أكد المرشح الرئاسي السابق وزعيم حزب غد الثورة، أيمن نور، أن يوم تنحي الرئيس المخلوع، حسني
مبارك، كان "بداية نهاية الثورة
المصرية، فعندما تنحى "مبارك" تصور الثوار أنهم انتصروا ونجحوا في إسقاط النظام البائد، إلا أنهم اكتشفوا بعد مرور 6 أعوام أن النظام لم يسقط بعد، وأن لدينا مبارك الثاني (في إشارة للسيسي)، بل للأسف الشديد، كان مبارك الأول أكثر قبولا من مبارك الثاني".
وقال: "كنّا في غاية الرومانسية حينما تصوّرنا أنه بعد 18 يوما فقط أسقطنا مبارك ونظامه وأغلقنا الملف نهائيا، ثم عدنا إلى منازلنا، لكن الذي رحل في هذا اليوم ليس هو نظام مبارك. الشعب كان يريد إسقاط النظام، لكن الذي سقط هو مبارك الرجل والأسرة فقط، لكنه لم يأخذ معه شيئا من عالمه ونظامه ومنطقه وفساده واستبداده ومن ظله المتمدد بطول وعرض البلاد حاليا".
وأشار "نور" – في تصريحات لـ"
عربي 21"- إلى أن "كل شيء بقي مختبئا في ثنايا نظام جديد بدأ معركته بشن ثورة ضد الثورة، وسبقها بحملة انتقام وتشويه وتفريق وشيطنة لكل قيم ومبادئ
ثورة يناير".
وأضاف: "كان يوما فاصلا في تاريخ الأمة المصرية، وهو لم يبدأ عندما وقف عمر سليمان ليلقي بيانه المشهود، بل بدأ قبل ذلك بيوم، عندما كان هناك مشروع يتم الترويج له بين قادة الأحزاب والتيارات السياسية، وهو نقل السلطة من "مبارك" إلى عمر سليمان، وقد تصديت – مع آخرين- لهذه الفكرة بشكل قاطع أغلق الباب أمامها في يوم 10 شباط/ فبراير 2011".
وذكر: "صباح 11 شباط/ فبراير، وتحديدا الساعة الواحدة ظهرا، دعوت لاجتماع في مقر حزب الغد الذي كان وقتها بمثابة الحديقة الخلفية لميدان التحرير التي كنا نلتقي فيها كمجموعة من القيادات المؤثرة في الثورة، وقد حضره ممثلون عن كل الاتجاهات والتيارات المختلفة، وفجأة ألقت شخصية محسوبة على التيار الليبرالي (رفض الإفصاح عنها) خطابا بدا وكأنه مكتوب ومعد مسبقا يروج لأهمية استدعاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة ليتدخل من أجل عزل "مبارك" وتولي السلطة وقيادة مرحلة انتقالية".
وأردف: "فوجئت بأن الجميع بلا استثناء يرحب بتلك الفكرة ويعلن دعمه وتأييده لها بشكل مدهش ومذهل بالنسبة لي، وتخليت عن موقعي وتركت منصة البرلمان الشعبي التي كانت موجودة داخل مقر الحزب، ووقفت في منتصف القاعة للرد على هذا الخطاب العجيب، وحذرت من فكرة استدعاء الجيش، وقلت لهم إنني شخصيا وحزب الغد لا يمكننا القبول بتلك الفكرة التي وصفتها حينها بأنها فكرة شيطانية".
وأكمل: "قلت لهم بشكل واضح إنني لن أستطيع أن أواجه أبنائي يوما ما بأنني استدعيت العسكر لملعب السياسة، وذكّرت بأزمة آذار/ مارس 1954، وكيف أخطأت بعض القوى الإسلامية بالاستقواء بالجيش والرهان على أنه سيأتي بالإصلاح، خاصة أننا دفعنا ثمنا باهظا طوال 60 عاما، وبالتالي فلا يجب تكرار هذا الخطأ مرة أخرى أبدا".
ونوه إلى أنه لا يذكر أي تضامن معه من قبل تيارات أو أشخاص رئيسية في هذا الموقف الذي اعتبره البعض أنه تشاؤم لا مبرر، وبعضهم قاموا بتذكيره بهذا الموقف حينما تسلّم الدكتور محمد مرسي رئاسة الجمهورية، وقالوا له إن الجيش أوفى بما وعد به وسلّم السلطة، مضيفا: "طلبت منهم الانتظار لعامين – على غرار ما حدث بعد حركة 23 يوليو- لنرى ما ستؤول إليه الأوضاع، وحدث ما حدث من انقضاض من الجيش على السلطة".
