نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للكاتب باتريك كوكبيرن، يقول فيه إن
العراق وتركيا تهددان بمحاربة كل منهما الآخر، حول من سيستلم السلطة في
الموصل وما حولها، بعد هزيمة
تنظيم الدولة.
ويشير المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن
تركيا نشرت الدبابات على الحدود مع العراق، وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر
العبادي إن العراق "لا تريد حربا مع تركيا"، لكنها مستعدة للقتال إن كانت هناك ضرورة لذلك.
ويقول كوكبيرن إن "المواجهة تزداد حدة في الوقت الذي يدخل فيه الجيش العراقي شرق الموصل، وتتوجه مليشيات الحشد الشعبي نحو بلدة تلعفر، مهددة بقطع آخر طريق هروب لتنظيم الدولة من الموصل إلى سوريا، وترى تركيا نفسها المدافعة عن العرب السنة في الموصل وشمال العراق، وهي الفئة التي تترك معرضة للأذى؛ بسبب الهزيمة المحتملة لتنظيم الدولة على يد القوات الشيعية والكردية، بمساعدة الطيران الأمريكي".
وتذكر الصحيفة أن اعتماد القوات المحاربة لتنظيم الدولة على الغارات الجوية وعلى الطائرات دون طيار ظهر يوم الأربعاء، عندما أخرت القوات العراقية الخاصة تقدمها شرق الموصل؛ بسبب الرطوبة العالية والغيوم، الذي جعل من الصعب على الطائرات تحديد ومهاجمة الأهداف على الأرض، مشيرة إلى أنها دخلت حي الغوغجلي الصناعي يوم الثلاثاء، وكانت تدور يوم الأربعاء من بيت إلى بيت؛ بحثا عن المتفجرات المصنعة يدويا والمصائد المتفجرة.
ويلفت المقال إلى أن سكان الموصل شرق نهر دجلة، الذي يقسم المدينة من منتصفها، يتكونون من متعلمين ومحترفين، كأطباء ومهندسين، وقليل منهم في الغالب يمكن أن يتعاطف مع تنظيم الدولة، حيث قال السكان في الشرق إنهم توقعوا انسحاب تنظيم الدولة إلى غرب الموصل، الذي هو أكثر تعاطفا معهم، عابرين الجسور الخمسة على نهر دجلة، التي يقول السكان إنها أصبحت كلها ملغمة بعبوات ناسفة.
وينوه الكاتب إلى أن رد فعل الحكومة العراقية على احتمال التدخل التركي كان غاضبا، وقال العبادي في مؤتمر صحافي في بغداد يوم الثلاثاء: "إن غزو العراق سيؤدي إلى تفكيك تركيا.. لا نريد حربا مع تركيا، ولا نريد مواجهة مع تركيا، لكن إن وقعت مواجهة فنحن جاهزون لها"، وأضاف أن العراق ستعد تركيا عدوا، وتتعامل معها على أنها عدو.
وتفيد الصحيفة بأن تبادل الشتائم بين أنقرة وبغداد استمر يوم الأربعاء، عندما شجب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو العبادي، ووصفه بـ"الضعيف"، متسائلا: "إن كانت لديك القوة، فلماذا سلمت الموصل للمنظمات الإرهابية؟ وإن كنت قويا فلماذا احتل حزب العمال الكردستاني أرضكم لسنوات؟"، لافتة إلى أن نائب رئيس الوزراء نعمان كورتولموش حاول التهدئة، فقال إن الحشد العسكري على الحدود إنما هو احتياط وليس تهديدا.
ويورد المقال أن القادة العراقيين كانوا لفترة طويلة يتهمون في الجلسات الخاصة تركيا بمساعدة المنظمات الشبيهة بتنظيم القاعدة، الذي يعمل في العراق مثل تنظيم الدولة، أو غض الطرف عنه، مستدركا بأن الكراهية الآن أصبحت معلنة من الطرفين، ففي 10 تشرين الأول/أكتوبر شن الرئيس رجب طيب
أردوغان هجوما شديدا على العبادي، فقال: "إنه يشتمني، لست من مستواي، أنت لست نظيرا لي، واصرخ كما شئت من العراق، لن يغير ذلك شيئا، سنفعل ما نريد أن نفعله"، وفي 23 تشرين الأول/أكتوبر، صعد أردوغان بقوله إن الموصل كانت تاريخيا تابعة لتركيا، ولذلك يجب أن تؤدي تركيا دورا في تقرير مستقبلها.
ويبين كوكبيرن أن "هناك 700 جندي تركي في قاعدة بعشيقة شمال الموصل، كانوا يقومون بتدريب قوة مليشيا من السنة العرب من شرطة الموصل، عددها حوالي 2500 فرد، وربما لا تكون هذه القوة بالحجم الكافي لتجعل تركيا لاعبا في النضال لتحرير المدينة، ويعتقد المراقبون السياسيون في أربيل أن تركيا لن تتدخل عسكريا، لكن هذا قد يتغير إن هاجم الحشد تلعفر، التي يؤلف السكان السنة من التركمان فيها 80%، وهي البلد التي يتحدر منها العديد من قيادات تنظيم الدولة وقضاته وشرطته الدينية، كما أن ما قد يحرك تركيا هو إن رأت حزب العمال الكردستاني يستفيد بوضوح من التطورات في الموصل وحولها، وهناك تفسير آخر ساخر لتركيز تركيا على الموصل، وهو أنها تريد إبعاد الأنظار عن صمتها تجاه ما يجري من هجوم سوري روسي على شرق مدينة حلب".
وتجد الصحيفة أن سقوط الموصل سيولد سلسلة من الأزمات؛ بسبب أن محافظة نينوى، التي تشكل الموصل عاصمة لها، تقطنها فسيفساء من الطوائف المتناحرة والمجموعات الإثنية، لافتة إلى أنه بعد سنوات من الحرب، فإن هؤلاء تقسمهم الكراهية العميقة، حيث يتهم كل من اليزيديين والأكراد والمسيحيين العرب السنة بالتعاون مع تنظيم الدولة، وهرب معظم العرب السنة إلى الموصل في سهول نينوى؛ خوفا من انتقام المسيحيين العائدين وأقلية الشبك، التي معظمها من الشيعة.
وبحسب المقال، فإنه يتم الانتقام بين الطوائف والمجموعات الإثنية، التي انضم بعضها إلى تنظيم الدولة، في الوقت الذي حاربه الآخرون، وقالت منظمة العفو الدولية إن المقاتلين القبليين السنة، الذين يقاتلون مع القوات العراقية، قاموا بعمليات انتقام ضد رجال وصبيان يشتبه بانضمامهم لتنظيم الدولة في المناطق "المحررة"، وقام المقاتلون من عشائر سبعاوي، وأصلهم من الموصل، بحسب منظمة العفو الدولية، باحتجاز مدنيين، وضربهم بقضبان حديدية، واستخدموا الصعقات الكهربائية في تعذيبهم، وربطوا بعضهم إلى مقدمات السيارات، وداروا بهم في الشوارع، بينما وضع آخرون في أقفاص، بحسب مقابلات مع مسؤولين وشهود عيان.
وتختم "إندبندنت" مقالها بالإشارة إلى أن كثيرا من النازحين من الموصل وما حولها، يقولون إنهم لن يعودوا حتى يعود الأمن، وهو ما سيأخذ وقتا طويلا.