حملت زيارة مقتدى
الصدر لرئيس الوزراء
العراقي حيدر
العبادي، الاثنين، رسائل كثيرة في توقيتها ودلالاتها، ولاسيما بعد تصاعد حدة التصريحات بين الصدريين ورئيس حزب الدعوة نوري
المالكي على خلفية اقتحام محتجين لمؤتمر أقامه الأخير في البصرة، بحسب مراقبين.
واستقبل رئيس العراقي حيدر العبادي في منزله ببغداد، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، حيث تباحث الطرفان في عدد من القضايا من أبرزها المعارك الجارية في الموصل، وما حدث مع المالكي في البصرة ورد حزب الدعوة على ذلك.
ورفض الصدر بحسب بيان لمكتب العبادي "الاعتداء الذي حصل في احتفالية حزب الدعوة في البصرة"، مضيفا: "إننا حريصون على علاقتنا مع حزب الدعوة، وأن الاعتداء على الشعب مرفوض".
وكانت تظاهرات حاشدة قد نددت بزيارة نائب الرئيس العراقي نوري المالكي إلى محافظة البصرة منتصف الشهر الجاري، فيما غادر الأخير قاعة المركز الثقافي النفطي بمدينة البصرة عقب اقتحامها من محتجين.
وفي بيان لحزب الدعوة وصف المتظاهرين بأنهم "خارجون عن القانون وسيواجهون صولة فرسان أخرى دفاعا عن البصرة الفيحاء وأهلها الطيبين الذين سيدافعون عن مدينتهم ويحمونها من المجرمين".
وتواصلت "
عربي21" مع كتلة الأحرار النيابية التابعة للصدر، لمعرفة أسباب الزيارة وأبرز مباحثاتها، فقد قال النائب عن الكتلة علي عبد الجبار شويلية، إن "الصدر بحث ملفات كثيرة مع العبادي، منها معركة الموصل التسوية السياسية والإصلاحات".
وأعرب عن اعتقاده بأن "هذه أهم الملفات التي نوقشت اليوم في اجتماع الصدر والعبادي"، لافتا إلى إن "الإصلاحات تعيش حالة من الجمود، لأن هناك خمس وزراء لم يأت بهم العبادي حتى الآن إلى البرلمان للتصويت عليهم".
ودعا النائب إلى القضاء على الفساد مع الإرهاب لأنهما ملفان متساويان، لذلك فإن المطالبة بالقضاء على "دواعش الإرهاب" فقط، ليس حلا نهائيا يجب أن نقضي على "دواعش الفساد" أيضا بوقت واحد.
ولفت شويلية إلى أن "هناك تخوفا كبيرا من حدوث مناكفات سياسية بين الأطراف بعد معركة الموصل تحدث بعدها مناكفات سياسية"، مرجحا أن "تشن أطراف سياسية حملة على العبادي لأنهم لا يريدون له النجاح وهم من داخل حزب الدعوة نفسه".
وأوضح أن "حزب الدعوة فيه جناحان أحدهما للعبادي وآخر للمالكي، وهناك تصورات وتكهنات لدى جناح المالكي بأن العبادي سيدخل في الانتخابات المقبلة في قائمة جديدة منفردة بعيدا عن قائمة دولة القانون بزعامة المالكي".
الخلاف مع حزب الدعوة
وعلى صعيد الخلافات المتصاعدة بين الصدريين وحزب الدعوة، أكد شويلية أن الصدر وكتلة الأحرار داعمون للإصلاحات وللحكومة الحالية، وعلى العبادي استثمار هذه الزيارة لصالح الإصلاحات التي أطلقها وطالب بها الشارع.
ولذلك، بحسب النائب الصدري، نحن نفصل بين حزب الدعوة كأمين عام وبين المنهجية، وأن زيارة الصدر كانت رسمية بصفته رئيسا للوزراء وليس قياديا في حزب الدعوة، لافتا إلى أن الصدريين ليس لديهم مشكلة مع الأشخاص في حزب الدعوة ولكن لدينا مشكلة مع المنهجية.
