رصد نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي ما اعتبروه "غرائب"، وردت في الخطاب الذي ألقاه رئيس النظام
المصري عبد الفتاح
السيسي، في "المؤتمر الوطني الأول للشباب"، بمدينة شرم الشيخ، شمال شرقي البلاد، الثلاثاء، بعد أن قام بافتتاحه تحت عنوان "ابدع وانطلق"، ويستمر حتى الخميس، وسط جدل مشتعل حوله، لا سيما عن الدولة التي كان يقصدها بحديثه، وهل هي خليجية، معتبرين أن أقوى مواجهاته جاءت مع الناشطة أميرة العادلي، التي برر لها، ولشابين آخرين، سياساته القمعية.
لماذا دولة خليجية؟
وضرب السيسي المثل بدولة في التخلف ثم التطور، ورجحوا أنه كان يقصد دولة خليجية معينة، باعتبار أنها الدولة الأقرب إلى المواصفات التي تحدث عنها.
فقد تحدث السيسي عن إحدى الدول بصيغة المجهول، قائلا: "الدول اللي بتتكلموا عنها كان دولة منهم 2 مليون نسمة، ومساحة أرضهم 700 متر"، ثم تراجع، وغير الرقم قائلا: "700 كيلو"، مضيفا: "كانوا في قمة التخلف.. اتحط (وُضع) البرنامج، والناس مشيت، وكان فيه عنف".
وقالت مواقع إخبارية، ونشطاء كثيرون، إن الدولة الوحيدة في العالم التي تبلغ مساحتها قرابة 700 كيلومترا مربعا هي مملكة البحرين التي تبلغ مساحتها، تحديدا، 765 كيلومترا مربعا، ويبلغ عدد سكانها قرابة المليون ونصف المليون نسمة، وليس مليونين، كما قال السيسي، فضلا عن أنها تعرضت لموجة عنف في المناطق التي يغلب عليها الشيعة، قبل سنوات.
هكذا قال كلمة "عنف" مرتين
وأبدى نشطاء منهم خالد بيبو ومحمد ظريف، دهشتهم من طريقة كلام السيسي عند نطقه لفظة: "عنف"، إذ كررها مرتين، ومدَّ حروفها، ونطقها بعمق، وضغط على المخارج، قائلا: "وكان فيه عنف"، بين الثانيتين 32 و41 من مقطع الفيديو التالي:
يطالب بإخفاء خطابه وهو على الهواء
وأطلق مواقع إخبارية على خطاب السيسي وصف "الخطاب الذي طالب السيسي بإخفائه"، ووصف: "حديث السيسي الذي طلب عدم إذاعته"، مشيرة إلى أنه مع علمه بأنه على الهواء مباشرة، وأن هناك كاميرات عدة، تسجل وتبث كلمته، من زوايا مختلفة، إلا أنه توجه بالخطاب إلى المحيطين به، والمسؤولين عن تنظيم المؤتمر، وهو على الهواء، طالبا عدم إذاعة كلامه بالقول: "أرجو إن مش كل البيانات تتطلع لأن اللي أنا قولته ده لو طلع هيتعرف أنا باتكلم على مين".
ويرد على الشباب بتشاؤم: "دي مشكلة في كل مصر"
ووفق مراقبين، لم يستطع السيسي التخلص من النزعة التشاؤمية التي تسيطر عليه في خطبه العامة، على الرغم من وجوده بين شباب، وحديثه في مؤتمر يستهدف بث التفاؤل فيهم، إذ ردَّ على من شكا إليه منهم سواء من تردي الأحوال المعيشية، أو المهنية، أو العامة، ردودا اتسمت بالتشاؤم، وتبرير القمع، دون إعطاء أي طاقة إيجابية لهم في مواجهتها.
