يرى خبراء أمنيون أن "تنظيم الدولة في
ليبيا، يعد أخطر تنظيم في مناطق شمال
أفريقيا والساحل وحتى في غرب أفريقيا، بالرغم من تواجد تنظيمات أخرى أقدم منه على غرار تنظيم "
القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وبعض فروعه التي انشقت عنه، أو عادت وانضمت إليه، فضلا عن "
بوكو حرام".
وقال الخبير في العلاقات الدولية من جامعة باتنة (شرق الجزائر) علي كودير: "تحولت الصحراء الكبرى التي تشمل دول الجزائر وليبيا ومالي والنيجر وموريتانيا، إلى مكان مثالي لتخفي مجموعات تسمي نفسها جهادية".
وأضاف: "تكاثرت الجماعات السلفية الجهادية في الصحراء الكبرى، ففي عام 2000، كانت المنطقة خالية تقريبا من المسلحين باستثناء مجموعة صغيرة تنتمي لتنظيم مسلح جزائري (الجماعة السلفية للدعوة والقتال، المسماة حاليا تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي)، أما اليوم فإن ما لا يقل عن سبع مجموعات مسلحة تنتشر في الصحراء".
ووفق هذا الخبير، فإن هذه الجماعات "تمارس عمليات مسلحة، كما أنها تحصل على التمويل من خلال تنفيذ عمليات اختطاف لرعايا دول غربية ثم المطالبة بفدية للإفراج عنهم".
أما سبب تزايد عدد هذه الجماعات في المنطقة بحسب محدثنا، فهي "الفوضى التي شهدتها الصحراء الكبرى وغرب وشمال أفريقيا بعد اندلاع الثورة في ليبيا في 2011، وما تبعها من انتشار لعمليات تهريب السلاح في كامل المنطقة".
وقال مصدر أمني جزائري، إن "تنظيم الدولة في ليبيا، يمثل أكبر تهديد أمني لمنطقة شمال وغرب أفريقيا والساحل".
وأشار المصدر، الذي طلب عدم كشف هويته، إلى "وجود سبع منظمات مسلحة رئيسة تنشط في منطقة شمال أفريقيا وغربها وفي الصحراء".
وبحسب المصدر ذاته "فإن التقارير الأمنية الجزائرية تؤكد أن تنظيم الدولة في ليبيا، يبقى مصدر تهديد رئيس لأمن منطقة المغرب العربي وغرب أفريقيا، والسبب أنه ليس مجرد مجموعة مسلحة قليلة العدد بل قوة شبه عسكرية".
وأضاف أن "وجود حدود شاسعة تربط ليبيا بدول المنطقة يسهل وصول المقاتلين إلى هذا البلد، بالإضافة إلى وجود مخزون مهم من السلاح فيه".
وقال مصدرنا الذي يعمل على ملف مكافحة الإرهاب، إن "ما يؤكد مخاوف الجزائر من التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة في ليبيا على حدود الجزائر هو وجود قوات جزائرية ضخمة على الحدود الليبية يصل تعدادها إلى 50 ألف عسكري في شريط حدودي يمتد على طول 1000 كلم تقريبا".
من جانبه يرى محمد داخر، عضو لجنة الخارجية في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان الجزائري) بين عامي 2007 و2012، أنه "رغم أن تنظيم الدولة في ليبيا، لم يستهدف إلى غاية الآن الجزائر، فإن كل المؤشرات تشير إلى أنه سيفعل ذلك في حال أتيحت له الفرصة، وهذا الأمر دفع القيادة العسكرية وقيادة أجهزة الأمن الجزائرية إلى التركيز بشكل كبير على مراقبة الحدود البرية مع ليبيا والتعاون الأمني والعسكري مع الجارة تونس التي ترتبط بحدود برية طويلة مع ليبيا (نحو 500 كيلومتر)".
وبحسب الدكتور محمد تاواتي، الخبير الأمني الجزائري (أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الأغواط جنوب الجزائر)، فإن أقوى المنظمات المسلحة في شمال أفريقيا وغربها هي تنظيم الدولة في ليبيا، والسبب لا يتعلق بسيطرتها على أراض ومدن، بل بسبب امتلاكها معسكرات لتدريب مقاتلين قادمين من مختلف الدول في العالم".
أما جماعة بوكو حرام، فإن خطورتها أقل بحسب الخبير الأمني الجزائري، والسبب هو "أنها تفتقر للهيكل التنظيمي الفعال، حيث إن هذه المنظمة فشلت في تنفيذ عمليات نوعية ضد أهداف كبرى، وبقي عملها يقتصر على عمليات اختطاف في نيجيريا مثلا، ولم تستهدف مصالح غربية كبرى في المنطقة".
