حملت خطبة الجمعة التي ألقاها قاضي القضاة في الأردن أحمد هليل رسائل
تحذير غير مسبوقة لملوك وأمراء وحكام
الخليج طالبهم فيها بالتحرك لـ"إنقاذ الأردن من الأخطار التي اشتدت حوله".
وقال هليل وهو يشغل منصب إمام "الحضرة الهاشمية" خلال خطبة الجمعة في مسجد الملك حسين في العاصمة عمان لملوك وحكام الخليج، وفق ما تابعته "
عربي21": "لقد بلغ السيل الزبى.. إخوانكم في الأردن ضاقت الأخطار حولهم واشتدت".
وأشار هليل إلى أن الأردن "سند وظهير وعون ونصير وظهركم.. لقد ضاقت باخوانكم الأردنيين الأمور فحذار ثم حذار أن يضعف الأردن والأمور أخطر من أن توصف" على حد قوله.
ووجه هليل سؤالا لـ"قادة وملوك وأمراء الخليج وحكامها وحكمائها وشيوخها" وقال: "أين عونكم وأياديكم البيضاء وأموالكم وثرواتكم".
ولم تقتصر خطبة هليل على طلب الدعم الخليجي بل تعدتها لإرسال رسائل تحذير داخلية من الاحتجاج والنزول إلى الشوارع في ظل الظروف
الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الاقتصاد الأردني.
وقال هليل: "إذا اخترق الوطن وإذا ساد من يدعون إلى المظاهرات والمسيرات التي دمرت وما عمرت وأخرت وما رفعت وقتلت وما أحيت وأذلت وما أسعدت".
وأضاف: "يا بني حذار من دعاة الفتنة حذار ممن يدعون إلى الخروج إلى الشوارع".
وذكّر هليل بما جرى في سوريا والعراق واليمن والبحرين وليبيا وتساءل قائلا: "أتريدون أن تصل الأمور إلى مثل هذه الحالات؟.. لم تستقر ولم تهدأ كم من الدماء والأشلاء هناك".
واعتبر أن المستفيد الوحيد مما يجري في العالم العربي هم "اليهود"مضيفا "ماذا تنتظرون أن يسقط المسجد الأقصى لا قدر الله الأردن هذا الوطن سند وظهير وعون ونصير لإخواننا وأهلنا في فلسطين".
وشهد الأردن خلال الأسبوع الماضي حملة اعتقالات طالت عددا النشطاء والمتقاعدين العسكريين والسياسيين بعد اجتماع عقدوه للتنسيق لفعالية احتجاجية على الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها الأردن والتلويح الحكومي بمزيد من رفع الأسعار استجابة لشروط البنك الدولي.
ووجهت محكمة أمن الدولة للمعتقلين تهم تتعلق بالمساس بالنظام والتحريض على الخروج في مظاهرات احتجاجية.
من جهته، قال الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي الأردني، الدكتور عامر السبايلة، إن الرسائل التي وجهها هليل خلال خطبة الجمعة تعبر عن حالة "إفلاس سياسي".
وأوضح السبايلة لـ"
عربي21" أن كل القنوات الدبلوماسية والسياسية "لم تفلح على ما يبدو خلال الفترة الماضية فلجأ الطرف الرسمي لمنابر المساجد لإرسال رسالة تنبيه للخليج بضرورة استدراك الأوضاع".
ولفت إلى أن "القنوات الدبلوماسية لم تخلق حالة داعمة للاردن على الصعيد الاقتصادي وحتى المنحة الخليجية التي وعد بها لن نعود للحديث عنها بعد اليوم وحجم الافلاس الذي وصل بنا إلى هذه النقطة للدعوة عبر المنابر".
ورأى السبايلة "أننا اليوم لا نستطيع أن نقول أن العلاقات الأردنية الخليجية هي نفسها التاريخية والمشكلة الآن هي مشكلة الأردن وحده والخليج في النهاية لديه معطيات وضرورات طرأت عليه ووضعته في نقطة لا يستطيع معها استمرار الصرف مثل انخفاض النفط وحرب اليمن".
واعتبر أن مشكلة الأردن "تنبع من اقتصاده ومشاريعه التي بنيت في مجملها على مبدأ الاعتماد على الاخر والركون للمساعدات".
وأضاف أن "السؤال المهم هنا لماذا لم يتمكن الأردن من الحصول على دعم مالي من الخليج؟ ولماذا لم نتمكن من بناء تحالفات واضحة المعالم؟".
وشدد على أن "أخطر" ما قام به الأردن في العلاقة مع السعودية هو عمل علاقات "بناء على شخص وليس اعتمادا على مؤسسات".
وأوضح أن الأردن يمتلك جيشا وأجهزة استخبارية قوية ولديه مؤسسات راسخة وحدود كبيرة وتعاون أمني وثيق مع الخليج علاوة على العلاقات التاريخية بين العوائل الحاكمة وكلها توفر مناخات مهمة للخليج من أجل الاستثمار لكن ما جرى هو اختزال كل هذا التاريخ في البحث عن أوهام وطلب المساعدات".
وشدد على أن العلاقات يجب أن تبنى على "أساس المصالحية والأردن يملك الكثير ليبادله الخليج لكن المسار وصل إلى الخروج عبر منابر المساجد والاحتجاج".
ورأى السبايلة أن الأردن كان يجب أن "يدرك أن هذه المرحلة قادمة لا محالة وعليه تطوير نفسه واقتصاده والتعامل بشكل أفضل مع قضية الفساد التي ظهرت بشكل ضخم وطارد للاستثمار بل وتشكك في قدرات الدولة".
وأضاف: "ظهرنا بمظهر دولة مليئة بالفساد وغير جديرة بالمساعدة والاستثمار فيها وهذا بالتأكيد ترك انطباعا لدى الخليج بأن الاسثتمار غير مناسب فيه".
وعلى صعيد رسائل التحذير الداخلية التي أرسلها هليل قال السبايلة: "إن هناك حالة احتقان كبير لدى المواطن الأردني وغياب العدالة والظلم استفز الأردنيين الذي أبدوا عقلانية كبيرة في أحداث الربيع العربي حفاظا على دولتهم".
وأضاف أن: "الأردنيين تعرضوا خلال السنوات الأخيرة لضغوطات كبيرة وما نسمعه اليوم من تزايد حالات الانتحار والعنف والقتل يشير إلى أن الأردني وصل إلى نقطة اللامبالاة وهذه أخطر نقطة قبل تسبق خروج الناس إلى الشوارع".
ولفت إلى أن الحديث الدائر هذه الأيام يتركز حول مطالبات "اقتصادية ومجتمعية والأمر يتعلق بغياب العدالة وتفشي الفقر وليس عن مطالبات سياسية لأن المطالب السياسية تكون واعية ومحددة".
وربط السبايلة بين رسالة هليل للخليج والتحذير من انفجار الوضع الداخلي ورأى فيها إشارة إلى أن "الخطر في الأردن لا يقل عن الخطر في البحرين لذلك تم تحذير الخليج".