بحجة السعي لوقف ما سمّوه "فوضى
مواقع التواصل الاجتماعي"؛ أعلن عدد من أعضاء مجلس
نواب الانقلاب بمصر، تقدمهم باقتراح لمشروع قانون جديد؛ يقضي بأن يكون إنشاء حساب على مواقع التواصل الاجتماعي عبر البطاقة الشخصية للمستخدم.
وأكد النائب اللواء يحيي الكدواني، في تصريحات صحفية، أنه سيتم قريبا إصدار قانون ينظم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ويمنح الأمن سلطات
مراقبة ومتابعة اتصالات "الإرهابيين" من خلالها.
وأعلن النائب أحمد رفعت تقدمه باقتراح لداخلية الانقلاب، بتخصيص وحدة في كل قسم شرطة لمتابعة الجرائم الإلكترونية.
وقال النائب جمال عقبي، إنه سيتقدم بطلب إحاطة لإعداد قانون يلزم مواقع التواصل الاجتماعي بالحصول على صورة من بطاقة الرقم للمستخدم؛ لضمان معرفة من يتحدث على هذه المواقع، وتسهيل تتبع من ينشر "التطرف والإرهاب" أو يهاجم مؤسسات الدولة، زاعما أن مواقع التواصل الاجتماعي "أصبحت ملجأ للجماعات الإرهابية التي تنشر أفكارها عبر حسابات مجهولة يصعب رصدها وتتبع أصحابها".
تاريخ من التجسس والمراقبة
وكانت داخلية الانقلاب قد أعلنت في عام 2014 عن مناقصة لتوريد أجهزة لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي تحت اسم مشروع "رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي"، الأمر الذي دفع عدة منظمات حقوقية لرفع دعوى قضائية تطالب بوقف هذه المناقصة، لكن محكمة القضاء الإداري قضت الأربعاء الماضي بعدم قبول الدعوى، وأوصت بتأييد قرار وزير داخلية الانقلاب بشراء أجهزة المراقبة.
ويقول مراقبون إن هذا الحكم القضائي يعني منح أجهزة الأمن الغطاء القانوني لمراقبة مواقع الإنترنت، وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي كانون الثاني/ يناير 2016 أعلنت حكومة الانقلاب تأسيس "المجلس الأعلى للأمن السيبراني" لمراقبة كل ما ينشر على مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.
وكشفت تقارير صحفية أمريكية تعاقد حكومة الانقلاب في حزيران/ يونيو 2016 مع شركة "بلو كوت" الأمريكية، لتوريد أنظمة تستخدم في مراقبة مستخدمي الإنترنت داخل البلاد، فيما أكد تقرير لمنظمة "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" في شباط/ فبراير الماضي تعرض سبع منظمات حقوقية لعشرات الهجمات الإلكترونية في الأسابيع الأخيرة، والتي تقف وراءها منظمة حكومية تسمى "نايل فيش" تعمل على
التجسس على حسابات النشطاء الحقوقيين.
وفي أيلول/ سبتمبر 2016 أصدرت حكومة الانقلاب قانون جرائم الإنترنت، الذي يتضمن عقوبات رادعة لمن يمارس التحريض على الكراهية عبر الإنترنت، أو زعزعة استقرار البلاد، وهي تهم يصفها حقوقيون بأنها "مطاطة".
ليس الأول من نوعه
من جهته؛ قال خبير تكنولوجيا المعلومات، عبدالرحمن الصاوي، إن التجسس عبر الإنترنت موجود في دول كثيرة، ومن بينها مصر، مشيرا إلى وجود أشكال مختلفة لمراقبة حسابات النشطاء السياسيين والمعارضين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف الصاوي لـ"
عربي21" أن العديد من الأجهزة الأمنية تراقب "
فيسبوك" و"تويتر" منذ فترة طويلة، موضحا أن "القانون المقترح يعطيها حق الضبطية القضائية لاعتقال أي شخص متلبسا، بدلا من الاكتفاء بمراقبته عن طريق التجسس عليه بشكل غير قانوني".
وأوضح أن هذا القانون "ليس الأول من نوعه في هذا المجال"، لافتا إلى أن "هناك قانونا تم تفعيله منذ فترة بحجة مكافحة الجرائم الإلكترونية؛ يعد أخطر من القانون المعروض الآن على مجلس النواب؛ لأنه يعطي السلطات الحق في اتخاذ إجراءات ضد أي شخص إذا شعرت من كتاباته على مواقع التواصل الاجتماعي أنه يعارضها".
وحول اقتراحات النواب بأن يكون دخول مواقع التواصل الاجتماعي بالبطاقة الشخصية؛ وصف الصاوي هذه الخطوة بأنها "حالة تخلف مستفحلة، فالعالم كله يتطور، حتى إن الهند تصنع أجهزة لتكنولوجيا الجيل الخامس، بينما نحن نتكلم عن دخول (فيسبوك) بالبطاقة"، مشيرا إلى أن "أجهزة الأمن ليست بحاجة للبطاقة الشخصية حتى تعرف معلومات عن مستخدمي الإنترنت وتتجسس عليهم".
خوف من مواقع التواصل الاجتماعي
أما المنسق العام لحركة شباب 6 إبريل، عمرو علي؛ فقال إن "النظام الحالي يسعى بكل الطرق إلى تشويه ثورة يناير ورموزها؛ من خلال التجسس على مكالماتهم الهاتفية وحساباتهم الشخصية"، مشددا على أن "هذا لن يمنع الناس من أن تتكلم وتعبر عن رفضها للسياسات القمعية التي يمارسها النظام حتى يحكم قبضته العسكرية على السلطة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "حالة حقوق الإنسان في مصر متدهورة بشدة، وهناك آلاف المعتقلين في السجون، ولا يريد النظام لأحد أن يعبّر عن غضبه عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي فجرت ثورة يناير، ويمكنها أن تحرك أي قضية وتحولها إلى قضية رأي عام. لذلك فهو يخاف منها ويفصل قوانين خاصة لمحاربتها".
وحول القانون المقترح؛ قال علي إنه "يعد استمرارا لحالة الانحطاط في فكر نواب
البرلمان بعد ثورتين شهدتهما البلاد في السنوات الأخيرة"، مضيفا أن "هذا التوجه ليس مستغربا من برلمان جاء باختيار الأجهزة الأمنية، وليس عبر انتخابات نزيهة".