أثار المديح اللافت من القيادة الإيرانية لرئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي أثناء تواجده في طهران، التساؤل حول ما إذا كان ذلك يقع ضمن إطار إعادة تهيئته للوصول إلى سدة الحكم في الانتخابات المقبلة عام 2018.
ويرى مراقبون أن المديح الإيراني يأتي ضمن سياسة إدارة الأزمة بين الأطراف الشيعية في العراق وخصوصا بعد تصاعدها بين المالكي والصدر، فيما يرى آخرون أنها لتنحية المالكي جانبا وإبقائه رمزا سياسيا.
إيران تدير الأزمة
وقال الباحث في العلاقات الدولية عمر عبد الستار، إن الزيارة تأتي في إطار إدارة إيران للأزمة وليس حلها سواء كان الحل شيعيا- شيعيا أم سنيا- سنيا وحتى على صعيد المنطقة، وهو ما دأبت عليه لإدارة خلافات البيت الشيعي العراقي منذ تأسيسه.
وأوضح لـ"عربي21" أن إيران استطاعت أن تسيطر على الحراك الشعبي الشيعي في بغداد عام 2016 بعد تصاعده لمستويات عالية ووصوله لاقتحام المنطقة الخضراء وترديد شعار "إيران برة برة" .
وأضاف عبد الستار أن إيران أرسلت دعوة للمالكي لزيارتها بعد الاحتجاج عليه في محافظات الجنوب وقيام الصدر بزيارة رئيس الوزراء حيد العبادي، وهو أسلوب طهران في إدارة الأزمة .
تنحية المالكي
وفي المقابل رأى الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية أمير الساعدي أن المديح الإيراني هو إشعار للقواعد الشعبية ومؤيدي ائتلاف دولة القانون، أن المالكي أصبح رمزا سياسيا ويتعين عليه عدم الخوض مجددا في الصراع الدائر على السلطة.
وأضاف لـ"عربي21" أن هناك عملية مناكفة كبيرة بين الأطراف السياسية وبوادر انشقاق داخل حزب الدعوة ، وأن العبادي والمالكي يمثلان جناحين مهمين داخل الحزب، وعليه يتعين تبريد الأجواء نظرا لقصر الوقت المتبقي للعملية الانتخابية وهو عام واحد فقط وهي مدة قصيرة في عمر التنافس الانتخابي .
ولفت إلى أن المديح الإيراني ليس دعما للمالكي بقدر ما هو للحفاظ على هيبته ورمزيته السياسية في هيكل العملية برمتها إلى جانب حضوره الحزبي الواسع .
وبشأن محاولة إيران لإسكات الأصوات الرافضة للمالكي، أوضح الساعدي أن إيران حاولت أكثر من مرة أن تستثمر علاقاتها الودية والمساندة للكثير من الأحزاب داخل التحالف الوطني (الشيعي) ونجحت في دورتين ماضيتين بان تجلب الدعم للمالكي، لكن من الصعب بمكان أن تجد عملية توازن في هذه المرحلة.
وزاد بالقول "شكلت زيارة الصدر إلى العبادي في بغداد، تأكيدا بأنه سيكون داعما ومساندا وحتى متحالفا في الانتخابات المقبلة معه وليس مع غيره، وغالبا ما كان التيار الصدري بيضة القبان داخل التحالف الوطني لمن لديه طموح لاستلام رئاسة الوزراء ".
بديل للمالكي
وحول محاولات دفع المالكي ليغدو زعيما مستقبليا للحشد الشعبي من طرف طهران وبالتالي منحه زخما في الانتخابات المقبلة، تساءل الساعدي: "هل سيحصل مثل هذا الدعم من عمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى ايضا ؟، ومن هادي العامري زعيم بدر؟، ومن سرايا السلام التابعة للصدر؟".
وأوضح أن هناك بعض التمثيل البسيط للفصائل التي تؤيد المالكي داخل الحشد الشعبي ممن لا تمتلك تمثيلا كبيرا في قيادته، لافتا إلى أن الفصائل الكبيرة لا تسير في ركب المالكي، وعلاوة على ذلك فإن الحشد أصبح مؤسسة حكومية تابعة للقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي.
ويذهب عبد الستار في حديث لـ"عربي21" مع هذا الرأي بالقول إن طلب إيران من المالكي التنحي "وارد"، وفي العام الحالي سيتم التحشيد للانتخابات، وسيأتي الحشد الشعبي بقوة إلى البرلمان المقبل، وربما يأتي العامري أو أبو مهدي المهندس لرئاسة الوزراء بدلا من الإتيان بالمالكي.
يشا إلى أن مستشار خامنئي علي أكبر ولايتي قال أثناء لقائه بزعيم حزب الدعوة، إن المالكي شخصية بارزة ونضالية ومؤثرة جدا في الساحة العراقية، وأن اعتزاز إيران يزداد منذ مدة به.
وأضاف، أن المالكي أثبت أن له -وما زال - دورا مهما في ديمقراطية وتحرير العراق، مشيرا إلى أن لديه أيضا موقفا مشرفا في العالم العربي والإسلامي والدولي .
وكان خامنئي قد ثمن الأحد الماضي، مواقف رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي بالقول: "إنني اعتقد جازما أن لكم دورا في تاريخ العراق سوف لن ينسي".
بدوره رد المالكي أن زيارته إلى طهران كانت بدعوة "من الإخوة الإيرانيين وبغية تعزيز التعاون الثنائي"، لافتا إلى "تحقيق محور المقاومة الانتصار رغم بعض التحديات والمشاكل التي كانت موجودة".
وأوضح أن
العراق بات مستعدا اليوم لإيجاد جبهة قوية لمرحلة ما بعد تنظيم الدولة ومواجهة الفتن المحتملة، منوها أن تواجده في إيران جاء لأجل الاستفادة من الانتصارات التي تحققت والقيام بعمل ضد المجموعات التي تريد إلحاق الهزيمة بالمقاومة ومن بينها دول "الخليج الفارسي".