بعد نجاح نموذج تدخلها في سوريا؛ تسعى
روسيا بشكل حثيث وبعيدا عن الاعتبارات الأخلاقية إلى تكرار النموذج ذاته في
ليبيا، وربما
مصر في المستقبل؛ لأن ذلك يمنحها مميزات القوة العظمى المؤثرة؛ وهو ما تسعى إليه روسيا.
وقال الكاتب
الإسرائيلي في صحيفة "إسرائيل اليوم"، أريئيل بولشتاين: "يعرف الكرملين كيفية الكشف عن كل تصدع تستطيع الإمبراطورية السوفييتية الدخول من خلاله إلى مناطق الصراع لزيادة تأثيرها".
ولفت في مقال له، الخميس، بصحيفة "إسرائيل اليوم"؛ إلى أن "غياب الهدوء الدائم في ليبيا، بعد سقوط القذافي لا يشبه الوضع السائد في سوريا عشية دخول روسيا إليها"، موضحا أن "التدخل الروسي في ليبيا لم يصل إلى المستوى الذي وصل إليه في سوريا؛ وفي الوقت ذاته لا يمكن تجاهل عدد من النقاط المتشابهة في الساحتين".
وذكر بولشتاين عددا من أوجه الشبه بين الساحتين السورية والليبية، ومنها أن "ليبيا مثل سوريا بالضبط في السابق مجتمع مؤيد للسوفييت"؛ منوها إلى أن "روسيا تريد أن تظهر للشركاء في الحاضر والمستقبل أنها تختلف عن دول الغرب التي تغير أولوياتها في المنطقة؛ فإن روسيا بوتين هي حليفة مخلصة ومنهجية ولا تتراجع عن تأييد اصدقائها".
وقال: "روسيا ليس مثل الولايات المتحدة؛ فهي لن تترككم وقت الحاجة؛ وذلك مثلما يقول الروس، والكثير من القادة يفهمون هذه الرسالة؛ فالرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي) الذي تعلم على جلده تغير الأجواء في واشنطن يفهم ذلك جيدا".
وبين الكاتب أن وجه الشبه الثاني "كما حدث في سوريا؛ فإن حالة الفوضى في ليبيا هي مشكلة في نظر أوروبا، لذلك يعتقد الروس أن دخولهم التدريجي للساحة الليبية لن يواجه معارضة غربية حقيقية"، مؤكدا أن أوروبا التي ربما "تتحفظ على التدخل الروسي؛ إذا شعرت أن ذلك سيضمن تقليص موجة الهجرة إليها فلن يحتج أحدا على ذلك".
وأشار إلى أهمية الموقع الاستراتيجي لليبيا وسوريا؛ والذي بدوره "يجعل كل واحدة منهما هدف مطلوب"؛ مؤكدا أن دخول روسيا إلى ليبيا "سيمنحها موطئ قدم كبير ودائم في حوض البحر المتوسط، تماما مثلما حصل في سوريا؛ بأن منحها البقاء الدائم في الميناء العسكري في طرطوس؛ ومن هنا فإن دخول روسيا إلى ليبيا، إذا تم فلن يكون حدثا عرضيا".
وأشار بولشتاين إلى أن "نموذج سوريا هو نموذج ناجح في نظر روسيا، وهذا يدفعها لتكراره في ساحة أخرى؛ في الوقت الذي يكتفي فيه الغرب بمراقبة الأحداث"، لافتا إلى أن "روسيا لا تتردد في التشمير عن ذراعيها واتخاذ الموقف المناسب لها".
وتابع: "في سوريا كان تأييد بشار الأسد، وفي ليبيا تأييد لخليفة حفتر"، مضيفا: "وبعيدا عن الاعتبارات الأخلاقية؛ روسيا على استعداد للعمل مع كل من يريد العمل معها".
ونبه الكاتب الإسرائيلي إلى أنه "لن يكون مفاجئا إذا رأينا، في أعقاب تدخل روسيا في ليبيا، علاقة بين روسيا ومصر؛ لأن روسيا تريد الحصول على موقع دائم لها في مصر؛ رغم أن فرصة ذلك الآن ضعيفة"؛ مستدركا: "يمكن لهذا السيناريو أن يحدث في المستقبل؛ فالحديث لا يدور فقط عن الاستعداد للتواجد المادي في هذا المكان أو ذاك، بل الطريقة التي تطمح فيها روسيا لأن ينظر العالم إليها من خلالها".
وأضاف: "ليس صدفة أنه بعد دخول روسيا العسكري وتحسين مواقعها، تغادر إلى عمليات المصالحة بوساطتها"، منوها إلى أن وضع أي دولة "كمقررة أو حلقة وصل في الصراعات؛ هو جزء لا يتجزأ من مميزات القوة العظمى، وهذا بالضبط ما تريده روسيا".