ووفقا لشويلية، فإن المالكي على رأس من نختلف معهم في المنهجية وليس لدينا مشكلة مع شخصه، لكن منهجيته وسياسته ضيعت ثلث العراق وأفرزت فسادا كبيرا في مؤسسات الدولة العراقية.
وعن توعد المالكي بصولة فرسان، قال النائب شويلية إن الصدر قال في المؤتمر الصحفي مع العبادي إن الأمور العفوية التي تصدر من الشارع من غير الممكن أن نواجهها ببيانات هستيرية.
ولفت النائب إلى أن بيان حزب الدعوة كان ينم عن هستيريا واضحة لأن الشعب تظاهر عفويا، بينما حزب الدعوة يتوعده بصولة فرسان، مؤكدا اعتراض جناح العبادي على البيان ومحاولة الحزب بعد ذلك الخروج بتعبير أقل حدة مما هو موجود بالبيان.
ضربة للمالكي
من جهته، قرأ باحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية أمير الساعدي، الزيارة على أنها تأتي في وقت نشهد فيه ضغطا سياسيا من ائتلاف دول القانون على المحافظين في ميسان وبغداد التابعين للتيار الصدري.
ولفت في حديث لـ"
عربي21" إلى أن تلك المحاولات الواضحة يمكن أن تصل في تناكفها السياسي إلى مفترق طرق بعيدا عن لحظة التوافق التي يظهرها التحالف الوطني (الشيعي) لإنشاء تسوية سياسية يمكن أن تكون وطنية لجمع شتات كل هذه الأطراف السياسية الفاعلة في صنع القرار بالعراق.
ورأى الساعدي أن زيارة الصدر إلى العبادي هي محاولة لجمع وحدة قرار حزب الدعوة مع توجهات التيار الصدري إن كانت في التسوية المجتمعية أو محاربة الإرهاب، وهي أيضا محاولة من العبادي لترطيب الأجواء التي تتصاعد في تصريحات إعلامية كبيرة من الطرفين الصدريين وائتلاف دولة القانون.
وأعرب عن اعتقاده بأن تكون الزيارة محاولة لإعداد تحالف سياسي جديد وهي ضربة لدولة القانون وتحديدا لشخص المالكي استعدادا لانتخابات مجالس المحافظات وأيضا للانتخابات النيابية في عام 2018.
وذكر الباحث في الشأن السياسي العراقي، بأن التيار الصدري كان في السابق بيضة القبان الحقيقية داخل التحالف الوطني لاستيزار المالكي في دورتين سابقتين في 2006 و2010.
ولفت الساعدي إلى أن وجود رمزية الصدر مع رمزية العبادي قد تهيئ إلى توافق آخر استعدادا لخوض التنافس الانتخابي المقبل استعدادا لانتخابات مجالس المحافظات.
وبخصوص أن يكون مقابل ذلك التحالف تخفيف ضغط التيار الصدري عبر التظاهرات للمطالبة بإصلاحات، قال الساعدي، إنها "قد تكون في إشارة منها إلى عملية إعادة التوازن بين الطرفين لتخفيف الضغط من التيار الصدري على العبادي ومشروع إصلاحه".
وأضاف أنها "قد أتت ضمنيا عندما شدد الصدر على العبادي في موضوع استيزار الوزارات السيادية ولاسيما الدفاع والداخلية والإتيان بأشخاص تكنوقراط نزيهين يمكن أن ينصبهم بعد عطلة مجلس النواب التشريعية".
ولفت الساعدي إلى وجود مصالح وصراع داخل أعضاء البرلمان من داخل الكتلة الواحدة والتي تناكف العبادي، وأن هذا التلاحم الصدري العبادي يعطي زخما كبيرا ودعما للأخير، لأن هناك أكثر من دعوة حتى من داخل ائتلاف دولة القانون لاستجواب العبادي بالبرلمان.