على طريقة الرئيس المخلوع، حسني مبارك، في توظيف مباريات الكرة سياسيا، لإلهاء الجماهير، وامتصاص غضبها، واصطناع فرحتها؛ حاول الإعلاميون الموالون لرئيس الانقلاب، عبدالفتاح
السيسي، توظيف
فوز مصر على
المغرب في بطولة كأس
أمم أفريقيا، الأحد، سياسيا، لصالح نظامه في الداخل.
ولم يتمالك غالبيتهم أنفسهم من الرقص على الشاشة، وطالب بعضهم الناس بالنزول للاحتفال والفرحة بالشوارع، فيما ادعى فريق ثالث أن فرحة المصريين بهذا الفوز ستعيد توحيدهم، وهو ما علق عليه معارضون للسيسي بالقول إنه إلهاء للمصريين، وتمهيد لنسبة أي إنجازات كروية إلى السيسي.
وفاز المنتخب المصري على نظيره المغربي، بهدف نظيف في مباراة أقيمت على ملعب "بورت جنتيل" في الغابون، مساء الأحد، ضمن مباريات ربع نهائي بطولة أمم أفريقيا 2017.
وأحرز الهدف صانع ألعاب المنتخب المصري، لاعب نادي "اتحاد جدة" السعودي، محمود كهربا، في الدقيقة 87 من عمر اللقاء.
وكان آخر فوز للمنتخب المصري على نظيره المغربي، بهدف للاعب طاهر أبو زيد في مرمى الحارس المغربي "الزاكي"، بالمربع الذهبي لبطولة كأس أفريقيا عام 1986، التي استضافتها مصر، ما يجعل هذا الانتصار الأول لمصر على المغرب منذ 31 عاما، لتواجه "بوركينا فاسو"، الأربعاء، في مباراة الدور قبل النهائي.
البداية من السيسي في أثيوبيا
جاءت البداية في تسييس المباراة، واستخدامها في الدعاية الداخلية، من قِبَل السيسي نفسه، إذ قام بتوجيه برقية تهنئة إلى اللاعبين من مقر تواجده في إثيوبيا، للمشاركة في القمة الأفريقية المقرر بدؤها الاثنين.
وفي تهنئته أعرب عن فرحه بالفوز، دون مراعاة لمشاعر الخصم العربي الشقيق (المغرب)، حتى إنه لم يتقدم إليه بأي كلمة مواساة، أو تقدير، على الرغم من أن كلا الفريقين عربي، وأن المنتخب المغربي كان الأفضل، والأشد خطورة على المرمى.
وبحسب وزير الشباب والرياضة المصري، خالد عبدالعزيز، فقد قال، في اتصاله برئيس بعثة المنتخب المصري في الغابون، حازم الهواري، إن السيسي يتابع المنتخب في مبارياته، خلال تواجده في إثيوبيا حاليا.
وأكد الوزير المصري أيضا أن السيسي يهنئ اللاعبين، ويطالبهم بالمزيد من التقدم في نهائيات أمم أفريقيا الحالية، وتحقيق طموحات الجماهير المصرية، ناقلا تحياته للمنتخب بعد التأهل للدور قبل النهائي لأمم أفريقيا.
وائل الإبراشي: اخرجوا للشوارع
وتعليقا على الفوز، قال الإعلامي وائل الإبراشي، في برنامجه "العاشرة مساء"، عبر فضائية "دريم": "عدنا إلى أجواء الفرحة التي افتقدناها منذ ثلاث سنوات لأسباب كثيرة".
وأضاف: "كون الناس ترجع تاني، وترفع الأعلام المصرية، وتحتفل بالبهجة، وتبقى عندها حالة الفرحة اللي بتوحدنا، وكمان مباريات الكرة، فهي ليست مباراة ولا تسلية، ولكنها مستقبل، ومصير، وترفع أسماء البلاد عاليا".
وأردف الإبراشي أنه "مشهد افتقدناه لعدة سنوات.. لكن الفرحة هي البطل، والبهجة صناعة مصرية.. مش عايزين نشوف إلا هذه الفرحة على الوجوه"، مشيرا إلى أن الأعلام المصرية عادت تُرفع في الشوارع، وهو مشهد افتقدناه كثيرا، وأعتقد أن كل محافظات مصر فيها هذه الحالة".
وتابع: "الناس بتتعلق بأي فرحة، وعايزة تمشي بالأعلام في الشوارع، وعلينا أن نركز عليها، على اعتبار أننا نستطيع من جديد أن نصنع الفرحة والبهجة، وأن تجمعنا الفرحة ثانية، وأن الناس تخرج في الشوارع لا تخاف من مشكلة تحصل، لأن الفرحة الصادقة النابعة من القلوب ستوحد المصريين"، وفق قوله.
لميس الحديدي تُغيّر الموضوع عند الهدف
ويبدو أن التعليمات الصادرة لإعلاميي السيسي كانت هي تناول موضوعات عامة بعيدا عن المباراة، فإذا جاءت النتيجة في غير صالح مصر، يتم تجاهل الأمر، وإن جاءت لصالحها، يجب تغيير الموضوع، والتعليق على الفوز فورا، والاتصال السريع بشبكة مراسلين، في شتى المراكز، والأندية.
