باحثة بمعهد واشنطن: هكذا دفع الأسد الثورة للتطرف عن قصد
واشنطن- عربي2116-Dec-1601:08 AM
شارك
الأسد مقابلة = سانا
نشر معهد واشنطن للدراسات تقريرا، تحدث فيه عن الأسباب التي وفرها بشار الأسد لتتحول الثورة السورية إلى التطرف، مشيرا في الوقت ذاته إلى "الخطأ الشائع" بوصف ما يجري في سوريا بالحرب الأهلية.
وقالت الكاتبة حنين غدار، مديرة التحرير السابقة لموقع NOW الإخباري في لبنان، إنه خلال الأعوام الخمسة الماضية تحوّلت سوريا إلى واجهة خلقت العديد من المشاكل، من بينها: أزمة اللاجئين، مستنقع إقليمي، كابوس غربي، ملاذ للإرهابيين، ساحة تكتيكات تهدف إلى تعزيز النفوذ الروسي، وقاعدة جوهرية للمطامع الإيرانية. إلا أن المجتمع الدولي يعتبرها حربا أهلية.
وأشارت إلى أن "كلّا من الأمم المتحدة والحكومات الغربية ووسائل الإعلام والاتحاد الأوروبي تطلق هذه التسمية على النزاع السوري".
ولفتت إلى أنه "في كانون الأول/ ديسمبر 2015، شدّد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على أهمية "وضع حدّ للحرب الأهلية في البلاد"، وفي أيلول/ سبتمبر هذا العام نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا تفسيريا طويلا عن النزاع أجيب فيه عن عدة أسئلة، من بينها "ما هي الحرب الأهلية السورية؟"
وبينت أن هذه التبسيطات غير دقيقة وتحفل بالخطورة؛ "فهي تعفي المجتمع الدولي من المسؤولية، وتمنح بشار الأسد غطاء من الشرعية".
وذكرت أن هذه التسمية "تبرّئ ذمة روسيا وإيران اللتين ينخرط جنودهما بفاعلية في الصراع، ناهيك عن أنها تسمح للتنظيمات الإرهابية المحلية بتبرير تدخلها في النزاع وأعمالها العنيفة".
وبينت أنه "ليس هناك شك في أن الحرب الأهلية هي إحدى الطبقات المتعددة التي يتصف بها النزاع السوري؛ فالفصائل المحلية تقاتل إحداها الأخرى، ولكن الحقيقة هي أن هذه حرب يشنّها نظام الأسد وحلفاؤه على الشعب السوري".
فقد أفادت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" بأن قوات الأسد قتلت 95 في المئة من الضحايا السوريين. بالإضافة إلى ذلك، يسيطر الأسد على الجيش، بما في ذلك الدبابات والطائرات والبراميل المتفجرة.
وقالت إنه قام بقصف المناطق التي شهدت تظاهرات سلمية، واستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه. كما يسيطر الأسد على أجهزة المخابرات والأمن والجيش التي تعمل بجد وبشكل منهجي منذ عام 2011 لاعتقال وتعذيب وقتل جميع الناشطين اللاعنفيين
توجيه الأسد الثورة للتطرف
وأشارت غدار إلى إطلاق الأسد العديد من السجناء "المتطرفين" من السجون لتحويل مسار الثورة، قائلة: "أطلق الأسد سراح الإسلاميين الخطرين من السجن، وسمح لهم بإقامة تنظيمات مسلحة وتشكيلها. ولم يقدِم على هذه الخطوة سهوا، بل اتخذها في إطار استراتيجية تهدف إلى التسبب في نشوب حرب أهلية وتؤدي إلى تطرف ما تبقى من الثورة".
وقد تمثلت استراتيجيته، أي الأسد، بتحويل مسار الخطابات من الإصلاحية إلى الطائفية؛ من خلال التأكيد على الإرهاب الإسلامي، وبالتالي تقديم نفسه على أنه شريك في الحرب العالمية ضد الإرهاب.
وذكرت أنه من الصعب تفسير الادعاء بأن هذه هي حرب أهلية على ضوء التدخل الخارجي الهائل.
"فحيث واجه الأسد مقاومة قوية من جماعات المعارضة المسلحة، سمح لكل من إيران وروسيا بدخول أراضيه؛ لمساعدته ودعم نظامه على الصمود".
وفي الواقع أن جيش الأسد بالكاد يقاتل هذه الأيام؛ إذ تتألف معظم القوات المقاتلة على الأرض من المليشيات الشيعية، مع بعض الكتائب من «الجيش العربي السوري»، وجميعها تخضع لإمرة «حزب الله» و«الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني، وتحصل على مساعدة من القصف الجوي الروسي.
وقالت الكاتبة غدار إنه "لولا إيران وروسيا لكان الأسد قد رحل منذ زمن بعيد".
وتساءلت: "كيف يمكننا أن نُطلق على هذا الصراع حربا أهلية عندما نرى أنه نادرا ما تقاتل المعارضة السورية الموالين السوريين للنظام، بل تخوض عملياتها بوجه مقاتلين أجانب في بلدها؟ هل تكون هذه الحرب أهلية عندما تكون روسيا وإيران والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وغيرها من دول حلف "الناتو" منخرطة فيها بشكل أو بآخر؟ إنّ وصف هذا الصراع بالحرب الأهلية له تداعيات خطيرة على السياسات، حيث يؤمّن الحماية للأسد.
وبينت أنه "تنطوي مساواة القاتل بالضحية على تحدّ أخلاقي يشرّع في نهاية المطاف الجرائم التي يرتكبها النظام ضد الإنسانية. وتؤدي كذلك إلى تحجيم تاريخ سوريا الحديث الذي أوصل حافظ الأسد إلى السلطة، حيث رفض حزب البعث، كما رفضت العائلة الحاكمة في النهاية، السماح لأي فريق آخر في سوريا بالمشاركة في الحياة السياسية".
ولطالما لجأ هذا النظام إلى الحلول العسكرية، ولم يختر قط المفاوضات بدلا من العنف. واليوم، مع تولي إيران قيادة المعارك في سوريا، وقيام روسيا بإجراء مفاوضات مع المجتمع الدولي حول مستقبل سوريا، لم يبقَ من هذا النظام سوى صورة لا حاجة لها إلا للحفاظ على مصالح دول أخرى.