خرج الوزير السلفي المثير للجدل باليمن، هاني
بن بريك، بتصريح جديد يحرض على
المساجد في أحدث هجوم على خصومه الإسلاميين، ويتهمها -أي المساجد- بأنها بؤر للمفجرين و "فقاسة للانتحاريين"، وطالب في الوقت نفسه بتجريدها من ما وصفهم بـ"
التكفيريين والحزبيين".
جاء ذلك في تغريدات نشرها على حسابه بموقع "تويتر" السبت، تعليقا على الهجوم الانتحاري الذي استهدف تجمعا للجنود بجانب معسكر الصولبان شرقي عدن، وأسفر عن سقوط العشرات بين قتيل وجريح.
ويسعى القيادي السلفي الذي يسود الاعتقاد على نطاق واسع قربه من
الإمارات، وفقا لمراقبين، من خلال اللعب على هذا الوتر بعد كل حادثة تفجير في عدن، لـ"تكريس خط الهيمنة الذي ينتهجه الرجل على دور العبادة وإبعاد المناوئين له فكريا من منابرها".
ويقود ابن بريك، قوات الحزام الأمني في عدن، إلى جانب عمله وزيرا للدولة في الحكومة الشرعية (وزارة بلا حقيبة).
ماذا قال ابن بريك؟
وكتب وزير الدولة في الحكومة
اليمنية، هاني بن بريك على حسابه بموقع "تويتر" أن بؤر المفجرين المنتحرين هي "المساجد" الحاضنة لفكرهم ... ومن المؤسف أن نجد من يقف ضد تطهير المساجد من دعاة هذا الفكر الإجرامي، فلا بد من وقفة حزم صارمة.
وأضاف في تغريدة ثانية أن الحكومة ممثلة بوزارة الأوقاف إن لم تقف بقوة لتجريد المساجد من تبعية الأحزاب ومن التكفيريين التفجيريين، فسيستمر التفريخ لهؤلاء مادام الفقاسة شغالة (أي تعمل).
لكنه في تدوينة ثالثة، برأ الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، واتهم من أسماهم بمشايخ التكفير، وقال إن "عفاش (كنية تطلق على صالح) يملك تصنيع قادة للقاعدة، ويملك الدعم المالي والمعلوماتي لها، لكن لا يملك الإقناع بالانتحار للصغار، وهذا ما يملكه مشايخ التكفير للحكومات".
رأس حربة ضد الإسلاميين
وفي هذا الإطار، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي إن هاني بن بريك وزير دولة في الحكومة اليمنية، لكنه لا يمثل خط الحكومة السياسي والوطني والوحدوي، فهو يعمل تحت الإشراف المباشر لقائد القوات الإماراتية في عدن. مضيفا أنه تحول بالفعل إلى رأس حربة في المعركة التي تتبناها "أبو ظبي" لاستهداف تيار الإسلام السياسي، وفي القلب منه "الإخوان المسلمين" الذين ينظر إلى الإصلاح في اليمن على أنه جزء منهم.
وأكد في حديث لـ"
عربي21" أن التحول الخطير في خطاب "ابن بريك" هو اللافت، فقد تبنى مفردات كان من المستغرب أن تصدر عنه عندما استخدم مصطلح "التكفيريين"، الذي أنتجته منظومة الدعاية الإيرانية الشيعية في المنطقة، في وقت ينتمي فيه ابن بريك إلى التيار السلفي الذي يوصف بأنه "تكفيري".
وتابع قائلا: "حين يضع رجل دين نشأ وتكونت مواهبه السياسية من الخطابة والنشاط الدعوي ضمن الحركة السلفية، المساجد هدفا له ويتهمها بأنها "بؤر المفجرين" و"فقاسة الانتحاريين"، فهذا يعني أن الرجل قد خرج من ثوبه كرجل دين، وبات أداة قمع سياسية موجهة ضد السلفيين أنفسهم وليس فقط الإصلاحيين. على حد قوله.
وحسب التميمي، فإن الرجل منصهر بشكل وثيق ضمن مشروع إعادة صياغة العقيدة الدينية لليمنيين، عبر الاستهداف العسكري والأمني للصيغة الدينية القائمة، "وهذه ممارسة تقتصر في العادة على أجهزة الاستخبارات ومنتسبيها" وفق التميمي.
ورقة للمزايدات
وفي شأن متصل، يرى الباحث اليمني في شؤون التيارات الإسلامية، أحمد مفضل أن الإرهاب آفة تأكل الأخضر واليابس في اليمن وغيرها، وتقوض من وجود الدولة، ولا أظن أنه يوجد عاقل في الأرض يؤيد هذه الأعمال الإرهابية أو يسكت عنها.
لكن مفضل اعتبر في حديث لـ"
عربي21" أن المشكلة المؤرقة، تكمن في تحول ملف الإرهاب إلى ورقة للمزايدات وكل طرف يتخذها ضد الآخر، حتى صارت أداة للتراشقات البينية بين الخصومات الأيديولوجية.
اما قضية المساجد، وفقا لمفضل، فإنه من الطبيعي جدا أن تتخذ الدولة بعض الإجراءات والاحترازات لرقابتها، خصوصا في الظروف المضطربة وغير الآمنة لمحاصرة الثقافة العدوانية والانتقامية بشكل عام.
لكنه استدرك قائلا: "فزاعة الإرهاب لا يجب أن تستخدم كتهمة لإسكات الخصم المنافس... وبما أن الوزير ابن بريك يرفض الخطاب التكفيري، لكنْ ليته يعلن إلى جانب ذلك أنه ضد الخطاب المناطقي والجهوي والطائفي والفئوي، وكل الأطروحات التي تؤدي إلى تمزيق النسيج المجتمعي وتفخخه بالعدوانية".
أزمة مع الإصلاح
وفي نهاية آب/ أغسطس الماضي، فجر القيادي السلفي، ابن بريك الذي يوصف بأنه أحد أبرز الشخصيات النافذة في عدن، أزمة مع التجمع اليمني للإصلاح عقب اتهام جماعة الإخوان المسلمين وحزب الإصلاح الذراع السياسي لها، بشكل ضمني عبر وسم "#ثار_عدن_سيحرق_الإخوان"، بعلاقتهم بالتفجير الانتحاري الذي تبناه تنظيم الدولة، واستهدف مركزا لطالبي التجنيد في عدن، ما أدى إلى سقوط أكثر من 100 بين قتيل وجريح.
هذا الاتهام دفع بحزب الإصلاح إلى نفي ما أسماها بـ" الافتراءات والاتهامات" التي وجهها وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء، مطالبا الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته باتخاذ موقف واضح إزاء ذلك، ودعا إلى إقالته ومحاسبته.
وكان الصحفي السعودي، ومدير قناة العرب، جمال خاشقجي، قد وجه انتقادا لاذعا لهاني بن بريك، عقب توعده بالثأر من الإخوان، ووصفه بأنه "مشروع فتنة".