسلح بينهم انتحاريون، الجمعة الماضي، مؤسسات أمنية ومنشأة للطاقة في محافظة كركوك (شمالا)، واستمرت الاشتباكات المسلحة حتى الثلاثاء، بعد وصول تعزيزات كبيرة من قوات الأسايش الكردية إلى المدينة.
وقبيل حسم الأوضاع الأمنية في كركوك، شّن مسلحو التنظيم هجوما واسعا من محاور عدة على قضاء "الرطبة" أقصى غرب محافظة الأنبار (غربا)، ونجحوا في السيطرة على عدد من أحياء القضاء.
والاثنين، أرسلت الحكومة الاتحادية تعزيزات عسكرية إلى مدينة الرطبة، لإسناد القوات المتواجدة هناك في سعيها لاستعادة أحياء بالمدينة استولى عليها تنظيم الدولة الاثنين.
واستعادت القوات العراقية الرطبة من تنظيم الدولة مطلع 2016، بعدما خضعت لسيطرة التنظيم منذ منتصف 2014، إثر انسحاب القوات العراقية منها دون قتال.
وتأتي هجمات تنظيم الدولة المنسقة، في وقت تواصل فيه قوات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية وقوات مكافحة الارهاب وقوات البيشمركة (جيش الإقليم الكردي)، التقدم نحو الموصل، حيث تخوض تلك القوات معارك متواصلة منذ أسبوع مع عناصر التنظيم.
وقال العقيد المتقاعد في الجيش العراقي، خليل النعيمي، الاثنين، إن ما حصل في محافظتي كركوك والأنبار كان متوقعا، لكن على ما يبدو أن القيادة العسكرية العراقية، لم تأخذ ذلك في الحسبان.
وأضاف النعيمي، بحسب ما نقلته وكالة "الأناضول" التركية، إن "تنظيم
داعش يمتلك خططا عسكرية بديلة، من المؤكد أنه سيلجأ إليها في حال تقدم القوات الأمنية باتجاه مركز الموصل، والخطط البديلة لا تعني مواجهة القوات الأمنية على حدود الموصل، بل فتح جبهات قتال جديدة في محافظات أخرى، وهذا ما حصل في كركوك والأنبار".
وقال إن ذلك "انتقال إلى خطة بديلة عن المواجهة على أطراف الموصل، بهدف تشتيت جهد القوات العراقية".
وأوضح النعيمي أن "قيادة العمليات المشتركة، ربما تغافلت عن الخطر الذي قد يشكله تنظيم داعش في المناطق الآمنة، لذا فقد أرسلت غالبية القطعات العسكرية إلى الموصل، وتركت بعض المناطق، خصوصا غرب الأنبار بقطعات عسكرية لا يمكنها معالجة خرق أمني كبير".
وعلى خلفية أحداث محافظتي كركوك والأنبار، فقد رفعت القوات العراقية درجة استنفارها في العاصمة بغداد، خوفا من هجمات يشنها تنظيم الدولة.
وقال الضابط في شرطة بغداد أحمد خلف، إن "تعلميات أمنية صدرت بضرورة توخي الحذر في جميع قواطع المسؤوليات الأمنية في بغداد بعد الهجومين على كركوك والأنبار".
وأضاف خلف، أن "الجيش والشرطة اتخذا سلسلة إجراءات أمنية لمنع حدوث خروقات، ولدى القوات الأمنية مخاوف من بعض مناطق شمال بغداد التي لا تزال تشكل تهديدا للأمن بسبب وجود الخلايا النائمة التابعة لتنظيم داعش".
وكثف مسلحو تنظيم الدولة هجماتهم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، خصوصا في العاصمة بغداد بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والهجمات الانتحارية، في الأشهر الأخيرة، بالتزامن مع انحسار نفوذهم على الأرض في شمال البلاد وغربها.