سياسة عربية

التناقض الأمريكي في ليبيا.. دعم لحفتر وآخر لخصومه‎

لم يصدر عن مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني أو المجلس الأعلى للدولة، أو مجلس النواب- أرشيفية
بثت قناة النبأ الليبية 14 تسجيلا بين طيارين، يتكلمون بلهجة أمريكية، مع برج مراقبة مطار بنينا الجوي، الذي حوله اللواء المتقاعد خليفة حفتر من مطار مدني، إلى قاعدة جوية، لشن هجماته على مواقع معارضيه في شرق ليبيا.

وكانت فرنسا أعلنت في تموز/يوليو الماضي عن مشاركة قوات خاصة لها في بنغازي، ضمن صفوف قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بدعوى محاربة الإرهاب. مما دعا المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني إلى التنديد بهذه المشاركة الفرنسية التي تمت دون علمه أو التنسيق معه.

وفي الإطار ذاته تقصف الولايات المتحدة الأمريكية منذ أيلول/سبتمبر الماضي، أهدافا لتنظيم الدولة في سرت، بطلب من مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني الليبية، بصفته القائد الأعلى للجيش في ليبيا.

"إطالة أمد الصراع"

وفي تصريح لصحيفة "عربي21" قال الخبير العسكري عادل عبد الكافي: "إن الدعم اللوجستي الأمريكي والعسكري للواء المتقاعد خليفة حفتر، يأتي في إطار محاولة الإدارة الأمريكية إطالة أمد الصراع في ليبيا".

واستغرب عبد الكافي من الموقف الأمريكي المعلن تجاه دعم اتفاق الصخيرات السياسي، وفي الوقت ذاته دعم عملية الكرامة بقيادة حفتر، الرافض للاتفاق السياسي ومخرجاته.

وأضاف عبد الكافي، أن طبيعة الدعم العسكري الأمريكي لعملية البنيان المرصوص، ضد تنظيم الدولة في سرت، هو سياسي أكثر منه عسكريا، إذ إن قوة البنيان المرصوص، وبغطاء الجو الليبي قادرة على حسم المعركة في سرت.

وتابع: "أراد الأمريكيون أن يظهروا بمظهر الداعم للاتفاق السياسي، وليس كمساعدة عسكرية حقيقية كالتي قامت بها في العراق وسوريا بآلاف الغارات ودعم بالسلاح، وهذا لم يحدث مع قوات البنيان المرصوص، التي لم تتلق أي دعم يتماشى مع حجم المعركة ضد تنظيم الدولة، ولا حتى بالمعدات الفنية التي لا تدخل في الحظر المفروض على ليبيا، كأجهزة المسح الحراري للمتفجرات وبعض المعدات الفنية".

وأضاف الخبير العسكري أن "السياسة الأمريكية المتلاعبة تريد دائما إدارة الصراع، واللعب على عدة مسارات منها دعمها لحفتر الذي أثبتته تسريبات الملاحة الجوية لأكثر من 14 رحلة جوية للنقل العسكري ومعدات قتالية من قواعد تابعة لهم في كريت وإيطاليا".

ما يهم الولايات المتحدة

من جانبه اعتبر المحلل السياسي، الليبي وليد محمد، دعم الولايات المتحدة لقوات حفتر، جزءا من الحرب التي تشنها عبر العالم على تنظيم الدولة سواء في العراق أو سوريا واليمن، أو غيرها من البلدان، "انطلاقا من الشراكة مع أي حليف من الممكن أن يحقق لها هذه الغاية".

وأضاف محمد في تصريح لموقع "عربي21"، أنه "ليس بالضرورة أن يرتبط ذلك (دعم حفتر) بموقف معاد من الإدارة الأمريكية للاتفاق السياسي الليبي الموقع في منتصف كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي. بدليل أن للإدارة الأمريكية مبعوثا خاصا إلى ليبيا، يتابع مع كافة الفرقاء الليبيين تطورات الأزمة الليبية".

وأفاد المحلل السياسي، بأن الدعوى التي قدم حفتر نفسه فيها إلى الغرب كشريك في محاربة "الإرهاب"، جاءت في وقت استفحل فيه خطر التنظيم في أكثر من مكان في العالم. و"لذلك حاولت إدارة الرئيس أوباما استغلال حفتر في الحرب على الإرهاب في شرق ليبيا، بتزويده بخبراء عسكريين، وإمدادات لوجستية. إلا أنها في الوقت ذاته ترى أن حفتر ليس شريكا في السلام، وإنما أحد أدواتها في الحرب".

مواقف

لم يصدر عن مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني أو المجلس الأعلى للدولة، أو مجلس النواب، كمؤسسات ناتجة عن الاتفاق السياسي، أي مواقف مؤيدة أو معارضة لتسريب محادثات الطيارين الأمريكان مع القاعدة الجوية في بينيا.

وجاءت هذه التسريبات في وقت، تقريبا كل الأجسام السياسية الليبية تمر بحالة ضعف شديد، فالخلافات داخل أعضاء المجلس الرئاسي بشأن تشكيل حكومة وفاق وطني، وعدم الاتفاق كذلك على آلية لتطبيق مخرجات مؤتمر لندن الاقتصادية، باختيار وزير للمالية وآخر للاقتصاد، جعل حكومة السراج في موقف لا تستطيع معه استنكار أو إدانة أي تدخل.

وما يمر به المجلس الأعلى للدولة كذلك من خلخلة، خاصة بعد اقتحام بعض أعضاء المؤتمر الوطني، وحكومة الإنقاذ الوطني لمقره والاستيلاء عليه.

أما مجلس النواب، فهو من غير الممكن حسب خريطة وتركيبة أعضائه وميولهم السياسية، أن يستنكروا أو يعبروا عن رفضهم لأي تدخل غربي لصالح قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، إذ أن البرلمان وقيادة جيش حفتر، يتفقان في كل المواقف الأمنية والسياسية.