توقع محللون وخبراء مختصون في أسواق السلع والمعادن هبوط سعر صرف
الدولار، وارتفاع
الذهب خلال تداولات العام الجاري، في ظل المخاوف من السياسات الاقتصادية للرئيس الأمريكي الجديد.
وأوضحوا أن أسعار النفط لن تشهد قفزات كبيرة خلال الفترة ذاتها، وستظل تتراوح بين مستويات 55 إلى 60 دولارا للبرميل على الأرجح، مستفيدة من تفاقم حدة الأزمة بين الحكومة الأمريكية وإيران.
وتشير البيانات المتاحة إلى ارتفاع الذهب بنحو كبير منذ مطلع العام الجاري بنسبة 7.9 في المئة، ليبلغ 1243.1 دولارا للأوقية، مقابل 1151.7 دولارا للأوقية، في نهاية العام الماضي.
وعلى صعيد أسواق النفط، هبطت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت بنسبة 1.98 في المئة، إلى 55.69 دولارا مقابل 56.82 دولارا للبرميل في نهاية العام الماضي.
وارتفعت عقود الخام الأمريكي "نايمكس" بنسبة 1.6 في المئة، لتغلق عند 52.85 دولارا، مقابل 53.72 دولارا للبرميل.
انخفاض محلوظ
وقال الخبير المالي لدى "غلوبل" الإماراتية لتداول الأسهم والسندات، أيمن القصبي، إن الدولار يشهد انخفاضا ملحوظا منذ مطلع العام الجاري، مقابل ارتفاعات كبيرة للذهب، وهو ما قد يستمر طيلة جلسات العام الجاري.
وأرجع القصبي هذا بصورة رئيسة، إلى المخاوف من قرارات وسياسات
ترامب، فيما يتعلق بسياسات الحمائية ضد واردات البلاد القادمة من الخارج، خصوصا الاتحاد الأوروبي والصين والمكسيك.
وتوقع أن يشهد الذهب مزيدا من الارتفاعات على ضوء الضعف المتوقع للدولار، لكنه أكد في الوقت ذاته أن عوامل عدة أخرى قد تعطي الدولار بعض الدعم، أهمها احتمالات قيام المركزي الأمريكي برفع أسعار الفائدة إلى مستوى 1.25-1.50 في المئة بحلول نهاية العام الجاري.
وفي 15 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، رفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة الأمريكية بمقدار ربع نقطة مئوية، ولمح إلى وتيرة أسرع لزيادات أخرى في 2017 مع تولي إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب السلطة.
سياسة ترامب
ويرى القصبي أن المشهد الاستثماري العالمي سيتأثر فعليا بتبعات بدء تطبيق سياسة ترامب، في عامه الأول، إضافة إلى التقدم الذي تم إحرازه على صعيد المفاوضات المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يغير المشهد برمته خلال الشهور المقبلة.
وحول أسواق النفط، قال الخبير المالي إن أسواق النفط تحاول الاتزان حاليا، مستفيدة بشكل كبير من اتفاق "أوبك" الأخير بشأن خفض الإنتاج.
وتوقع أن تتراوح أسعار الخام بين 55 إلى 60 دولارا خلال العام الجاري، وقد تهبط قليلا دون 55 دولارا، لكنها ستظل أعلى من حاجز 50 دولارا للبرميل.
وبدأ الأعضاء في "أوبك" ومنتجين مستقلين، مطلع العام الجاري، خفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل و558 ألف برميل يوميا، على التوالي، في محاولة لإعادة الاستقرار لأسواق النفط العالمية.
ضغوط بسوق النفط
وقال المحلل النفطي والاقتصادي جمال عجيز، إن أسواق النفط قد تواجه بعض الضغوط خلال العام 2017 مع احتمالات زيادة إنتاج النفط في الولايات المتحدة، خصوصا مع تعهد ترامب بفتح جميع الأراضي والمياه الاتحادية أمام أنشطة التنقيب عن النفط والغاز.
وتوقع أن تعاود الأسعار هبوطها الى مستوياتها المنخفضة التي وصلت إليها في الربع الأول من العام المنصرم، مشيرا في الوقت ذاته إلى التوقعات بأن تظل في حدود 50 إلى 60 دولارا للبرميل.
