ما زال الغموض يلف مصير
المصالحة بين
السعودية والنظام
المصري بعد تقارير عديدة تحدثت عن إقفال هذا الملف في الآونة الأخيرة بين الجانبين لكن في المقابل برزت أنباء عن وجود وفد سعودي رفيع المستوى في مصر أمس.
وكشف خلل فني في طائرة سعودية خاصة بعد مغادرتها القاهرة باتجاه الرياض وعودتها مرة أخرى لتعذر مواصلة الطيران عن وجود وفد سعودي في القاهرة يرأسه المستشار في الديوان الملكي السعودي تركي بن عبد المحسن آل الشيخ بعد قرابة شهر على رفض العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز مقابلة السيسي في أبو ظبي في خلال جولته الخليجية قبيل قمة دول مجلس التعاون في البحرين.
وقالت مصادر لوكالة "الأناضول" التركية التي نقلت خبر عودة الطائرة إن هناك مساعيَ خليجية للمصالحة وتصفية الأجواء بين مصر والسعودية على إثر
الخلافات التي تكشفها حملات التراشق الإعلامي بين الطرفين.
وعلى الرغم من تأكيد الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد أن العلاقات مع السعودية علاقات خاصة إلا أنه أشار إلى وجود "التوتر والخلاف" في عدد من المواضيع بين الجانبين.
ولفت أبو زيد إلى وجود اتصالات وصفها بـ"الدائمة" بين الجانبين لـ"توطيد" العلاقات وفقا لصحيفة "الأهرام" المصرية، لكن مراقبين قالوا إن ممارسات نظام السيسي في الجانب الإعلامي ضد السعودية لا تخدم تهدئة الأجواء بين الطرفين بعد وصف إحدى الصحف المصرية المقربة من نظام الانقلاب العاهل السعودي بـ"الخائن".
الحضن الإيراني
المحامي والناشط السياسي المصري عمرو عبد الهادي أوضح أن السعودية وعلى الرغم من قطع الكثير من خطوط الاتصالات مع نظام السيسي بعد كل ما قام به ضدها إلا أنها لا تريد فتح جبهات جديدة في ظل ظروف إقليمية صعبة.
وقال عبد الهادي لـ"
عربي21" إن ترك الرياض رقعة الخلاف تتسع مع السيسي سيزيد الأمور تعقيدا ويدفعه نحو الارتماء الكامل في حضن الإغراءات الإيرانية والروسية وليس أمامها سوى إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة ولو في حدها الأدنى.
ولفت إلى أن ما يمنع عودة العلاقات كما السابق وما يبقيها في شكلها الحالي هو اشتراط السيسي على الرياض استمرار الدعم المالي الذي يطلبه بالإضافة إلى عدم التدخل في علاقاته مع إيران وروسيا
وأوضح أن خلافه مع السعودية يتعقد يوما بعد آخر بسبب الإغراءات الإيرانية والروسية للاقتراب من محوره والبعد عن المحور السعودي التركي القطري في الإقليم.
وأضاف: "السعودية لم يعد بإمكانها تقديم الدعم الرهيب الذي كان يحصل عليه السيسي منها بعد الانقلاب مباشرة خلال فترة حكم الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، فمديونية السعودية زادت وحتى بعض الدول الخليجية التي كانت تدعمه أصبحت تعاني من أزمات اقتصادية قلصت الدعم عن السيسي وهو ما زال يطالبها بدفع المال على اعتبار أنها هي من طلبت منه عمل الانقلاب وهم المفترض أن يمولوا وجوده".
وشدد عبد الهادي على أن علاقة السعودية مع مصر كلما تضررت حصل تقدم على الملف اليمني وحين يكون هناك اتصالات جيدة تحصل انتكاسة، معتبرا أن وجود السيسي قرب باب المندب خطر كبير وهو يخون السعودية من خلال بيعه السلاح للحوثيين.
وعلى صعيد الاتصالات التي تتناقلها وسائل إعلام بين الطرفين، قال عبد الهادي: "هناك آراء متباينة داخل أروقة الحكم في كل مكان والبعض يحاول التهدئة على الرغم من ممارسات النظام المصري وإعلامه وقسوته على السعودية بالسباب والشتائم".
وقال إن السيسي الآن يبحث عن أموال والسعودية لا يمكن أن توفر طلبه في ظل ما يقوم به ضدها، لذلك فالبديل هو المال الإيراني حيث رصد في الآونة الأخيرة تدفق أموال لرجال أعمال إيرانيين ولبنانيين إلى مصر لعمل مشروعات صغيرة.
ورأى عبد الهادي أن العلاقات بين الجانبين لا يمكن أن تعود إلى سابق عهدها ولو عادت فلن تستطيع السعودية إشباع رغبة السيسي في عودة تدفق الأموال كما يريد، لذلك هو يعلم أن الميل باتجاه "المكسرات والزعفران الإيراني أفضل من البحث عن الرز الخليجي".
مصر الخاسر الأكبر
وقال إن السيسي هو الخاسر من تضرر علاقاته بالسعودية ولن يستطيع أي طرف تقديم ما كانت تقدمه الرياض، وهو خسر الدعم السياسي الذي كان يحوزه إبان حكم الملك الراحل عبد الله، والذي كان يمنحه شرعية أكبر ومساحة تحرك أكبر في العالم.
ولفت إلى أن السعودية لديها العديد من الملفات للضغط على السيسي منها العمالة المصرية الكبيرة التي تقدر بمليون مصري، والحوالات المالية التي يرسلونها إلى مصر، وهذا بالتأكيد يجبر القاهرة على إبقاء خطوط اتصال ويلوي ذراعها.
وقال إن السيسي يتوجب "عليه الجلوس في المنتصف أو الجلوس جانبا، لأنه بمواقفه الحالية دخل في عمق المعركة وفي نهايتها وأصحاب المواقف الرمادية لا يمكن أن يكون لهم دور فيها والسعودية رأس كبير فيها، ومصر موقفها ضعيف وهي الخاسر الأكبر في هذا الصراع".