بعد ساعات من وقوع حادث
تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة صباح الأحد؛ طالب نواب وسياسيون وإعلاميون مؤيدون للانقلاب، بحزمة من التدابير والإجراءات الاستثنائية المقيدة للحريات، من بينها تعديل الدستور وقوانين التقاضي لمحاكمة المتهمين في قضايا
الإرهاب أمام المحاكم العسكرية، بدلا من القضاء المدني.
وبحسب مراقبين؛ فإن نظام عبدالفتاح
السيسي إن لم يكن هو الذي يقف وراء هذا الحادث؛ فإنه على الأقل يستغله بشكل كبير لقمع معارضيه السياسيين، وإحكام قبضته على الحكم.
وعقب جنازة ضحايا الحادث الذي أسفر عن مصرع 24 شخصا؛ طالب قائد الانقلاب البرلمان والحكومة بالتحرك السريع لإصدار قوانين تتصدى للإرهاب بشكل فعال وحاسم، عبر تعديل القوانين التي وصفها بـ"المكبِّلة التي تمنع توقيع الجزاء الرادع على الجناة".
تطبيق المحاكمات العسكرية
وأعلن العديد من أعضاء مجلس النواب، الاثنين، موافقتهم على تعديل الدستور حتى تحال قضايا الإرهاب إلى القضاء العسكري.
وفي هذا الإطار؛ قال رئيس البرلمان علي عبدالعال، إن المجلس عاقد العزم على مواجهة الإرهاب بالتدابير والتشريعات المناسبة، حتى لو تطلب الأمر تعديل الدستور.
وأضاف خلال كلمة ألقاها أمام المجلس أثناء جلسته العامة الاثنين: "أقولها بكل صراحة، نحن مستعدون لتعديل الدستور بما يسمح للقضاء العسكري بمواجهة الإرهاب"، فصفق غالبية النواب تصفيقا حادا، ورددوا هتافات وطنية جماعية.
وأعلن عبدالعال أنه كلف لجنة الشؤون التشريعية بالمجلس، بدراسة تعديل القوانين المتعلقة بقضايا الإرهاب، بما يضمن تحقيق العدالة الناجزة، ومن بينها قانون الإجراءات الجنائية، والطعن أمام محكمة النقض، وقانون الإرهاب، وتقديم تقريرها بهذه التعديلات خلال أسبوع واحد.
وذهب رئيس البرلمان بعيدا حينما ألمح إلى مزيد من التدابير القاسية في هذا الملف، حيث قال إن إحدى الدول الديمقراطية العريقة، في إشارة إلى فرنسا، تقوم الآن بتعديل دستورها لإسقاط الجنسية عن الإرهابيين المتجنسين بجنسيتها، وتعديل صلاحيات السلطة التنفيذية أثناء فرض حالة الطوارئ، وفق قانون يسمى "حماية الأمة".
تعديل إجراءات التقاضي
وطالب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، النائب بهاء أبو شقة، بتخصيص محاكم في كل دائرة استئناف لنظر قضايا الإرهاب في وقت قصير، وأن يكون النقض على درجة واحدة وليس على درجتين كما يقضي قانون الإجراءات الجنائية، وأن يكون الفصل خلال أسبوع في قضايا النقض، فلا يجوز استمرار محاكمة الإرهابيين لمدة خمس سنوات دون أحكام نهائية، بحسب قوله.
من جانبه؛ قال علاء عابد رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إن الحكومة ليست مقصرة في حادث الكنيسة البطرسية، مضيفا في كلمته أنه "لا يجوز أن تكون هناك جماعة إرهابية (في إشارة للإخوان المسلمين) تحاكم منذ ثلاث سنوات، وتصدر تعليمات من داخل السجون لقتل
المصريين".
من جانبه؛ قال وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، المستشار مجدى العجاتي، إن الحكومة تقدمت بعدة تعديلات لقانون الإجراءات الجنائية، موضحا أن من بين التعديلات المقترحة؛ أن يلزم القانون محكمة النقض بأن تحكم في موضوع الدعوى، وهو ما سيقلل زمن التقاضي.
وأضاف العجاتي خلال كلمته في البرلمان، أن الحكومة وضعت أيضا قانونا جديدا بشأن السماع للشهود، بحيث يصبح اختياريا للقاضي، وليس إلزاميا.
تهجير أهالي سيناء
من جانبها؛ اقترحت النائبة لميس جابر، على مجلس النواب والحكومة؛ فرض المزيد من الإجراءات الاستثنائية؛ من بينها "تهجير أهالي المدن الحدودية؛ لتسهيل الإجهاز على الإرهاب المتوطن هناك" على حد قولها.
وطالبت بمنع دخول أي عضو في حركة حماس إلى مصر، وقالت إنهم يتحركون بسهولة في مصر، كما دعت إلى مراجعة سجلات الفلسطينيين الذين حصلوا على الجنسية المصرية.
ودعت النائبة المعروفة بعدائها للفلسطينيين، إلى غلق معبر رفح الحدودي، زاعمة أنه "في كل مرة يُفتح فيها المعبر؛ تشهد مصر بعدها حادثا إرهابيا".
العودة إلى قانون الطوارئ
وفي سياق متصل؛ طالب النائب فتحي قنديل بالعودة إلى قانون الطوارئ من جديد، مؤكدا أنه وحده القادر على مواجهة الإرهاب، ومنع الجريمة قبل وقوعها، عبر اعتقال براعم الإرهاب الصغيرة، بحسب قوله.
من جهته؛ أكد نادي القضاة في بيان له، الاثنين، أن القوانين المعمول بها حاليا "بالية، ويجب تعديلها؛ لأنها تقف عائقا أمام القضاء والقضاة نحو تحقيق العدالة الناجزة".
واقترح النائب وحيد قرقر تعديل الدستور حول ما يتعلق بدور العبادة، مطالبا باعتبارها ضمن الممتلكات العامة، حتى تنطبق عليها الأحكام العسكرية.
توظيف خسيس
وتعليقا على هذه الاقتراحات؛ قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة هوبكنز، خليل عناني، إن "السيسي يحاول توظيف الجريمة بخسة لا تقل عن خسّة الفاعلين، من أجل التغطية على فشله الذريع سياسيا واقتصاديا وأمنيا واجتماعيا، وإلقاء المسؤولية بعيدا عن أجهزته الأمنية التي فشلت في تأمين الكنيسة".
وأضاف عناني عبر صفحته في "فيسبوك": "كما يسعى السيسي إلى التأكيد أن جماعة الإخوان إرهابية، ويذكر الأقباط بضرورة الوقوف خلفه أمام العدو المشترك المصطنع، وهو (الإسلاميون الإرهابيون)، وبالتالي بقاء دعمهم السياسي له".