نشرت "كريستيان ساينس مونيتور" مقالا للكاتب بيتر غرير، يناقش فيه نتائج
الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي فاز فيها المرشح الجمهوري دونالد
ترامب في الوصول إلى البيت الأبيض، واصفا إياها بأنها نتائج تاريخية.
ويقول غرير إن الأمريكيين البيض في الريف قاموا بثورة سياسية لم يسبق لها مثيل في تاريخ أمريكا الحديث، دافعين برجل الأعمال الملياردير دونالد ترامب إلى انتصار رئاسي مذهل، مشيرا إلى أن "النتيجة تعد بشكل أساسي رفضا لواشنطن، بالإضافة إلى أنها أطاحت بطبقة الخبراء، الذين بقوا حتى مساء الثلاثاء يعتقدون أن
هيلاري كلينتون متجهة نحو فوز واضح، وإن كان بهامش ضيق، لكن اندفاعا جمهوريا لم تكشفه الاستطلاعات كلها أبقى على الحزب الجمهوري مسيطرا على مجلس النواب ومجلس الشيوخ أيضا".
وينقل المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا البروفيسور دونالد غرين، قوله في رسالة بريد إلكتروني: "قللت الاستطلاعات من شأن قوتين؛ إحداهما سخط الناخبين، والأخرى هي مدى ولاء الجمهوريين لمرشح حزبهم، بالرغم من تردد قيادات الحزب بشأن ترامب".
وتشير الصحيفة إلى أن "النتيجة ستبقى لمدة أربعة أعوام على الأقل، تكون فيها واشنطن موحدة تحت حكم حزب واحد، وتحبس أنفاسها لاحتمال تحول حاد في اتجاه البلد في قضايا رئيسة، مثل السياسة الخارجية والتجارة والهجرة والصحة والبيئة".
ويبين الكاتب أنه "على نطاق أوسع بالنسبة للبلد، فإن انتصار ترامب يقلب السرد للسنوات القليلة الماضية، فكثير من الناخبين المحافظين البيض وصلوا إلى حالة من اليأس؛ بسبب ما رأوه بأنه تراجع أمريكا اقتصاديا وعسكريا وثقافيا، ولشعورهم بأن البلد تنزلق نحو الهاوية، والآن هم قلبوا الطاولات على الناخبين الديمقراطيين بشكل قاطع".
ويلفت المقال إلى أنه بعد أن اتصال هيلاري كلينتون بترامب؛ للاعتراف بهزيمتها، فإنه قال لمؤيديه إنه هنأها على قيامها بـ"حملة قوية جدا جدا"، بالإضافة إلى أنه دعا إلى التصالح، وقال إنه وقت لتضميد جروح البلد وللوحدة، "كوننا شعبا واحدا موحدا"، وأضاف: "أعد كل مواطن في أرضنا، بأنني سأكون رئيسا للأمريكيين كلهم، وهذا أمر مهم بالنسبة لي.. ولأولئك الذين اختاروا ألا يدعموني.. أمد يدي إليكم، لنصائحكم ومساعدتكم؛ لنستطيع توحيد بلدنا العظيم هذا".
ويقول غرير إنه "يصعب على أي حزب المحافظة على الرئاسة لثلاث فترات متتابعة، وقد يكون هذا الأمر أدى دورا في فوز ترامب، لكن لدى إلقاء نظرة أولية على فوزه، فيبدو كأنه كان قدرا محتوما؛ حيث شكل البيض، الذين ليست لديهم شهادات جامعية، لبّ التيار المؤيد له، وخرجوا بأعداد كبيرة للتصويت".
ويضيف الكاتب أن "هذه الانتخابات خلطت نظام الولايات المتأرجحة المعهود، حيث فاز ترامب في كل من فلوريدا وأوهايو قبل منتصف الليل، كما فاز في ويسكونسن وبنسلفانيا، وشكلت الضواحي الغنية والمناطق النائية قلب التأييد له، فحصل على هوامش كبيرة في أماكن مثل مقاطعة نيوتن، وجورجيا، التي تبعد حوالي ساعة عن أتلانتا، وزيارة إلى هذه المنطقة في يوم الانتخابات كفيلة بإظهار أنها مضمونة لصالح ترامب، وكان المصوتون المؤيدون لترامب يأتون بأعداد كبيرة في سيارات بيك آب كبيرة".
وتورد الصحيفة نقلا عن آل فورتشيون، وهو مدير شركة شاحنات، قوله إن لديه قضايا سياسية مهمة، يعتقد أن ترامب سيقوم بمعالجتها إن تم انتخابه، وهي خلق وظائف جديدة، وإصلاح النظام الصحي، والاستقلال في مجال الطاقة عن الشرق الأوسط.
وينوه المقال إلى أن استطلاعات الرأي أظهرت أن ترامب كسب أصوات 80% من الناخبين الذين اعتبروا "التغيير" هو أهم أولوياتهم، مشيرا إلى أن فورتشيون يعد واحدا من هؤلاء الناخبين، وقال فورتشيون: "آمل بالتأكيد بأن يكون له أثر على الرئاسة، وأعتقد أنه سيأخذ البلاد إلى ما هو أسمى مما اعتدنا عليه في السنوات الثماني الأخيرة".
ويقول غرير: "الآن على ترامب أن يفي بما يتوقع ناخبوه منه، وهم يتوقعون منه أن يكون حازما في تحركاته".
وتذكر الصحيفة أن تايلر برويلارد من ولاية هامبشير في الشمال، قام بالتسجيل للانتخاب بصفته جمهوريا يوم الثلاثاء، ثم قام بالتصويت لدونالد ترامب، ويتوقع أن يكون التغيير سريعا في السياسات الأمريكية، بناء على من هو ترامب فقط، ويقول برويلارد: "أظن أنه سيكون هناك فرق كبير بين الوضع الآن وما كان عليه الأشخاص الآخرون كلهم الذين مروا علينا، بسبب الطريقة التي يتصرف بها (ترامب) فقط".
ويرجح الكاتب أن تتسبب خسارة مرشحة الحزب الجمهوري هيلاري كلينتون، بمعركة تبادل الاتهامات داخل الحزب الديمقراطي، حيث سيدفع الجناح الليبرالي في الحزب، ممثلا بالسيناتور إليزابيث وارين والسيناتور بيرني ساندرز، للدفع نحو التغيير الجذري في أجندة الحزب.
ويؤكد المقال أن "ترامب يمثل تغييرا كبيرا لشخصية الحزب الجمهوري، مركزا دون خجل على الأمريكيين البيض –على خلاف رغبات زعامة الحزب– ورفض مبادئ التجارة الحرة، التي يتبناها التيار الرئيسي في الحزب الجمهوري، ومع أن ذلك أكسبه الرئاسة عام 2016، إلا أن الوجه المتغير لأمريكا، حيث يزيد عدد سكان الهيسبانو، وتقل نسبة البيض، قد يتحدى هذه المقاربة في السنوات القادمة".
وتختم "كريستيان ساينس مونيتور" مقالها بالإشارة إلى قول الأستاذ المساعد في العلوم السياسية في جامعة "سوذرن ميثوديست" ماثيو ويلسون، إن استراتيجية ترامب "ليست استراتيجية جيدة على المدى الطويل".