نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا للكاتبة نجمة بوزرغمهر، تقول فيه إن إيران تحاول البحث عن سياسة للتكيف مع التغيرات الرئاسية في الولايات المتحدة، بعد انتخاب دونالد ترامب.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الأسواق المالية في طهران تراجعت بنسبة 5% بعد انتصار المرشح الجمهوري دونالد
ترامب، وجاءت التراجعات بسبب المخاوف من أن الرئيس القادم سيحاول إلغاء الاتفاقية التاريخية، ويدفع الجمهورية الإسلامية إلى العزلة الدولية.
وتستدرك الكاتبة بأن الأسواق ردت بسرعة، بعد خطاب ترامب، الذي قال فيه إنه سيعمل مع كل فرد، ويحاول البحث عن أرضية مشتركة للتعاون، وليس العداء، مشيرة إلى أن تعافي السوق المالية جاء نظرا لاعتقاد عدد من قادة النظام بأن رئاسة ترامب لن تكون كما يعتقد الكثيرون.
وتلفت الصحيفة إلى أنه حتى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي
خامنئي، الذي عادة ما يهاجم الحكومة الأمريكية، قدم تصريحات حذرة يوم الأربعاء، وقال في أول تعليق علني له على الانتخابات الأمريكية، إن نظامه "ليس قلقا" بشان نتائج الانتخابات الأمريكية، ووصول رجل وصف
الاتفاق النووي بأنه "أسوأ اتفاق على الإطلاق"، وأضاف المرشد الأعلى أن بلاده مستعدة لأي احتمال.
وينقل التقرير عن مصدر مطلع ومقرب من النظام، قوله إن خامنئي، الذي أقسم ألا يعيد العلاقات مع واشنطن طالما ظلت "قوة بلطجة"، لم يكن حزينا لانتخاب ترامب للرئاسة، مشيرا إلى أن الطرفين قد يجدان تقاطعا في المصالح؛ "وهذا بسبب هجوم ترامب على السياسة الأمريكية التقليدية، ولموقفه من روسيا، وتنظيم الدولة، والسعودية"، وأضاف المصدر أنه "على ما يبدو، فقد فضل ترامب على هيلاري كلينتون، طالما لم يدمر الاتفاق النووي".
وتنوه بوزرغمهر إلى أن ترامب تحدث عن تحسين العلاقات مع روسيا، التي تدعم، مثل
إيران، النظام السوري، وقال إن أولويته الأولى في الحرب السورية، التي مضى عليها خمسة أعوام وأكثر، هي مواجهة تنظيم الدولة وليس الإطاحة بنظام بشار الأسد، بالإضافة إلى أنه طرح أسئلة حول علاقة الولايات المتحدة مع السعودية، التي تعد المنافس الإقليمي لإيران، وقال إنه سيقلل من التزامات الولايات المتحدة الأمنية الدولية.
وتذكر الصحيفة أن عددا من المسؤولين الإيرانيين بدأوا إرسال رسائل للرئيس المنتخب للتعاون في منطقة الشرق الأوسط، مفترضين عدم قيامه بتخريب الاتفاق النووي، الذي دمج في القانون الدولي، بعد إقراره في مجلس الأمن، وأن عاقد الصفقات التجارية يمكن أن يتحول إلى رئيس براغماتي.
ويورد التقرير نقلا عن المستشار العسكري للمرشد الأعلى يحيى رحيم صفوي، قوله هذا الأسبوع: "نأمل أن يقوم الرئيس الأمريكي المنتخب بتغييرات ملموسة (في سياسات الشرق الأوسط)؛ للمساعدة في اقتلاع جذور انعدام الأمن في المنطقة".
وبحسب الكاتبة، فإن المسؤولين الإيرانيين يراقبون بقلق من سيعين وزيرا للخارجية، وسط تكهنات بمنح المنصب للسفير السابق في الأمم المتحدة، وأحد رموز المحافظين الجدد في إدارة جورج دبليو بوش، جون بولتون، الذي دعا العام الماضي إلى هجوم عسكري ضد إيران؛ لمنعها من بناء القنبلة النووية، لافتة إلى أنه من بين المرشحين للمنصب أيضا، عمدة نيويورك السابق رودي جولياني، الذي حصل على أجور مقابل خطابات ألقاها أمام حركة مجاهدي خلق المعارضة للنظام الإيراني.
وتعلق الصحيفة قائلة إن "أي تغير في العلاقات الأمريكية مع إيران سيترك تداعيات على الجمهورية الإسلامية وسياستها المحلية، فلو تم إضعاف الاتفاقية النووية، فإن موقع الرئيس حسن
روحاني سيتعرض للخطر، خاصة أنه يعده انتصارا للمعسكر المعتدل الذي يمثله، ويأمل روحاني بعودة الاستثمارات الأجنبية، وتقوية الاقتصاد الإيراني قبل انتخابات أيار/ مايو المقبلة، حيث ستمنحه تفويضا -لو فاز- للحد من تدخل المتشددين والحرس الثوري الإيراني".
ويفيد التقرير بأن الإصلاحيين الإيرانيين يقولون إن أسوأ السيناريوهات، هو أن يكون لديك نظام متشدد في طهران وإدارة صقورية في واشنطن، مشيرا إلى أن المتشددين انتقدوا الاتفاق النووي؛ لأنه لم يؤد إلى منافع إيجابية على إيران.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن عددا من المسؤولين داخل إدارة ترامب يشككون في إمكانية قيامه بإلغاء الاتفاق النووي، لافتة إلى قول السيناتور الجمهوري عن ولاية تينسي بوب كروكر: "لا أعتقد أنه سيمزقه، ولا أعتقد أن هذه هي الطريقة للبداية، ويجب عليه بناء إجماع مع الدول الأخرى بأن إيران تقوم بخرق الاتفاق النووي".