افتتح عدد من مديري الأمن بمحافظات
مصر المختلفة، خلال الأسبوع الجاري، عشرات المنافذ التابعة لوزارة
الداخلية، والمخصصة لبيع المنتجات الغذائية بأسعار مخفضة.
وقالت الداخلية إن هذه المنافذ تندرج ضمن المرحلة الأولى من مشروع منافذ "أمان" الذي أعلن عنه وزير داخلية الانقلاب، مجدي عبد الغفار، العام الماضي، بهدف "توفير السلع الغذائية الأساسية للمواطنين بأسعار تقل عن مثيلاتها بالأسواق، في إطار الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لمحاربة الغلاء والاحتكار وضبط الأسعار".
وأثارت هذه الخطوة من جانب وزارة الداخلية؛ جدلا حول توجه المؤسسات الأمنية في مصر إلى
بيع السلع الغذائية للمواطنين، والتنافس فيما بينها في هذا المجال، حيث يقيم الجيش والمخابرات العامة معارض مشابهة، وسط تكهنات بوجود صراع بين هذه الأجهزة الأمنية في البلاد.
وأدت الحوادث الإرهابية الأخيرة وانتشار الجرائم الجنائية، إلى توجيه انتقادات شديدة للداخلية، واتهامات بالتقصير والفشل في القيام بمهمتها الأساسية في حماية أمن المواطنين؛ بسبب الانشغال في أعمال ثانوية.
"دورنا توفير السلع للمصريين"!
وأعلنت داخلية الانقلاب أن وزيرها مجدي عبدالغفار وجّه بضرورة التوسع فى افتتاح المنافذ الغذائية بالمحافظات، وبيع المنتجات بأسعار مخفضة "تخفيفا للعبء والمعاناة عن المواطنين" على حد قولها.
وقال اللواء مدحت عبدالله، رئيس مجلس إدارة منافذ "أمان" التابعة للداخلية، إن "الوزارة أصبحت تمتلك مصانع تعبئة ومخازن خاصة بها لإنتاج السلع الغذائية، ومن المقرر أن تقوم بإنشاء متاجر ضخمة لبيع السلع بأسعار مخفضة للمواطنين"، مشددا على أن "من أحد أدوار الداخلية؛ المساهمة في توفير كافة السلع للمصريين بأسعار بسيطة، وحماية قوت الشعب، والعمل على راحة المواطنين".
وأضاف عبدالله فى تصريحات صحفية، أن وزير الداخلية أصدر توجيهات بتوفير كافة أنواع الدعم المادي لمنافذ أمان، مشيرا إلى أن هناك 441 منفذا في الوقت الجاري، وسيزيد عددها إلى 600 منفذ مع نهاية هذا الشهر؛ لبيع السلع بأسعار تقل عن مثيلاتها في الأسواق بنسبة تقارب 20 بالمئة.
"من هنا يأتي التقصير"
من جهته؛ قال الخبير الاقتصادي عماد مهنا، إن مبادرة وزارة الداخلية وغيرها من المبادرات التي تغزو السوق وتقوم بها المؤسسات الأمنية الآن؛ ستؤثر بالطبع على على أداء تلك الأجهزة.
وأضاف مهنا لـ"
عربي21" أن وزارة الداخلية "يتركز دورها على نشر الأمن والأمان في المجتمع، والقوات المسلحة وظيفتها حماية حدود الدولة، وليس من مهامها أن تتدخل في السلع التموينية، أو أي شيء له علاقة بالتموين، أو منافذ بيع السلع الغذائية، وعندما تنشغل الشرطة والجيش والمخابرات بهذه الأمور، وتغفل مهامها الأساسية في حماية أمن الدولة؛ يحدث التقصير الذي نعاني منه الآن".
وأوضح أن "ما يحدث الآن؛ هو أن الشرطة والجيش منشغلون بأمور اقتصادية، وباقي مؤسسات الدولة مترهلة وفاشلة ولا يتم إصلاحها، وهي طريقة فاشلة بكل المقاييس"، مؤكدا أن "التداخل في المهام يؤثر بالسلب على وزارة التموين؛ لأنها الوزارة المنوط بها بيع وشراء السلع الغذائية، وبسبب هذه الممارسات يستمر الفساد في الوزارة، وتتكرر المشاكل لسنوات وسنوات".
مبادرات دعائية
وأكد مواطنون لـ"
عربي21" أن منافذ "أمان" لا تقدم أية قيمة مضافة للأسواق، مشيرين إلى أن السلع الموجودة في هذه المنافذ هي ذاتها التي يتم بيعها في المجمعات الاستهلاكية التابعة لوزارة التموين، ولا يوجد أي فرق في الأسعار بينها.
وفي هذا السياق؛ قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، جهاد عودة، إن كل مبادرات الداخلية في توفير سلع غذائية للمواطنين "ليس لها أي تأثير على خفض الأسعار، أو توفير سلع غير موجودة في الأسواق".
وأكد لـ"
عربي21" أن ما تقوم به الداخلية هو "نوع من أنواع الدعاية التي ليس لها تأثير اقتصادي حقيقي، فوزارة الداخلية تحاول أن تتقرب من الشعب، وتحسن صورتها الذهنية ليس أكثر، عبر تقديم سلع بأسعار مخفضة"، مشيرا إلى أن "العديد من الأجهزة الأمنية والوزارات تخصص جزءا من ميزانياتها للدور المجتمعي، وتقوم بشراء ودعم السلع التموينية، لكنها تظل حتى الآن ممارسات شكلية دون تأثير إيجابي على محاربة الغلاء والسيطرة على الأسعار المنفلتة".
وحول التحليلات التي ترجح أن سبب توزيع داخلية الانقلاب للسلع المخفضة؛ وجود صراع بين الأجهزة الأمنية؛ قال عودة إنه لا يعتقد صحة هذه التكهنات على الرغم من قيام الجيش والمخابرات بهذا الأمر، مشيرا إلى أن الشرطة لا تريد أن تضع نفسها في مقارنة أو منافسة مع الأجهزة الأخرى، لكنها في الوقت ذاته "تمارس دورا مجتمعيا له هدف سياسي ودعائي؛ لخلق حالة من التقارب مع الشعب، وتلطيف الأجواء، وخاصة بعد الحوادث المتكررة التي أساءت للداخلية، وأججت الغضب الشعبي تجاهها".