في رد فعل أولي من أحد أبرز الأذرع الإعلامية لنظام الانقلاب العسكري في مصر، دافع رئيس تحرير صحيفة مصرية موالية لرئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، عن اللقاء الرباعي السري الذي شارك فيه السيسي بمدينة
العقبة، قبل قرابة عام، والتقى فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو، كاشفا أن السيسي هو مَن طلب عقده، ومؤكدا أنه ربح من ورائه.
يأتي هذا في وقت غلب فيه على الإعلام المصري الصمت إزاء اللقاء، والاكتفاء بإبراز تعليق الرئاسة المصرية عليه، عبر متحدثها الرسمي، علاء يوسف، الذي لم ينفه، فيما صدرت ردود أفعال ضعيفة، مؤيدة لخطوة السيسي هذه، من قبل بعض أنصاره.
أكد رئيس تحرير صحيفة "الدستور" المصرية، المقرب من الأجهزة الأمنية، محمد الباز، أن السيسي هو صاحب فكرة اللقاء الرباعي السري بمدينة العقبة.
وقال إنه: "طبقا للمصادر الدبلوماسية، فإن المفاوض المصري تجمعت لديه معلومات أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يسعى إلى أن يختم عهده في البيت الأبيض بخطوة كبيرة في
القضية الفلسطينية، لكن قبل أن يخطو في هذه الاتجاه شبرا واحدا، فاجأ السيسي إسرائيل وأمريكا بطلب اجتماع قمة في الأردن".
وعلّل الباز هذا الطلب بقوله: "أراد (السيسي) أن يضع الأطراف جميعها أمام مسؤوليتها". وأضاف: "وقد ربح (السيسي) في هذه الجولة، تعرية إسرائيل التي لا تريد حلا"، على حد وصفه.
جاء ذلك في مقاله بعنوان "لماذا قابل السيسي نتنياهو سرا في الأردن؟"، بجريدة "الدستور"، الاثنين.
وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية كشفت عن
لقاء سري جمع السيسي برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والملك عبد الله الثاني ملك الأردن، ووزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري. لكن الباز وصف تقرير "هآرتس" بأنه "لم يكن دقيقا بما يكفي".
وأردف بأنه "طبقا لمصادر مطلعة، كان هذا اللقاء الرباعي بدعوة السيسي نفسه، ولم يكن بترتيب من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وقد استمر اللقاء لمدة ساعتين".
وأكد الباز أن السيسي هو الذي أراد أن يكون اللقاء سريا.
ونقل عن "مصادر دبلوماسية" قولها إن السيسي أراد له (اللقاء) أن يكون سريا، لأنه كان مجرد حلقة في ملف التفاوض الذي قرر أن يقوده (السيسي) بنفسه للحفاظ على حقوق الفلسطينيين (...).
وشرح الباز فكرته فقال: "قرر السيسي أن يسترد دور مصر الإقليمي في المنطقة، ولأنه كان يعرف جيدا أن المساحة التي يشغلها في هذا الملف ركيزة أساسية، فقد بدأ مبكرا في تجهيز ملف التفاوض على الأرض، وحرص على ألا يفقد أي ورقة من أوراقه، وفي الوقت نفسه لا يتنازل عن أي مما يريده"، وفق قوله.
وعاد الباز بالذاكرة إلى شهر أيار/ مايو 2016، عندما "كان السيسي يتحدث في أسيوط على هامش افتتاح مشروعات، وناشد الأطراف الإسرائيلية لتحقيق السلام حتى تستفيد الأجيال المقبلة، وفق قوله.
وأضاف الكاتب أنه سأل أحد الخبراء العسكريين "الذى كان موجودا معنا يومها في أسيوط عما يعنيه الرئيس، فقال نصا: الريس يضع إسرائيل في خانة اليك".
وعلق الباز بالقول: "السيسي كان يخطو خطوة جديدة في ملف التفاوض، فقد وجه هذه الدعوة لإسرائيل بعد حوالي ثلاثة أشهر من لقائه بنتياهو، ومطالبته بشكل واضح بالموافقة على حل الدولتين كحل واحد ووحيد للمشكلة الفلسطينية"، وفق قوله.
وأشار إلى أن "المفاوض المصري أراد أن يحتفظ بورقة قوته وتأثيره، وقدرته على تحريك الأمور في المنطقة، وهو ما وصل إلى الإدارة الأمريكية الجديدة، التي لم تكن دخلت إلى البيت الأبيض بعد، وتمثل ذلك في الاتصال الهاتفي بين السيسي ودونالد ترامب، وهو اتصال كانت له مكاسب عدة من بينها اعتراف البيت الأبيض بأن مصر شريك أساسي في حل القضية الفلسطينية، بعد أن حاولت دول عدة في المنطقة انتزاع هذا الدور، والسطو عليه"، بحسب تعبيره.
وعاد الباز لطرح التساؤل: "لماذا قابل السيسي نتنياهو في الأردن إذن؟".
وأجاب: "طبقا للمصادر الدبلوماسية، فإن المفاوض المصري تجمعت لديه معلومات أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يسعى إلى أن يختم عهده في البيت الأبيض بخطوة كبيرة في القضية الفلسطينية، لكن قبل أن يخطو في هذه الاتجاه شبرا واحدا، فاجأ السيسي إسرائيل وأمريكا بطلب اجتماع قمة في الأردن، فقد أراد أن يضع الأطراف جميعها أمام مسؤوليتها، وقد ربح في هذه الجولة، تعرية إسرائيل التي لا تريد حلا"، حسبما قال.
ومدافعا عن عدم التمثيل الفلسطيني في اللقاء، أضاف: "لم يذهب السيسي إلى الأردن لمقابلة نتيناهو منفردا، كان هناك تنسيق مع أطراف عربية معنية بالقضية الفلطسينية، بل كانت السلطة الفلسطينية ممثلة بوجود السيسي نفسه الذي قال في هذا الاجتماع نصا: "الفلسطينيون هيعملوا دولتهم يعني هيعملوا دولتهم"، بحسب زعمه.
ومتسائلا عما جنته مصر من هذا اللقاء، وغيره من خطوات التفاوض السري والعلني، أشار الباز إلى ما اعتبره "ثلاثة مكاسب محددة"، قال إنها إدانة كاملة للاستيطان الإسرائيلي، وعلاقة جيدة مع الإدارة الأمريكية التي أجبرها السيسي على أن تقر لمصر بدورها الإقليمي، وقيادة إقليمية بعد أن استعدنا أوراق التفاوض من جديد، ثم والأهم من ذلك كله، أننا وضعنا إسرائيل أمام مسؤوليتها، فالحل أمامها لكنها لا تريد أن تقر به"، وفق زعمه.
واختتم مقاله مادحا السيسي بالقول: "في هذا اللقاء كان عبدالفتاح السيسي المتحدث الأول، طبقا لتقديرات مطلعين على ما دار فيه، حظي بأطول فترة من الحديث، وكان الموجودون حريصين على سماع وجهة نظره، ولم يتراجع في أي لحظة عن موقفه المبدئي الذي أعلنه، وهو حل الدولتين"، وفق إدعائه.