تشهد الساحة
المصرية العديد من الأرقام التي لا تتفق مع الواقع، أو تتعارض فيما بين تصريحات الرسميين والجهات الحكومية المختصة بإعداد البيانات، منها أرقام فرص العمل التي تم توفيرها والاستثمارات بقطاع الكهرباء ونسبة البطالة ومعدل التضخم والفقر.
ففي حديثه إلى رؤساء تحرير الصحف الحكومية قبل أسبوعين، قال الجنرال المصري إنه تم توفير 3 ملايين فرصة عمل في قطاع المقاولات بالمشروعات القومية التي تتم حاليا. وبعد أقل من أسبوعين من ذلك التصريح، قال الجنرال -خلال تعقيباته بمؤتمر الشباب بشرم الشيخ- إن المشروعات القومية وفرت ما بين 3 إلى 4 مليون فرصة عمل، وفي اليوم التالي كان عنوان إحدى الصحف الحكومية: توفير 4 مليون فرصة للشباب بالمشروعات القومية.
وبالرجوع إلى بيانات الجهاز المركزي للإحصاء المختص ببيانات العمالة في مصر، فقد كانت الزيادة في عدد المشتغلين بالعام الأول لتولي الجنرال 381 ألف شخص، وبالعام الثاني 702 ألف شخص، أي بإجمالي 1 مليون و83 ألف شخص للعامين، وهي بيانات تتضمن فرص العمل الدائمة والمؤقتة والموسمية معا.
والمفترض أن تكون بيانات جهاز الإحصاء أكبر من بيانات الجنرال التي اقتصرت على العمل بالمشروعات القومية فقط، بينما بيانات جهاز الإحصاء تشمل كل الأنشطة الحكومية والخاصة والتعاونية، لكننا نجد أن الفرع كان أكبر من الكل! وحتى بإضافة فرص العمل التي تحققت في سنة عدلي منصور، والبالغ مجموعها 328 ألف شخص، حسب جهاز الإحصاء، فإن الإجمالي للسنوات الثلاث 1 مليون و411 ألف مشتغل، أي أقل من نصف ما قاله الجنرال!
وكان وزير الكهرباء المصري صرح في مايو الماضي بمؤتمر عام بحضور الجنرال، ونقلته الفضائيات على الهواء مباشرة، أن إجمالي الاستثمارات التي تمت بقطاع الكهرباء بلغت قيمتها 515 مليار جنيه، لكن الجنرال نفسه ذكر بعد ذلك بعدة شهور في خطابات عامة أن إجمالي قيمة الاستثمارات التي تمت بقطاع الكهرباء بلغت قيمتها 400 مليار جنيه، أي بنقص 115 مليار جنيه عما ذكره الوزير.
وبالعودة إلى بيانات وزارة التخطيط المعنية برصد الاستثمارات المحلية العامة والخاصة، نجد أن قيمة الاستثمارات بقطاع الكهرباء بلغت بالعام الأول للجنرال حوالي 27 مليار جنيه، وفي العام الثاني 31 مليار جنيه، أي بإجمالي 58 مليار جنيه فقط للعامين، وحتى بإضافة استثمارات الكهرباء في عام تولي عدلي منصور، والبالغة 23 مليار جنيه، يصل إجمالي الأعوام الثلاثة 81 مليار جنيه فقط، أي أقل من رُبع ما قاله الجنرال.
نصيب الجيش في الاقتصاد
وفي المؤتمر الأخير للشباب المصري، قال الجنرال إن نصيب النشاط الاقتصادي للجيش من الناتج المحلي الإجمالي يتراوح ما بين 1 إلى 5ر1 %، وإذا كانت تقديرات الناتج المحلي الإجمالي الرسمية في العام المالي الحالي تصل إلى 3 تريليون و247 مليار جنيه، فإن نسبة الواحد بالمئة من الناتج تصل إلى 5ر32 مليار جنيه، بينما قيمة نسبة الواحد ونصف بالمئة تصل إلى 7ر48 مليار جنيه.
ونظرا لبلوغ مخصصات وزارة الدفاع بموازنة العام المالي الحالي 2016/2017، وحسب البيانات المنشورة على موقع وزارة المالية، تبلغ 47 مليار جنيه، فهل كان المقصود من حيث الجنرال هو مجرد النصيب بالموازنة الحكومية الناتج المحلي؟ لأن الحديث عن النشاط الاقتصادي للجيش يعني حجم أجهزته وشركاته العاملة بالنشاط الاقتصادي، وهي الجهات المتعددة التي امتد مجال عملها إلى أنشطة عديدة منها: الصناعة والزراعة والمقاولات والطرق والطب والتعليم والسياحة والتدريب وغيرها.
ورغم أن تلك الجهات والشركات لا تنشر أي بيانات مالية عن حجم أعمالها، إلا أن هناك تغول لدورها على حساب القطاع الخاص، شكا منه رجال الأعمال، وها هو الجنرال نفسه يصرح في مارس 2015 أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تقوم بالمشاركة في تنفيذ 1350 مشروعات، ما يدعو للتساؤل عن عدد وقيمة المشروعات التي تقوم أو تشارك بها الجهات الأخرى التابعة للجيش، مثل جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، التي تقوم بدور كبير في توفير السلع الغذائية بالأسواق، وجهاز الخدمات العامة والقوات البحرية، وغيرها من الجهات التابعة للجيش.
والتضارب ذاته فيما يخص المشروع القومي للطرق، حيث بلغ إجمالي أطوال الطرق، وحسب تصريحات المسؤولين، ما بين 3200 كيلو متر و3300 كيلو متر و34000 كيلو متر و3500 كيلو متر، أيضا التكلفة تراوحت ما بين 17 مليار جنيه وقيل 34 مليار جنيه، وقال وزير النقل في تصريحات صحفية في مايو الماضي إنها 40 مليار جنيه، بينما قالت إحدى الصحف الحكومية في يونيو من العام الحالي أن التكلفة تصل إلى مئة مليار جنيه.