تطمح العاصمة
النرويجية أوسلو إلى أن تصبح مدينة صديقة للبيئة، ومنافسة للعواصم الأوروبية والعالمية في مجال الاهتمام بمحيطها وبمجالها البيئي الحضري.
وترى بلدية أوسلو، من خلال مسؤوليها المحليين، الذين تم تجديد فريقهم بعد الانتخابات البلدية لشتنبر 2015، أنه حان الوقت لكي تصبح هذه المدينة نموذجا يحتذى به في القارة الأوروبية والعالم في العناية بالبيئة.
وقد برز الاهتمام أكثر بالمجال البيئي في برامج بلدية أوسلو، بعد تشكيل ائتلاف جديد لتسيير المدينة، يتكون من الحزب العمالي والحزب الاشتراكي اليساري والحزب الأخضر، لكون هذا الأخير دعا إلى تبني سياسات بيئية استثنائية.
وبفعل تغيير سياسة المدينة، دخل مجال الاهتمام بالبيئة من بابه الواسع بضغط من الحزب الأخضر، الذي بنى شروط تحالفه على جعل
البيئة نقطة مركزية في السياسة المحلية لأكبر وأهم مدينة في هذا البلد الاسكندنافي.
وتجلى ذلك في إعداد، ولأول مرة في تاريخ المدينة، ميزانية خاصة بالبيئة، منفصلة عن الميزانية العامة للعاصمة، لكي تأخذ نصيبا مهما من المناقشة في برلمان أوسلو، ويتم تقييمها كملف يحظى بالأولوية.
وتصل الميزانية المخصصة للبيئة والمحافظة عليها من حيث الاهتمام بالقطارات الداخلية ووسائل النقل العامة وبنياتها التحتية، إلى أكثر من 2.5 مليار كرونة نرويجية.
وكان رئيس الحكومة المحلية بأوسلو رايمون يوهانسن، قد قال في أحد اللقاءات، إن "العاصمة النرويجية تولي اهتماما كبيرا بالمجال البيئي، مشيرا إلى أنه تم وضع ميزانية خاصة بها".
وأبرز يوهانسن أن البيئة تعد من أولويات التدبير الجماعي بالمدينة، مضيفا أن بلدية أوسلو يحذوها طموح لتوسيع الاهتمام بالبيئة ليشمل مجالات وقطاعات عدة.
من جهته، اعتبر عبد الله الصايغ، العضو ببلدية أوسلو عن الحزب العمالي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الميزانية الخاصة تتضمن أهدافا واضحة، بمشاريع جديدة من شأنها جعل العاصمة النرويجية صديقة للبيئة.
وأكد أن المشاريع، المزمع إنجازها، تعد بمنزلة خارطة طريق بيئية تروم الحد من ثاني أوكسيد الكربون، عبر استهداف ميدان النقل، وذلك على الخصوص، بإحداث نفق جديد لقطارات الأنفاق، وبناء مسارات للدراجات الهوائية تشجيعا على استخدامها داخل المدينة.
وأشار إلى أن البلدية ترغب في تقليص احتياج المباني للطاقة، باعتبارها من الأسباب المؤثرة في ارتفاع ثاني أوكسيد الكربون، وكذا الدفع نحو المزيد من استعمال السيارات الكهربائية، بتوسيع مجال الاستفادة من محطات جديدة لشحن هذا النوع من السيارات.
وتأتي هذه الخطوة لكون سوق السيارات الجديدة بالنرويج عرف ارتفاعا في نسبة الإقبال على السيارات الكهربائية الصديقة للبيئة، باستحواذها على نحو 17.1 في المائة من حصة هذه السوق خلال سنة 2015، وتم تسجيل نحو 26 ألف سيارة كهربائية، وهو مستوى لم يسبق له مثيل في العالم.
ومن ضمن المشاريع البيئية، التي تروم جعل أوسلو مدينة نموذجية في المجال البيئي، هناك تنفيذ مشروع يروم تغيير جميع حافلات النقل العمومي بأخرى تعمل بالطاقة الكهربائية في أفق سنة 2020.
ويمكن لهذه الحافلات، التي سيتم تعميمها بشكل تدريجي، أن تعمل بطاقة كاملة ما بين 10 و 12 ساعة دون أن تكون في الحاجة إلى إعادة شحنها.
ومن أجل التحسيس بأهمية البيئة والمجهودات الدولية، كانت محطة التزلج الكبرى (هولمنكولن) بالعاصمة النرويجية، قد اكتست حلة جديدة وهي تضاء باللون الأخضر، إيذانا بإعلان مساندة الإجراءات الدولية المتخذة حول التحديات
المناخية.
ويعتبر هذا الميدان من رموز المدينة الرياضية، التي تشكل خلال فترتي الخريف والشتاء ملاذا مفضلا لممارسة التزلج والتزحلق على الجليد في النرويج، التي يهتم سكانها بهذه الرياضة، من حيث الممارسة الاحترافية أو الهاوية منذ الصغر.
كما أنها من البنايات التي لا تخطئها العين من بعيد داخل أوسلو، ومحط زيارة آلاف الأشخاص في معظم فترات السنة، لكونها من العلامات المميزة للعاصمة النرويجية التي تحتفي بهذه المعلمة كل سنة بتنظيم تظاهرات رياضية.
وتمت إضاءة المحطة، الأشهر في هذا البلد الاسكندنافي، باللون الأخضر في اليوم الذي دخل فيه اتفاق باريس للمناخ حيز التنفيذ (رابع تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري) من أجل تخليد هذا الاتفاق الدولي التاريخي.
وعبرت مفوضة البيئة والنقل ببلدية أوسلو لان ماري بيرغ ني، عن أملها في أن تكون جل المعالم الكبرى بالنرويج مضاءة باللون الأخضر.
وكانت النرويج قد صادقت، في يونيو الماضي، على اتفاق باريس للمناخ، بعدما صوت برلمان البلاد في الشهر ذاته على هذه الخطوة، في إطار مخطط يهدف إلى أن يصبح هذا البلد خاليا من ثاني أوكسيد الكربون بحلول سنة 2030.
وهذا الاتفاق الدولي أول خطة عمل عالمية للحد من آثار التغير المناخي، حيث يؤكد المسؤولية المشتركة بين الدول، مع مراعاة مستوى التنمية للبلدان النامية.
يذكر أن النرويج تعد من البلدان التي اهتمت في وقت مبكر بالبيئة، وهي رائدة على المستوى الدولي في مواجهة التحديات البيئية، وتوفير حوافز للابتكار في هذا المجال.