نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا للكاتب ديفيد آكس، يقول فيه إن القوة الجوية المرتزقة، التي شكلت رمزا للاحتلال الأمريكي للعراق، عادت للعمل، لكن هذه المرة في وسط
أفريقيا، لتدعم عملية غامضة للقوات الأمريكية الخاصة ضد جيش الرب للمقاومة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن مصدرا على الأرض في جمهورية أفريقيا الوسطى شاهد في أواخر كانون الثاني/ يناير طائرة هليوكبتر من نوع "سيكورسكي س-61" تحمل رقم تسجيل "N408RC"، تنقل قوات خاصة أمريكية، لافتا إلى أن جيش الرب للمقاومة، الذي هو عبارة عن عصابة من اللصوص والمغتصبين، يقودهم أمير
الحرب جوزيف كوني، أنشط ما يكون في المنطقة التي تلتقي فيها حدود جمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
ويذكر الكاتب أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما قام عام 2010 بنشر مئة من ذوي القبعات الخضر وغيرهم وطواقم أخرى في وسط أفريقيا؛ لمساعدة القوات المحلية للقبض على كوني وعناصر جيش الرب للمقاومة، مشيرا إلى أنه بعد سبع سنوات فإن عملية "أوبزيرفنت كامباس" تستمر دون اهتمام إعلامي كبير، حيث طلب البنتاغون من الكونغرس مبلغ 23 مليون دولار لتمديد العملية خلال عام 2017.
ويورد الموقع أنه بحسب سجلات إدارة الطيران الفيدرالي، فإن طائرة الهليوكبتر التي رصدها مصدر "ديلي بيست" في جمهورية أفريقيا الوسطى مملوكة لشركة "إي بي أفييشن أل أل سي"، التي تتخذ من إلينويز مقرا لها، مشيرا إلى أن شركة "إي بي أفييشن" كانت قبل ذلك شركة فرعية من شركة "أكاديمي"، الشركة التي مقرها فيرجينيا، التي عرفت سابقا بشركة "
بلاكووتر".
ويلفت التقرير إلى أن حرفي "إي بي" يرمزان إلى مؤسس شركة "بلاكووتر" إريك برنس، والشقيق الأصغر لوزيرة التعليم في الولايات المتحدة المليارديرة بيتس دي فوس.
ويبين آكس أن ظهور طائرة الهليوكبتر يذكر بالعلاقات المتشابكة للشركات التي تدعم حروب الظل باهظة الثمن، التي يديرها البنتاغون في الشرق الأوسط ووسط آسيا وأفريقيا، وعلاقة بعض هذه الشركات مع سياسيين أمريكيين متنفذين.
وينوه الموقع إلى أن شركة "بلاكووتر" كانت تدير خلال ذروة الحرب في
العراق جيشا ربحيا في بغداد، تضمن طائرات هليوكبتر من نوع "ليتل بيرد" وطائرات أخرى، لافتا إلى أن وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين منحتا "بلاكووتر" ووريثاتها عقودا بمئات ملايين الدولارات.
ويفيد التقرير بأنه كان بإمكان طائرات "بلاكووتر" في العراق أن تحمل أربعة أشخاص طيارين ومطلقين للنار مسلحين ببنادق هجوم، مشيرا إلى أن تلك الطائرات المطلية بالأزرق والفضي أصبحت رمزا لحرب طاحنة ولا تتمتع بالشعبية، بالإضافة إلى أنها أصبحت رمزا للتكتيكات العنيفة لـ"بلاكووتر"، حيث تورطت الشركة وموظفوها في العراق بعدة حوادث قتل مريبة، وما هو أسوأ من ذلك، وقام حرس تابع لـ"بلاكووتر" في أيلول/ سبتمبر 2007، بقتل 17 مدنيا عراقيا، في ما عرف بمجزرة ساحة النسور، وسجن أربعة من المرتزقة الذين تورطوا في المذبحة.
ويقول الكاتب إن عمليات "بلاكووتر" الجوية كانت مثيرة للجدل، حيث تم إسقاط طائرة "ليتل بيرد" في بغداد، وقتل طاقمها المؤلف من خمسة أشخاص، بالإضافة إلى سقوط طائرة أخرى ومقتل طياريها في العراق، منوها إلى أن الشركة فقدت عدة طائرات أخرى في حوادث قاتلة في العراق.
