لماذا فاز دونالد
ترامب؟ هل بسبب الجانب الاجتماعي والاقتصادي؟ أم لأن الاستطلاعات لم تكن دقيقة وقللت من فرصه؟
تجيب جيليان تيت، في تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، عن هذا السؤال، قائلة إن "الجواب يكمن في علم الحاسوب، نعم يجب تعلمه بطريقة مناسبة، ولم يبد على ترامب أنه شخص يحب الخوارزميات، وأصر على الخطابات، حيث قلل من أهمية البيانات؛ للمبالغة في قراءتها".
وتضيف الكاتبة أن "موقف ترامب كان متناقضا مع حملة هيلاري
كلينتون، التي شمل فريقها على عباقرة الحاسوب في (سيلكون فالي)، وكان أنصار كلينتون يعتقدون أن لديهم قاعدة بيانات ضخمة، تحتوي على قائمة الناخبين وكل التكنولوجيا التي كانت وراء فوز باراك أوباما عام 2008".
وتتابع تيت قائلة إن "انتخابات عام 2016 لم تكن تتركز على الظاهر فقط، فخلف الأضواء عكف مساعدو ترامب على استخدام قاعدة البيانات بطريقة مبتكرة، وساعدتهم على القيام بهذا شركة برمجيات تعرف باسم (كامبريدج أناليتكا)، التي أنشأها علماء بريطانيون متخصصون في مجال علم المعلومات، (واستخدمت صحيفة "فايننشال تايمز" شركاتها في قضايا لا تتعلق بالتحرير)، التي تملكها شركة (ميرسر)، التي تعد من المتبرعين للجمهوريين".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الشركة تستخدم طريقة اخترعتها، وتعرف باسم "الرسم البياني النفسي"، التي تحاول دراسة الملامح النفسية للمتسوقين والناخبين، وتقوم على إرسال رسائل قصيرة لهم، ورسم ملامحهم النفسية.
وتبين الصحيفة أن الشركة استطاعت تحليل مواقف الناخبين النفسية، التي جاءت من قواعد البيانات التي بنتها الشركات الكبرى، من خلال إقناع أعداد كبيرة من الناس لتعبئة استمارات بطريقة تشبه ما هو متوفر الآن على "فيسبوك".
وتورد الكاتبة أن "كامبريدج أناليتكا"، قامت بعملية مقارنة للمعلومات التي تحصدها حول نقاط معينة، تتعلق بطريقة التسوق التي يقوم بها الناس؛ من أجل تحديد التصرفات النفسية لهم، مشيرة إلى أن مفهوم هذا الأسلوب يقوم على معرفة موقف المستهلك من الطريقة التي يتم فيها التخزين أو التواصل والرحلة من وإلى المتجر، حيث إنه عبر هذه التصرفات يمكنك استنتاج موقف وخلق رسالة له تتواءم مع حالته النفسية.
وينقل التقرير عن المدير التنفيذي للشركة في أمريكا ألكسندر نيكس، قوله: "لدينا قاعدة بيانات ضخمة، تتكون من أربعة إلى خمسة آلاف من نقاط البيانات، تتعلق بكل أمريكي بلغ درجة النضج".
وتعلق تيت بالقول إن "هذا يبدو غريبا إن لم يكن مخيفا، وبالتأكيد عندما اكتشفت (كامبريدج أناليتكا) في مناسبة تساءلت في البداية عن مغزاها، وعما إذا كانت مصابة بالهوس، لكن الشركة تقدم خدماتها للمتسوقين السياسيين والصناعيين".
وتذكر الصحيفة أن نيكس أشار إلى حوالي 50 حملة انتخابية في عام 2016، كلها للجمهوريين، و"كانت (ميرسر)، التي دعمت المسؤول الاستراتيجي لترامب، ستيفن بانون، متعاونة مع (كامبريدج أناليتكا)"، لافتة إلى أن الأخيرة ساعدت في حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي في حملتها للتأثير على الناخب البريطاني للتصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويكشف التقرير عن أن حملة ترامب لم تكن العميل الوحيد للشركة، بل قدمت في البداية خدمة لمنافسه تيد كروز، مستدركا بأن صهر ترامب جارد كوشنر قام في الصيف بإنشاء شركة جديدة في سان أنطونيو في تكساس، على شاكلة "كامبريدج أناليتكا" ذاتها، واستعان بها.
ويقول نيكس إن شركته لم يكن لديها الوقت الكافي لاستخدام وسائلها في "الرسم البياني النفسي"، لكنها استخدمت قاعدة البيانات من أجل التأكد من الناخب، الذي يمكنه "تغيير" موقفه لمساعدة ترامب، حيث يمكن إقناع أي من أنصار كلينتون بالبقاء في البيت واستهدافه برسالة خاصة، بالإضافة إلى أنها اقترحت على ترامب المدن التي يجب زيارتها، والرسالة التي ينبغي عليه استخدامها.
وتلفت الكاتبة إلى أنه في الوقت الذي استخدم فيه فريق كلينتون قاعدة بيانات ضخمة، واعتمد على الديمغرافيا ونتائج الاستطلاعات، التي تم الاعتماد عليها عام 2008، فإن نيكس يزعم أن الوسيلة الجديدة أعطت فريق ترامب الفرصة للتعرف على الناخبين، خاصة في الولايات المتأرجحة، وبشكل مبكر قبل التصويت.
وتعلق تيت قائلة إنه "من الصعب تأكيد هذه المزاعم أو نفيها؛ لأن (الرسم البياني النفسي)، ما هو إلا صندوق أسود/ غامض".
وتفيد الصحيفة بأن بعض الاستراتيجيين الذين عملوا مع كلينتون يرفضون هذه القصة، ويقولون إن "
كامبريدج أنالتيكا" أخبرت "فايننشال تايمز" أنه من المرجح أن تفوز كلينتون في الانتخابات، مشيرة إلى أن مسؤولي الاستطلاعات، مثل فرانك لونتز، يقولون إن "كامبريدج أنالتيكا" هي شركة معروفة بباحثيها في مجال علم البيانات، ولديها معرفة دقيقة عن الناخبين، وتعرف كيفية الفوز.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالقول: "لو كان نيكس محقا في جزء من أقواله، فإن هذا يقود إلى طرح ثلاث نقاط؛ النقطة الأولى تعني أن الضجيج حول ترامب لا يتوافق مع الحقيقة، أما الثانية فتكشف أن علم البيانات يقوم بتغيير الخصوصية الرقمية والديمقراطية بطرق لا يمكن للفرد التكهن بها، أما الثالثة، فإن هذه القصة يجب أن تثير قلق مديري الشركات، فهناك شركات، مثل فريق كلينتون، كانت تعتقد أن هزيمتها غير ممكنة؛ بسبب النجاحات التكنولوجية السابقة".