بدأت الخلافات بين المتمردين الحوثيين وحلفائهم في حزب المؤتمر (جناح علي عبدالله صالح) على المناصب في وزارة
التعليم العالي التي كانت من نصيب الأخير في حكومة الإنقاذ التي شكلها الطرفان، تكبر ككرة ثلج وصلت إلى
جامعة صنعاء، وظهرت للعلن.
ففي السابق، اقتصرت معركة الاستحواذ على المناصب في الوزارة التي يرأسها القيادي في حزب صالح "حسين حازب"، إلا أن شراراتها انتقلت إلى جامعة صنعاء التي تحولت لمسرح جديد لهذه المعركة، عقب قيام "الحوثيين" بالإطاحة بقيادات تابعة للحزب من مناصب إدارية عليا في الجامعة التي تشهد إضرابا أعلنت عنه نقابة أعضاء هيئة التدريس الشهر الماضي، احتجاجا على عدم صرف مستحقات أعضائها المالية منذ شهور.
مصدر يمني مطلع أبلغ "
عربي21" أن قيادات حزب صالح في جامعة صنعاء، أوعزت إلى موظفيها في القطاعات الإدارية بالجامعة بتعطيل العمل فيها احتجاجا على قرارات أصدرها
الحوثيون أطاحت بستة مسؤولين مواليين للحزب من مناصبهم في الجامعة الأكبر في
اليمن.
وقال المصدر، الذي فضل عدم نشر اسمه لـ"
عربي21"، إن الأجراء الذي اتخذه المؤتمريون تسبب في تعطيل العمل الإداري في الجامعة، بعدما تحولت إلى ساحة جديدة للتجاذبات بين الحليفين في صنعاء.
وأكد المصدر أن هناك مساع لاحتواء الأزمة بين الطرفين، خوفا من أن يستفيد منها أكاديميو جامعة صنعاء الذين يتمسكون بقرار الإضراب عن التدريس، حتى تلبي سلطة الحوثيين مطالبهم أهمها صرف المستحقات المالية الخاصة بهم منذ أشهر.
الإضراب دخل حيز التنفيذ
وعلى الرغم من إعلان نقابة العاملين في جامعة صنعاء الإضراب الشامل، قبل ثلاثة أيام، للمطالبة بتغيير رئيس الجامعة فوزي الصغير، المعين من قبل الحوثيين، إلا أن الإضراب دخل حيز التنفيذ فعليا، الأحد.
وبحسب البيان الصادر عن نقابة العاملين بالجامعة فإن "رئيس الجامعة "الصغير" لم يقدر صمود الموظفين طوال الفترة السابقة، واستمر بمسلسل الإقصاء والتهديد والتعسف وممارسة شق الصف بين منتسبي الجامعة".
أكاديميون بين سياط الحوثي وخذلان الحكومة
من جانب آخر، يواصل أعضاء هيئة التدريس، إضرابهم عن التدريس في كليات وأقسام جامعة صنعاء منذ شهر تقريبا، بعد رفض جماعة الحوثيين تسليم مرتباتهم الشهرية، التي كان لها تداعيات على وضعهم المعيشي، حيث دفعت ببعضهم إلى البحث عن عمل آخر خارج النطاق الأكاديمي لإعالة أسرته، وفقا لمصدر مقرب من النقابة.
وأوضح المصدر المقرب من نقابة الجامعة أن نقابة أعضاء هيئة التدريس، تعاني من خذلان الحكومة الشرعية التي يقابلها استمرار الخطر الحوثي الذي يتهدد عددا من أعضائها خصوصا، رئيس النقابة، محمد الظاهري، الذي باتت حركته محدودة.
وفي نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي، وجهت نيابة الأموال العامة في صنعاء، مذكرة استدعاء لنقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم بجامعة صنعاء للتحقيق في الشكوى المرفوعة ضدهم من قبل رئيس الجامعة المعين من الحوثي، فوزي الصغير.
وتضمنت الشكوى قيام النقابة بنشر إعلانات مغرضة لعرقلة وتكدير الأمن العام، والقيام بتنظيم إضراب لعرقلة التدريس في كليات الجامعة.
وفي مطلع الشهر الماضي، نجا الظاهري، وهو أحد رموز ثورة 11 من شباط/ فبراير، من محاولة اغتيال قام بها أكاديمي موال للحوثيين يدعى "محمد المأخذي" لولا تدخل طلاب لحمايته بعد إشهار الأخير مسدسه نحو الظاهري.
وبناء على المعطيات السابقة، بات أكاديميو جامعة صنعاء بين سياط ترهيب وتهديد الحوثيين وخذلان الحكومة الشرعية التي يقودها أحمد عبيد بن دغر، التي لم يكن متوقعا لديهم من قبل الجانب الحكومي، حسبما ذكره المصدر.
بن دغر انتقد الإضراب
وفي هذا السياق، أكد المصدر المقرب من نقابة جامعة صنعاء أن الوفد الذي أوفدته نقابة هيئة التدريس في الجامعة إلى مدينة عدن (جنوبا) للتفاوض مع الحكومة الشرعية، حول موضوع "صرف مستحقات أعضائها المالية"، تعرضوا لموقف كان صادما لهم.
وأضاف المصدر لـ "
عربي21" أن الوفد المكون من "عبدالحميد البكري" و"علي العسلي" و"فاتن العزعزي" تفاجئوا خلال لقائهم برئيس الحكومة "بن دغر" بموقف غريب أبداه الرجل.
وتابع المصدر حديثه قائلا: "إن ابن دغر انتقد إضراب أعضاء هيئة التدريس في جامعة صنعاء عن التدريس، وطالبهم برفعه، وهو الأمر الذي لم يكن يتوقعه أحد من المسؤول الثالث في الشرعية".
وأشار إلى أن رئيس الحكومة كان يتوقع منه الإشادة بالإضراب كونه حق مكفول بالدستور والقوانين، وسلوك حضاري يعبر عن مستوى وعي متقدم، إلا أن موقفه بدا معاكسا ومعارضا لما قاموا به.
وكانت هيئة التدريس بجامعة صنعاء، قد أعلنت في 7 كانون ثاني/ يناير الماضي، عن الإضراب الشامل عن التدريس بشكل كامل في الجامعة، في خطوة تصعيدية للمطالبة بصرف مستحقاتهم، بعد مرحلتين من الوقفات الاحتجاجية.