هدد
المغرب الاتحاد الأوروبي بقطع العلاقات
الاقتصادية معه نهائيا في حال لم يؤمن الإطار الضروري لتنفيذ مقتضيات الاتفاق الفلاحي الذي يربطه بالمملكة في أحسن الظروف.
وقالت وزارة الفلاحة والصيد البحري المغربية، في بلاغ، إن غياب التزام صريح من طرف الاتحاد الأوروبي "سيفرض على المغرب اختيارا حاسما ما بين الإبقاء على شراكة اقتصادية تم نسجها بتؤدة أو نفض اليد منها نهائيا من أجل التركيز على بناء علاقات ومسارات تجارية جديدة".
وشددت الوزارة على ضرورة معاقبة التحركات التي تسعى إلى وضع عراقيل أمام ولوج المنتوجات المغربية إلى الأسواق الأوروبية، وكذا أن "تواجه بأكبر قدر من الصرامة والحزم من جانب شريكنا الأوروبي".
وحذرت الوزارة، بحسب ما أفادت وكالة المغرب العربي للأنباء، من أن مثل هذه المضايقات تهدد مسار تعاون استغرق بناؤه سنوات عدة، قد يجعل المغرب مضطرا إلى الإعراض عنه "والتركيز على شراكات أطلقها في بلدان ومناطق متعددة خاصة روسيا والصين والهند واليابان وبلدان الخليج، فضلا عن جيراننا الأفارقة".
وقالت الوزارة في البلاغ ذاته، إن "المغرب والاتحاد الأوروبي يربطهما اتفاق فلاحي يشمل تنفيذه تراب المملكة المغربية وذلك بالرغم من مسار قضائي دعم بشكل منطقي جدا البروتوكول الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي".
وأكد البلاغ أنه "ينبغي بالتالي تنفيذ هذا الاتفاق وفقا للروح التي سادت أثناء التفاوض بشأنه وإبرامه"، مضيفا أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي تأمين الإطار الضروري لتطبيق مقتضيات هذا الاتفاق في أحسن الظروف.
وكانت محكمة العدل الأوروبية، ألغت في 21 كانون الأول/ ديسمبر 2016، قرار محكمة الاتحاد الأوروبي بتاريخ 10 كانون الأول/ ديسمبر 2015 والذي خلص إلى الإلغاء الجزئي للاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي. ورفضت المحكمة طعن
البوليساريو لكونه غير مقبول، كما حكمت على "الجبهة" بتحمل مصاريف الدعوى وكذا تلك التي تقدم بها مجلس الاتحاد الأوروبي.
وأكدت الوزارة، في بلاغها، أن اللجنة الأوروبية وكذا المجلس الأوروبي يتحملان مسؤولية إجهاض محاولات التشويش من خلال مواقف وخطابات واضحة ومنسجمة مع قرارات دافعت عنها واعتمدتها الهيئتان نفسهما.
وأبرز المصدر أن المغرب والاتحاد الأوربي يتقاسمان تجربة غنية في مجال التعاون، مضيفا أن "الاتفاق الفلاحي واتفاق الصيد البحري يعدان من بين النماذج الأكثر نجاحا لهذا التعاون وبالتالي فمن المهم الحفاظ عليه تفاديا لتداعيات وخيمة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي سيتحمل الاتحاد الأوروبي كامل المسؤولية عنها".
وأشارت الوزارة إلى أن "كل إعاقة لتنفيذ هذا الاتفاق تعد مسا مباشرا بآلاف مناصب الشغل لدى هذا الجانب وذاك في قطاعات جد حساسة، مع ما يحمله ذلك من خطر حقيقي لعودة تدفق المهاجرين والذي نجح المغرب، بفضل مجهود متواصل، في تدبيره واحتوائه".
وذكر البلاغ بأن المغرب نهج سياسة إرادية، وانخرط بقوة في القطاع الفلاحي من أجل العمل على استقرار السكان وضمان أمنهم الغذائي من خلال تجربة تحظى بالتقدير على الصعيد القاري، مشددا على أن المملكة "تبقى عازمة على مواصلة هذه السياسة التي تدعم انبثاق فلاحة أفريقية فعالة، من خلال المساعدة التقنية وتأمين الولوج إلى الأسمدة وتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي".
وخلصت الوزارة إلى أن "المغرب ينخرط في مقاربة بناءة مع شريكه التاريخي. لكن يظل من الضروري مع ذلك أن يسهر الاتحاد الأوروبي على الحفاظ على هذه العلاقات مع بلد برهن على نجاعته كشريك، وذلك في إطار شامل تكون فيه المبادلات التجارية في قطاعي الفلاحة والصيد البحري جزءا من كل".
وتضع جبهة البوليساريو عراقيل في سبيل إحباط الاتفاقيات المبرمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، خاصة إذا تعلق الأمر بالمنتوجات البحرية والزراعية القادمة من الصحراء والمتوجهة نحو الأسواق الأوروبية، باعتبار أن "الصحراء" تابعة لجبهة البوليساريو وليس المغرب.
وأوردت منابر إعلامية لجبهة البوليساريو (جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب) خبرا مفاده أن المفوض الأوروبي المكلف بالمناخ والطاقة، ميغال أرياس كانيتي، أكد أن الاتحاد الأوروبي سيأخذ بعين الاعتبار الوضع المنفصل "للصحراء" في مبادلاته مع المغرب في مجال الطاقة المتجددة، الأمر الذي أثار حفيظة المغرب.
من جانبه، اعتبر سفير
الجزائر ببروكسيل، عمار بلاني، تصريح المفوض كانيت بأنه "غير مسبوق"، و"يكتسي أهمية قصوى" و"يكرس تموقعا سياسيا وقانونيا جديدا للاتحاد الأوروبي" حول مسألة الصحراء و"من المرجح أن تكون له تبعات معتبرة على الاتفاقات المبرمة أو التي سيتم التفاوض بشأنها مع المغرب"، على حد قوله.
وبدأت قضية الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول النزاع بين المغرب و"البوليساريو" من جهة، وبين هذه الأخيرة وموريتانيا من جهة ثانية إلى نزاع مسلح، استمر حتى عام 1979 مع موريتانيا، التي انسحبت من إقليم وادي الذهب، قبل أن تدخل إليه القوات المغربية، عام 1991، بعد توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأعلنت "البوليساريو" قيام "الجمهورية العربية الصحراوية"، عام 1976 من طرف واحد، اعترفت بها بعض الدول بشكل جزئي، لكنها ليست عضوا بالأمم المتحدة، ولا بجامعة الدول العربية.
وفي المقابل عمل المغرب على إقناع العديد من هذه الدول بسحب اعترافها بها في فترات لاحقة، وتسبب الاعتراف من طرف الاتحاد الأفريقي سنة 1984 بانسحاب الرباط من المنظمة الإفريقية، قبل أن تعود إليه بأغلبية الأصوات في المنظمة في كانون الثاني/ يناير الماضي بعد غياب دام 34 سنة.
وتصر الرباط على أحقيتها في الصحراء، وتقترح كحل حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، بينما تطالب "البوليساريو" بتنظيم استفتاء لتقرير مصير المنطقة، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تؤوي النازحين الفارين من الإقليم بعد استعادة المغرب لها إثر انتهاء الاحتلال الإسباني.