فقد شكا الشاب (شهاب سعيد صالح) من مشكلات الفقر والمواصلات بمركزه "بسيون" بمحافظة الغربية، وكذلك من عدم وجود ملعب بمركز الشباب، فطمأنه السيسي بالقول: "أومال إنتوا فاكرين البلد فيها ايه.. هو أنت فاكر المشكلة دي عندك أنت بس.. لا.. دي مشكلة في كل مصر".
وضرب المثل بمشكلة الصرف الصحي، الذي لا يغطي سوى 12% من المناطق الريفية، وفق قوله، ومشكلة السكة الحديد، التي تحولت إلى عبء على الدولة، بحسب وصفه، مختتما حديثه بالقول: "ما عندناش غير العمل".
ويدعو لعدم استدعاء "أي شكل من أشكال الاحتجاج"
وعندما شكا له شاب صيدلي من ضعف بدل العدوى الذي يحصل عليه الصيادلة، وتعرضهم للمعاملة كمواطنين من الدرجة الثانية، مستطردا: "مش عارف الكلام اللي بأقوله هيعود عليَّ بالسلب في شغلي ولا لأه"، رد السيسي ضاحكا: "لا بد هيعود عليك بالسلب"، فقال الشاب ساخرا: "الحمد لله إنك طمنتني".
وهنا استدرك السيسي: "لا.. طبعا.. قل ما شئت، وكل الكلام مسموع". وخاطب محدثه قائلا: "اعرف مصر فين.. مصر في موقف صعب قوي.. ومهم دلوقتي ألا نستدعي أبدا أي شكل من أشكال الاحتجاج إذا كنا حريصين على مصر".
مواجهة بين العادلي والسيسي تنتهي بتبريره القمع
أما أقوى مداخلة من الشباب أمام السيسي في المؤتمر فجاءت من قبل عضو المكتب السياسي لحزب "المصريين الأحرار"، أميرة العادلي، التي أكدت أن "عمليات الاقتراع كلفت البلد مصاريف كثيرة جدا".
وقالت: "بعد 30 يونيو نشعر بأننا مهمشون، وبأن دورنا مش موجود"، مشيرة إلى أن قانون تنظيم التظاهر كان أول ضحاياه هم من كانوا شركاء 30 يونيو، وفق وصفها.
وتابعت: "يجب ألا يحد قانون التظاهر من حرية التعبير عن الرأي، التي خرجنا بها من ثورة يناير"، مستطردة بالقول: "نشعر بأن هناك ضغطا علينا في حرية الكتابة والتعبير عن الرأي.. هناك شباب يعبر عن رأيه فيكون مصيره السجن".
وأردفت: "لا بد من حل المشكلة. ولجسر هذه الفجوة إحنا لازم يبقى عندنا سقف حريات، ونوصل صوتنا من غير ما نتحبس".
وردَّ عليها السيسي مبررا القمع بالقول: "الإجماع أمر صعب، وبعيد المنال، ومصر كانت بحاجة إلى ضبط نسبي للموقف، والدولة كانت على المحك.. وصدر القانون حتى لا ننزلق إلى مصير دول أخرى، ونتعرض للضياع".
وأضاف: "جوه التسعين مليونا فيه آراء وتوجهات مختلفة.. مرحب بيهم طبعا.. لكن نحرص على التوازن بين الحريات والدولة المصرية".
"أنا عاوزكم تبقوا قدامي مش ورايا"
وغلبت القهقهة على مداخلات السيسي في المؤتمر. وقال: "أتمنى أن يكون شباب مصر أحسن ناس في الدنيا، وأن يكونوا أمامي.. وأقعد أتفرج عليكم، وأتباهى بيكوا".
ثم مقهقها أردف: "أنا مش عاوزكم ورايا.. أنا عاوزكم قدامي".
عبوات من الجيش بنصف الثمن
وكان من الأمور المثيرة التي وردت على لسان السيسي أيضا، تصريحه بأنه سيتم إعداد 8 ملايين عبوة غذائية.. تُباع بنصف ثمنها بدلا من ثمنها، وهو خمسون أو ستون جنيها، لكنها "ستبقى بـ25 حنيها"، وفق قوله.