وأضاف: "تصاعد الأزمة بين الحكومة الأمريكية الجديدة وإيران، سيؤثر إيجابا على أسواق النفط، إذ سيحد من قدرة الأخيرة على زيادة إنتاجها النفطي، وهو ما سيسهم بشكل كبير في أحداث توزان بين قوى العرض والطلب في أسواق النفط".
ومنذ تولي ترامب رئاسة أمريكا، يواصل انتقاداته لإيران، معتبرا أنها هي "الدولة الإرهابية الأولى" في العالم، منتقدا بشدة إدارة سلفه باراك أوباما، بعد توقيعها الاتفاق النووي مع إيران ودول مجموعة "5+1"، وتعهد خلال حملته الانتخابية بإلغائه.
صعود الذهب
وتوقع المدير العام لشركة "سبائك" الكويت لتجارة المعادن الثمينة، رجب حامد، صعود الذهب خلال العام الجاري، مدعوما بتراجع الدولار، في ظل تضارب سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة، وهو ما أثر بشدة على قوة الدولار، ودفع المستثمرين إلى الذهب، باعتباره ملاذا آمنا.
وأضاف أن ظهور بعض البيانات الاقتصادية الأمريكية التي جاءت دون التوقعات، أصاب الأسواق بشعور ضعف النمو الاقتصادي، بالتالي كانت المعادن الثمينة الرابح الأكبر.
وأوضح أن الاستثمارات الفردية وارتفاع حيازة الذهب لدى البنوك المركزية وصناديق الاستثمار تعد كلها محفزات إيجابية لرؤية أونصة الذهب قرب حاجز 1300 دولار، خلال النصف الأول من العام الجاري.
اتفاق أوبك
من جانبه، قال شاليش داش، مؤسس شركة الماسة كابيتال لإدارة الأصول والاستشارات، إن هناك توقعات كبيرة بانتهاء وفرة المعروض في سوق النفط، التي كانت سائدة خلال الثلاثة أعوام الماضية، بعد اتفاق "أوبك" الأخير، وهو ما سيعطي دفعة كبيرة لأسواق النفط خلال العام الجاري.
وأضاف: "إذا قام كافة أعضاء أوبك بتنفيذ اتفاقهم، فستشهد الستة أشهر الأولى من 2017، تأثيرا كبيرا على عملية الإنتاج والعرض، وسيدعم ذلك بالضرورة زيادة أسعار النفط مع توقعات متفائلة بصعوده نحو مستوى 70 دولارا".
وأكد أن ارتفاع أسعار النفط سيدعو النفط الصخري الأمريكي إلى السوق مرة أخرى، وهو ما سيؤثر بدوره على حالة العرض. ومن ثم، فإن التقلبات سوف تكون قائمة في السوق، رغم أن 2017 يمكن أن تكون بداية نطاق تداول جديد للنفط.
تفاؤل أسواق المال
وقال كبير استراتيجي الأسواق في "فوركس تيم"، حسين السيد، إن حالة التفاؤل التي سادت الأسواق المالية منذ الانتخابات الأمريكية أصبحت على المحك، بعد أن أظهرت التطورات الأخيرة التركيز المفرط للرئيس ترامب على السياسات الحمائية، بدلا من سياسات داعمة للنمو.
وتابع: "هذا ينطبق أيضا على أوروبا، بعد أن شنت مارين لوبان حملتها الانتخابية للرئاسة الفرنسية، ووعدها بالتخلي عن اليورو، ومحاربة العولمة، وإغلاق الحدود أمام المهاجرين".
وقال السيد إن هذه التطورات أدت إلى تراجع اليورو مقابل الدولار، مشيرا إلى أن المخاطر السياسية في منطقة اليورو من المرجح أن تستمر لتطغى على البيانات الاقتصادية في الأسابيع المقبلة.
وتابع: "ليست الانتخابات الفرنسية فحسب، إنما الانتخابات الهولندية والألمانية، وربما الإيطالية ستلقي بثقلها على اليورو".