وبحسب الموقع، فإن طائرة سقطت في 2004 في أفغانستان، عندما ارتطمت بجبل، وقتل في الحادث ثلاثة جنود أمريكيين كانوا على متن الطائرة، وقالت اللجنة القومية لسلامة النقل إنها وجدت أن الطيار اتبع مسار طيران فيه مجازفة، من خلال الجبال، حيث وجد على مسجل قمرة القيادة قول الطيار قبيل سقوط الطائرة: "أقسم بالله لن يدفعوا لي راتبي لو علموا كم هو ممتع هذا الأمر".
ويكشف التقرير عن أن برنس قام في 2010 ببيع شركة "بلاكووتر"؛ بسبب كثرة القضايا الكثيرة المرفوعة عليها، وانتقل للعمل في الإمارات، ثم أسس مجموعة الموارد الحدودية، حيث تقدم شركته، بحسب التقارير، طيارين للحرب الجوية القاسية في ليبيا، مشيرا إلى أن شركة برنس الجديدة حاولت تفادي القوانين الأمريكية لبيع طائرات هجومية لسيلفاكير، أحد الرجلين القويين المتحاربين في جنوب السودان.
ويذكر آكس أنه بحسب التقارير، فإن برنس قدم الاستشارة للرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، الذي عين دي فوس وزيرة للتعليم، بالرغم من معارضة شديدة من الديمقراطيين وحتى بعض الجمهوريين، لافتا إلى أنها تبرعت بملايين الدولارات لحملات الشيوخ الذين صوتوا لصالح تعيينها.
ويشير الموقع إلى أنه بعد مغادرة برنس، فإن شركة "بلاكووتر" غيرت اسمها عدة مرات، وفي عام 2010 باعت "إي بي أفييشن" وغيرها من موجودات طيران لشركة "إي إي آر" المعروفة أيضا باسم مجموعة "إيرلفت"، التي تصف نفسها بأنها تقدم "حلول الطيران التقليدية والاستكشافية على مستوى عالمي"، لافتا إلى أن حوالي 60 طائرة لـ"بلاكووتر" سابقا لا تزال مسجلة باسم "إي بي أفييشن"، ولم تستجب "إي إي آر" لطلب "ديلي بيست" بالتعليق على الأمر.
ويلفت التقرير إلى أن القوات الأمريكية الخاصة في أفريقيا تعتمد بشكل كبير على طائرات تبدو مدنية، بعضها في الواقع عسكري مطل بطلاء طائرات مدنية، والبعض الآخر طائرات مدنية تعمل بموجب عقد مع البنتاغون، منوها إلى أنه في 6 شباط/ فبراير، منحت وزارة الدفاع "إي إي آر/ إيرلفت غروب" عقدا قيمته 204 مليون دولار؛ لدعم القوات الأمريكية في أفريقيا حتى كانون الثاني/ يناير 2018.
ويكشف الكاتب عن أنه بحسب الطلب الرسمي للمهمة في أفريقيا الوسطى المؤرخة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 في المنطقة، فإن القوات تحتاج إلى طائرتين بأجنحة ثابتة في عنتيبي في أوغندا، وطائرتين بأجنحة ثابتة في نزارا في جنوب السودان، وطائرتين هليوكبتر في أوبو في جمهورية أفريقيا الوسطى، لافتا إلى أن قيادة العمليات الخاصة لم تستطع الاستجابة لطلب مقابلة قبل الوقت المحدد لنشر التقرير.
ويورد التقرير أن الطائرات المدنية وطائرات الهليوكبتر، التي تنقل الكوماندوز الأمريكيين، قد تتعرض لإطلاق النار، بحسب بيان العمل العسكري المؤرخ في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، والمطلوب فيه من الطاقم في حال تسليط الضوء على الطائرة، أو إطلاق النار عليها، أن يقوم بتسجيل تاريخ ووقت وقوع الحادث والمنطقة التي حصل فيها تقريبا، بحسب ما ورد في البيان.
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالقول إنه "على غير ما كان عليه حال طائرات الهليوكبتر الصغيرة في العراق، فإن طائرات المرتزقة في أفريقيا الوسطى ليست مسلحة، ولا تستطيع الرد على النيران".