قال مراقبون إن الدبلوماسية الأردنية قبيل عقد القمة العربية في آذار/ مارس المقبل بالعاصمة عمّان، تعمل على حشد رأي عربي إسلامي لمحاولة إحباط تعهدات الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب بـ"
نقل السفارة الأمريكية إلى
القدس".
ويخشى محللون وكتاب أردنيون أن تتحول تعهدات ترامب إلى واقع يوجه "صفعة" للدبلوماسية الأردنية وحليف أمريكا في المنطقة، ولدور المملكة في الوصاية على المقدسات بمدينة القدس، والمنصوص عليها في اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية (وادي عربة).
وأوضح مراقبون أنه "على عكس التحرك ضد تركيب كاميرات إسرائيلية في القدس عام 2015؛ فقد حرص الجانبان الأردني والفلسطيني على تنسيق موقف مشترك بخصوص التوجه لنقل السفارة الأمريكية، تجنبا لوقوع خلافات تحت عنوان (من يفاوض على القدس)".
اقرأ أيضا: خلاف صامت بين عمّان ورام الله عنوانه "من يفاوض على الأقصى"
والتقى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان الأحد الماضي، مؤكدا "أهمية التنسيق خلال الفترة المقبلة، مع أركان الإدارة الأمريكية والكونغرس؛ لبيان انعكاسات أية قرارات تمس بالوضع الحالي بالقدس على الأمن والسلام في المنطقة".
وقال عباس في تصريحات صحفية إن "هذه الزيارة تأتي للتنسيق ما بين البلدين قبيل مغادرة الملك متوجها بزيارات رسمية لموسكو وواشنطن، حول مجموعة من الإجراءات الثنائية في حال تم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس".
وأكد عضو المجلس الوطني الفلسطيني، زهير صندوقة، أن "الملك عبدالله الثاني وعد بأن تقوم الأردن بما يتطلبه الوضع المستجد، وأن يكون هنالك تنسيق كامل مع القيادة الفلسطينية، حيث سيتحرك الجانبان في جميع المجالات عربيا وإسلاميا ومن خلال الأصدقاء في العالم".
وأضاف لـ"
عربي21": "لن يكون نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أمرا سهلا؛ لا على الإدارة الأمريكية الحالية، ولا على حكومة الاحتلال"، مؤكدا أن "لنا طرقنا التي نستطيع من خلالها أن نرد على هذا العدوان والانتهاك الذي يمس حقوقنا الوطنية".
ماذا يعني نقل السفارة إلى القدس؟
ووصف صندوقة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، بـ"الأمر الخطير"، قائلا إنه يعني "إضاعة أي احتمال لقيام دولة فلسطينية مستقلة، فلا معنى لفلسطين من دون القدس".
وقال إنه "لا يمكن أن نقبل بنقل السفارة، وسنناضل ليس فقط في المجال الفلسطيني، وإنما أيضا في المجالات الأخرى على مستوى العالم والأمم المتحدة، ولن نرضى أبدا أن تكون القدس عاصمة لدولة الاحتلال".
من جهته؛ حذر رئيس الديوان الملكي الأردني السابق عدنان أبو عودة، من تداعيات نقل السفارة إلى القدس، مؤكدا أن ذلك "سيرفع وتيرة الاقتحامات الإسرائيلية للأقصى، وقد يتعدى ذلك إلى بناء الهيكل المزعوم".
واعتبر أبو عودة نقل السفارة "خرقا لاتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية، ولوصاية الأردن على المقدسات في القدس"، معربا عن خشيته من تحول تعهدات ترامب إلى واقع حقيقي.
وقال لـ"
عربي21" إن "الإدارة الأمريكية الجديدة عينت في إسرائيل سفيرا صهيونيا بمعنى الكلمة، ويؤمن بما تؤمن به الحكومة اليمينية بإسرائيل، بما في ذلك اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل".
وتساءل: "بعد تسيلم الحكم لترامب؛ فهل سيمضي بتنفيذ هذا الوعد؟ أم إن من حوله من ممثلي مؤسسات أمنية وسياسية سيجعلونه يتراجع عنه؟". وتابع: "نحن الآن في وضع المترقب، لكنني أميل إلى أنه قد يحدث".
وطالب أبو عودة بمنح موضوع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس "بعدا عربيا وإسلاميا، من خلال إدراجه في أجندة القمة العربية التي ستعقد في عمان".
أوراق الأردن الدبلوماسية
أما الخبير في الشؤون الفلسطينية حمادة الفراعنة، فقال إن الأردن يملك الإمكانات والأوراق لثني الإدارة الأمريكية عن قرار نقل سفارتها إلى القدس.
وقال لـ"
عربي21" إنه "من الصعب على الإدارة الأمريكية تطبيق هذا القرار"، مضيفا أنه "لا يمكن للولايات المتحدة أن تنقل سفارتها إذا كانت جادة في مواصلة مساعيها نحو التسوية، وجمع طرفي الصراع على طاولة المفاوضات".
وأضاف الفراعنة: "حتى لو اتخذت الإدارة الأمريكية قرارا بهذا الخصوص؛ فإنه يحتاج على الأقل من أربعة إلى خمسة أشهر لتنفيذه، كون الرئيس السابق أوباما وقع في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي على تأجيل قرار الكونغرس بهذا الخصوص لمدة ستة أشهر".
وتعود قضية نقل السفارة الأمريكية للقدس إلى عام 1995 عندما تبني الكونغرس قرارا بنقل السفارة من "تل أبيب" إلى القدس، إلا أن رؤساء الولايات المتحدة، جمهوريين وديمقراطيين، وقعوا على قرار يجدَّد كل ستة أشهر، يقضي بتأجيل نقل السفارة؛ من أجل ما أسموه "حماية المصالح القومية للولايات المتحدة".
وكان المتحدث الرسمي باسم السفارة الأمريكية في عمان، إريك باربي، قد قال في تصريحات صحفية الخميس الماضي، بخصوص تعهد ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس: "لا أريد التكهن بما سيفعله الرئيس الجديد، هناك توتر وقلق ونفهم ذلك، ونسمع من شركائنا في الحكومة الأردنية، وننقل ذلك إلى زملائنا في واشنطن، وتحدث وزير الإعلام محمد المومني (الأسبق) عن ذلك مرارا في تصريحات شديدة".