ويرى تاواتي، أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، يبقى عنصر تهديد بالغ الخطورة، وقد "تراكمت لدى هذا التنظيم خبرة حرب بدأها ضد الجيش الجزائري قبل ربع قرن، حيث إنه تم تأسيس تنظيم القاعدة في بلاد المغرب عام 2007، على أنقاض الجماعة السلفية التي قاتلت الجيش الجزائري في الحرب التي بدأت بعد إلغاء نتائج انتخابات نيابية في الجزائر فاز بها الإسلاميون عام 1992".
ويأتي بعده وفق هذا الخبير "تنظيم (المرابطون) الموالي لـ(القاعدة)، والتي يقودها الجزائري مختار بلمختار، وهي أيضا جماعة شديدة الخطورة، حيث نفذت في كانون الثاني/ يناير 2013 (عندما كان اسمها "الموقعون بالدم" قبل أن تتوحد مع جماعة أخرى وتصبح باسم "المرابطون") عملية احتجاز دموية لرهائن في مصنع للغاز جنوب الجزائر أسفرت عن مقتل 38 رهينة بعد تدخل قوات خاصة جزائرية لتحريرهم"، والقضاء على جميع العناصر المسلحة التي نفذت الهجوم.
ويعد تنظيم الدولة في تونس بحسب المتحدث ذاته "رغم قلة عدد عناصره، مجموعة شديدة التنظيم ومتماسكة وتعتمد على تكتيك العمليات النوعية في المدن، أما (
داعش) في شمال مالي فهو أقل قوة، وأعلن مؤخرا المسؤولية عن أول (ثاني) عملية مسلحة له حيث إنه هاجم سجنا قرب عاصمة النيجر نيامي".
ليبيا ومالي الحلقتان الأضعف
ويقول الصحفي المالي المختص في الشأن الأمني دواردو كانو، للأناضول: "أعتقد أن ليبيا ومالي هما الحلقة الأضعف في الحرب على الإرهاب في المنطقة والسبب نقص الإمكانات لدى دولة مالي الفقيرة، أما ليبيا فإنها تعاني من التفكك".
وقدر الصحفي المالي عدد المقاتلين المنتشرين في الصحراء الكبرى، خاصة شمال مالي وشمال النيجر "بما لا يقل عن ألفي مسلح، يتوزعون على منظمات (المرابطون) و(القاعدة في بلاد المغرب) و(أنصار الدين) وتنظيم الدولة في شمال مالي".
ويضيف الصحفي المالي: "أما جماعة بوكو حرام التي بايعت داعش سابقا وكانت تسمى (جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد) فهي جماعة تضم عددا كبيرا من المسلحين قد يتجاوز الثلاثة آلاف مسلح، وتقاتل الحكومة النيجيرية منذ سنوات، كما أنها شنت هجمات عدة في دولة تشاد المجاورة".
ووفق محدثين، فإن "فرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب في شمال مالي يعد أقوى الفصائل المسلحة في شمال مالي ويقوده المطلوب دوليا يحيى أبو الهمام، وهو جزائري، ويعد هذا الفرع جماعة مسلحة دولية تنشط في ثلاث دول (مالي والنيجر والجزائر)، ونفذ عمليات إرهابية في دول عدة، منها بوركينا فاسو ومالي والنيجر والجزائر وموريتانيا".
وتابع: "أما منظمة (المرابطون) فيقودها القيادي في تنظيم القاعدة مختار بلمختار الذي بايع الظواهري على السمع والطاعة، وأما منظمة أنصار الدين، فهي جماعة جهادية تتشكل من شعب الطوارق، كما أنها جماعة عرقية تتشكل في أغلبيتها من سكان شمال دولة مالي".
من جهة أخرى، قال هذا الصحفي المالي "جماعة أنصار الدين، لها حضور كبير في المنطقة حيث أعلن قائدها إياد غالي، نفسه أميرا على شمال مالي التي تسمى إقليم أزواد، في 2012 بعد سيطرة فصائل مسلحة على الإقليم الذي انفصل عن دولة مالي، واستلزم الأمر تدخل الجيش الفرنسي عسكريا لإعادة سيطرة الحكومة المالية على الإقليم ضمن عملية سرفال، العسكرية في 2013".
وأضاف كانو: "كما توجد جماعة منشقة عن منظمة (المرابطون) بايعت تنظيم الدولة في شمال مالي ويقودها أبو الوليد الصحراوي (تنظيم الدولة في الساحل والصحراء)".
وتمثل منطقة الصحراء الكبرى والساحل التي تمتد عبر مالي والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا وجنوب الجزائر وليبيا، وحتى تشاد، منطقة نشاط رئيسة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب ومنظمة (المرابطون) المتحالفة معه (اندمجت معه).