تنتظر مصر والسعودية وسوريا بقلق معرفة من سيكون الرئيس القادم للولايات المتحدة الأمريكية؛ وكيف ستؤثر هويته في الأحداث التي تعصف بالمنطقة العربية.. هذا ما قالته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، التي عنونت تقريرها بـ"
العالم العربي ينتظر المدير القادم للشرق الأوسط".
الرئيس القادم
واعتبر تقرير للصحيفة العبرية أن هناك "زعيمين على الأقل لا يشعران بالقلق إزاء معرفة نتائج
الانتخابات الأمريكية، وهما بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس"، وفق ما ورد في ترجمة موقع "المصدر" الإسرائيلي.
وأكدت الصحيفة أن "نتنياهو ليس قلقا بشأن من سيصبح الرئيس القادم. فترامب من جانبه صرح بأقوال ترضي نتنياهو، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، كما أن نتنياهو اجتاز فترة ولاية أوباما بسلام، وسيكون بكل تأكيد قادرا على التعامل مع ولاية
كلينتون".
وأضافت: "إذا كان نتنياهو متأكدا، فيمكن أن يكون عباس مرتاحا أيضا؛ لأنه لن تنشأ أية عملية سلام جديدة في السنوات القادمة، ولن تظهر أية آمال في الأفق الأمريكي"، وفق الصحيفة العبرية؛ التي ترى أن "هناك عدة أسباب لدى بعض الزعماء في الشرق الأوسط لأن يكونوا قلقين وهم يتابعون بقلق الدعم الذي يحظى به كل من المرشّحين".
وتابع: "الأول هو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يحتاج جدا إلى ظهير أمريكي من أجل إنقاذه من الأزمة الاقتصادية التي تواجهها مصر"، لافتا إلى أن "العلاقات بين السيسي وروسيا أصبحت وطيدة، في حين يتابع البيت الأبيض بتشكك هذا التقارب، الذي أثمر من بين أمور أخرى اتفاقا لبناء مفاعل نووي لتوليد الكهرباء".
وتعتقد الصحيفة أنه في حال تم انتخاب
ترامب "قد يجد السيسي داعما جديدا، نظرا لتأييد الرئيس الروسي بوتين للمرشح الأمريكي ترامب، وذلك بصفته صديقا مشتركا لبوتين وترامب"، كما أنه وفق التقديرات في مصر؛ فإن "كلينتون لن تدع مصر تنهار، لكنها قد تتعامل معها كدولة هامشية ذات أهمية استراتيجية آخذة في التضاؤل، في الوقت الذي ستحاول فيه كلينتون تعزيز الحوار السياسي مع إيران، وهو جهد قد يغيّر من توازن القوى في الشرق الأوسط".
الخبر القاتم
أما بالنسبة للسعودية، فتؤكد "هآرتس"، أنها "تعاني في العامين الأخيرين من عدة ضربات سياسية شديدة، أخطرها الاتفاق النووي الإيراني وسياسة أوباما في سوريا، وأدت لنقل مركز السيطرة على البلاد إلى موسكو وإيران والأسد؛ وهي عالقة في حرب اليمن"، كما تقول الصحيفة الإسرائيلية.
ولفت التقرير إلى أن "هناك غضبا عارما في السعودية تجاه الرئيس باراك أوباما، ويعتبر الإعلام السعودي كلينتون خليفته في مجال السياسة الخارجية"، مؤكدا أن فوز كلينتون سيكون بمثابة "الخبر القاتم" للسعودية التي أبرمت صفقة تسليح ضخمة بقيمة 80 مليار دولار في فترة باراك أوباما.
ويتضح بحسب التقرير، أنه "لا المال ولا السياسات هي التي سترسم خطوط العلاقات بين كل من واشنطن كلينتون والسعودية"، لكن المرشح دونالد ترامب استغل هذه العلاقات الجيدة بين السعودية ومؤيدي كلينتون وعرضها كوصمة عار تلزم كلينتون بإعادة تلك الأموال؛ التي ساهمت بها السعودية في صندوق كلينتون في الوقت الذي كانت فيه هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية، وهو ما دفع الأمير السعودي الوليد بن طلال في كانون الثاني/ يناير 2016، إلى التغريد على حسابه في "تويتر" قائلا إنه من أنقذ ترامب من الانهيار عبر شراء يخت خاص به وفندق بلازا، وهو ما خفف من وطأة ديون ترامب.
وأشار التقرير إلى أن علاقة السعوديين الجيدة مع الرؤساء الجمهوريين في أمريكا، وخصوصا عائلة بوش، قد لا تكون كافية؛ لأن هذه المرة الحديث يدور عن ترامب وليس عن الحزب.
وهنا يتضح أن المعضلات الفورية في المنطقة تتعلق بكيفية إدارة الحرب ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا، ومستقبل الحل السياسي في سوريا، حيث يأمل كل من كلينتون وترامب بالتخلص في وقت قريب من هذه التركة الصعبة.
أمن إسرائيل
وفي تعليقه على ما ورد في التقرير، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة: "ليس سرا أن أمريكا تلعب دورا أساسيا ومحوريا في المنطقة، وهي تمسك بأكثر من ملف. فهي من يقود الحرب على الإرهاب كما تطلق عليها، إضافة لدورها التاريخي في عملية السلام بين مصر وإسرائيل، ودورها في عملية التسوية بين الفلسطينيين والاحتلال".
وأشار في حديث لـ"
عربي21"؛ إلى أن الولايات المتحدة هي "الداعم والضامن لأمن إسرائيل في المنطقة، وهي من لعبت دورا أساسيا في الاتفاق النووي مع إيران"، لكنها، وبحسب تأكيد أبو سعدة، "لا تقرر بكل ما يجري في المنطقة، فهي لم تكن راضية عن ثورة 30 يونيو بمصر، كما لم تكن حرب عاصفة الصحراء خيارا أمريكيا"، بحسب تعبيره.
ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن العنوان الذي اعتمدته الصحيفة الإسرائيلية، "يؤكد الاستخفاف بالعالم العربي وأنظمة الحكم والرؤساء والشعوب العربية؛ بأنهم لا يملكون مصير دولهم ولا منطقتهم، ومن يملك التصرف فيها هو المدير (الرئيس) الأمريكي".
وأكد أبو سعدة أن النظام المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي "يطمح بدعم أمريكي لإنقاذ مصر من حالة الانهيار التي تعاني منها"، لافتا إلى أن السعودية "منزعجة جدا من سياسية أوباما في الفترة الأخيرة بسبب الاتفاق النووي مع إيران وتردد أوباما في الموضوع السوري، كما أنها لا تعرف إلى أن تتجه السياسية الأمريكية خلال المرحلة المقبلة".
وقال: "الرئيس الأمريكي القادم سيحدد مصير نظام السيسي ووضعه الاقتصادي، وسيحدد مصير السعودية في سوريا وحربها في اليمن"، منوها إلى أنه بعد "انهيار العراق وسوريا تبقى السعودية ومصر هما أكبر قوتين عربيتين، أما باقي الدول العربية فلا يحسب لها حساب في المنطقة"، وفق تقديره.