وانطبق ذلك على المذيعة لميس الحديدي، التي كانت تتحدث مع ضيفتها في الأستوديو حول كيفية صنع الشوكولاتة بالمنزل، في وقت كانت فيه عينها مصوبة على شاشة جانبية تنقل المباراة، وبمجرد إحراز مصر للهدف، قاطعت الحديدي الضيفة، وهتفت: "غول"، فيما أخذت تصفق، وتقول لها: "وجهك حلو".
وتابعت الحديدي: "هذه فرحة المصريين بالفوز في مركز شباب سموحة.. إذن الهدف الأول لمصر في المغرب.. شوفوا لنا المراسلين".
وأضافت، في برنامجها "هنا العاصمة"، عبر فضائية "Cbc": "ألف مبروك للمصريين..فكينا العقدة، والنحس".
الأمر نفسه قام به الإعلامي، عمرو أديب، في برنامجه، إذ كان يتحدث عن شكوى المواطنين من صرف مصنع "كيما" مخلفاته الملوثة في النيل بأسوان، ليهتف فجأة: "جول يا أولاد.. مش ممكن.. معجزة.. شيء غير طبيعي.. ايه ده.. كهرباء يا أولاد.. نجم مصر ابن نادي الزمالك.. كهربها يا ابني".
وأضاف أديب: "لا يمكن .. والله.. فرقة غير طبيعية.. ما فيش حد يلعب كده، ويكسب.. وفي وقت قاتل قاتل قاتل.. كهرباء يصعق.. تحيا مصر".
وفي ما بدا أنه مغازلة مصرية للمغرب، زعم أديب، أن عبد الفتاح السيسي والملك محمد السادس تابعا المباراة في أثناء حضورهما للقمة الأفريقية بأديس أبابا.
ورقص أديب على الهواء، وقال إن العقدة المغربية اتحلت بعد 31 سنة، وتقمص دور المعلق حتى نهاية المباراة، وفور انطلاق الصافرة قام مصفقا، وراقصا.
ووصل التأثر به حد أنه مزق الأوراق التي كانت بيديه، وتابع قائلا: "مصر اليوم تعيش أجواء من الفرحة العارمة".
وأضاف: "مصر كلها ولعت، واحمرت، وربك كريم يرزق الهاجع، والناجع"، مردفا: "إيه العظمة، والتجليات دي؟"، وتابع: "ربنا جبر بخاطر الناس دي.. البلد كانت محتاجة لفرحة، وسعادة".
وطالب الموجودين معه في الأستوديو بإطلاق "زغرودة"، قائلا: "ما تسمعونا زغرودة يا جماعة.. نفسي أنزل الشوارع، وأرقص مع الناس، ونحتفل بالفوز".
وتابع، في برنامجه "كل يوم"، عبر فضائية "ON E": "لو فزنا في مباراة بوركينا فاسو الجاية هارقص على الترابيزة دي"، في وقت صفق فيه، ورقص.
موسى: أغان وطنية.. ودعوات 92 مليونا
أما أحمد موسى فقد استهل برنامجه "على مسؤوليتي"، عبر فضائية "صدى البلد"، ببث لقطات من مباريات سابقة لمصر، مع أغان وطنية: قديمة، وحديثة.
ودعا موسى 92 مليون مصري للدعاء بالفوز على المغرب، قائلا: "يا رب.. يا رب"، مبديا احترامه للمغرب، ومضيفا: "ليست لدينا أي خلافات أو مشكلات على الإطلاق مع المغرب".
وأطلق موسى هاشتاغ "يارب انصر مصر"، وقال: "مصر عظيمة برجالها"، وتابع: "المغاربة بيحبوا مصر.. وخلي عندنا روح رياضية، ونحترم الفريق الشقيق".
شلبي يرقص: "مصر عايزة تفرح"
وغير بعيد، رقص الإعلامي مدحت شلبي على الهواء، قائلا: "آدي الفرحة.. مصر عايزة تفرح، وها هي بتفرح".
وأضاف: "حظ المغرب هو أن ربنا وضع في طريقها الفراعنة، والفراعنة لا يعرفون إلا المكسب، والفوز"، على حد زعمه.
ناصر: "حذاري من الانشغال بوهم انتصارات الكرة"
في المقابل، أعربت الجماهير المصرية عن عدم رضائها عن مستوى المنتخب.
وتعليقا على المشهد، قال الإعلامي المناهض للانقلاب، بفضائية "مكملين"، التي تبث من تركيا، محمد ناصر: "إنه يتم إشغال المصريين الآن في وهم انتصارات ماتشات الكورة".
وحذَّر من أنه لو فازت مصر بالبطولة الأفريقية فسيُقال إنه يرجع إلى تخطيط السيسي، وإنجازاته، بحسب وصفه.