وأضاف أن ذكرى تنحي "مبارك" تحمل نزيفا من الذكريات المؤملة والمبهجة، فهي ذكرى نزيف لأيام استمرت قرابة ستة أعوام، وصاحب هذا النزيف نزيف لأحلام مشروعة بتغيير حقيقي كانت تستحقه مصر بعد ثورة يناير، وكان المجتمع المصري ينتظر أن يمتد هذا التغيير لمفاصل النظام القديم ووجوه، وينعكس على حياة الناس بصورة إيجابية، وهذا ما لم يحدث، حيث كان الإصرار على إجهاض الثورة منذ اليوم الأول لها.
وشدّد زعيم حزب غد الثورة على أن الخطأ الأكبر للثورة هو القبول بإدارة
المجلس العسكري لمرحلة انتقالية بالصورة التي أدت إلى مخاطر كبيرة شقت صفوف الثورة والمجتمع، فقد تركنا إدارة المرحلة لمن تلاعب بكل مقومات الثورة وبكل أطرافها وأشخاصها، وفي النهاية استطاع أن يوجه لها ضربات موجعة.
وذكر أن "ترك الثوار لميدان التحرير في ذاك اليوم كان خطأ تكتيكيا، فقد كان يمكن التراجع عنه أو الانتصار عليه مرة أخرى، وكما تركنا الميدان وقمنا بتنظيفه كان يمكن أن نعود وننظف الميدان مرة أخرى بدمائنا وبشبابنا وبوحدتنا واصطفافنا".
وبسؤاله عما إذا كان تنحي "مبارك" خديعة للثورة أم لا؟ أجاب: "
التنحي لم يكن خديعة. عدم التنحي هو الذي كان سيتحول إلى كارثة، لكن صيغة التنحي التي حملت في رحمها تولية الجيش لمرحلة انتقالية هي التي كانت كفيلة بزرع عناصر تفجير الثورة والقضاء على مقومات الثورة وفرص نجاحها".
وأضاف: "التنحي كان ضرورة، لكن كان ينبغي أن يحدث بالتوافق مع قيادات ورموز الثورة، ولا يترك لمبارك أن يختار الجمل الفضفاضة التي وردت على لسان عمر سليمان أنه ينتحى وفي الوقت ذاته يُكلف، فهذا تناقض واضح، وأنا نبهت لذلك منذ اليوم الأول لسماع هذا الخطاب، فقلت إن الذي يتنحى يفقد صفته في التكليف، فضلا عن أن كافة دساتير مصر لم تشر من قريب أو بعيد لفكرة تولي المجلس العسكري مسؤوليات الرئيس".
واستطرد قائلا: "ثورات الربيع العربي كان أمامها كل فرص النجاح، لكننا لم ندرك أن تلك الثورات ستواجه ثورة ضد الثورة، ولم ندرك منذ البداية أنه يجب علينا التعلم من دروس التاريخ، وأن نتعلم أن الثورات لا تنتصر بين ليلة وضحاها".
وأردف: "ما وصلنا إليه حاليا لا يقول إن الثورة العربية هُزمت، بل ما جرى لها انتكاسة، فهي لم تنتصر بعد، لكنها أيضا لم ولن تنهزم، لأنها رسخت قيم ومبادئ أصبحت مكتسبات لن تفرط فيها الأجيال القادمة، فشباب الثورة لابد أن لهم انتصارا قريبا".
وأوضح أن "خصوم الثورة العربية هم نفس الأشخاص والجهات والأطراف الداخلية والإقليمية والدولية، فالثورة المضادة هي ثورة واحدة، تمت إدارتها في غرفة واحدة، وهي غرفة سوداء تكره الحرية والعدالة والديمقراطية، وتكره السلمية، وحقنوا مجتمعاتنا بعنف ليس من سمات هذه المجتمعات".
واختتم المرشح الرئاسي الأسبق بقوله: "لا يجب أن نُحبط أو نيأس، أو أن نجلس في سرادق لتلقي العزاء في الثورة العربية، فهذا ما يريده أعداء الثورة، علينا نتفاءل ونستبشر بنجاح الثورات الذي سيحدث لا محالة إما عاجلا أو آجلا، فالقادم أفضل، لأننا نستحق ذلك، ولا يمكن أن تتقزم منطقتنا بحجم هؤلاء الأقزام المستبدون الفاسدون".