خلال أقل من شهر، أصدر الاحتلال أوامر تقضي بإبعاد ثلاثة من طلاب جامعة القدس، ببلدة أبو ديس شرق المدينة المقدسة، لستة أشهر عن جامعتهم وكامل المنطقة المحيطة بها.
واستهدفت القرارات الثلاثة طلبة يتهمهم الاحتلال بالانتماء إلى الكتلة الإسلامية، الجناح الطلابي لحركة حماس، ويقطنون في مدينتي
رام الله وقلقيلية بالضفة الغربية، وتهددهم بالاعتقال المباشر لستة شهور، وفرض غرامات مالية تتراوح ما بين ألف وألفي دولار، في حال دخولهم شرق القدس.
وقال أحمد ضمرة، أحد الطلبة الذين صدر بحقهم قرار بالإبعاد، إنه "بعد اعتقاله لأربعة أيام في سجن عوفر، في العاشر من آذار الجاري، أعلمته مخابرات الاحتلال بقرار
الإبعاد الصادر بحقه، الذي بدأ في 14 آذار، وينتهي في 14 أيلول من العام الحالي".
وأضاف لـ"عربي21": "كنت أتوقع قرار الإبعاد، لا سيما أن الاحتلال أبعد زميلين لي سابقا، أصررت على رفضه في البداية، ولكن الاحتلال خيرني بينه وبين والاعتقال، ولم أستطع الاستمرار بالرفض؛ بسبب الظروف الصحية الصعبة التي يمرّ بها والداي".
وسبق إبعاد ضمرة إبعاد زميليه؛ الطالبين براء عودة من قلقيلية، وأحمد عوض الله من رام الله.
ويقضي ضمرة عامه السادس في الجامعة، ويحتاج إلى سنوات أخرى، رغم أن تخصصه يحتاج أربعة أعوام دراسية فقط؛ وذلك بسبب اعتقاله لمدة عام سابقا لدى الاحتلال، إضافة إلى اعتقال لدى الأجهزة الأمنية، وملاحقات ومضايقات أخرى، و"هذا القرار سيزيد من تعقيد حياته الأكاديمية، ويصعّب إكمال مسيرته التعليمية"، كما يقول.
وتابع ضمرة: "أتوقع أن يستمر الاحتلال في سياسته هذه، وأن نسمع عن مزيد من الطلبة المبعدين عن الجامعة وشرق القدس خلال الأيام القليلة القادمة؛ لأن الاحتلال يظن أن خيار الإبعاد هو الأسرع والأسهل والأكثر فاعلية في مواجهة الحراك الطلابي والحياة السياسية في الجامعة، لا سيما أنه لا يملك أي أدلة تدين الطلبة وتتيح له اعتقالهم".
قانون الاحتلال
وقال الطالب المبعد، براء عودة، إن مؤسسات حقوقية و"العيادة القانونية في جامعة القدس" تواصلت مع الطلبة الذين صدرت بحقهم قرارات الإبعاد، كما أنهم وكلوا محاميا للاعتراض على "القرار الجائر الذي يستهدف طلبة من أصحاب التأثير الاجتماعي والحضور القوي في الجامعة".
وأضاف عودة لـ"عربي21": "ندرك أن المسارات القانونية لن تأتي بنتيجة حقيقية مع احتلال يريد أن يفسد الحياة الأكاديمية والسياسية في الجامعات، لكنها في هذه اللحظة خيارنا الوحيد".
من جهته، أوضح المحامي المسؤول عن ملف الطلبة المبعدين، أشرف أبو سنينة، أن القانون العسكري "
الإسرائيلي" المعمول به يتيح لـ"القائد العسكري الإسرائيلي" في منطقة معينة إصدار قرار بإبعاد أي شخص يريده عن المنطقة التي يديرها، لمدة تتراوح بين شهر وستة أشهر قابلة للتمديد، بناء على معلومات استخباراتية يقدمها عملاء الاحتلال فقط.
وقال لـ"عربي21" إن الدفاع قدّم التماسا لمحكمة الاحتلال العليا؛ للطعن في القرار، غير أنها لم تحدد موعدا لجلسة المحكمة بعد، وعند عقد الجلسة ستكون سرية، ويتداول فيها قضاتها الثلاثة الأمر مع مندوبي مخابرات الاحتلال "الشاباك".
وتوقع أبو سنينة أن تؤكد المحكمة "الإسرائيلية" العليا قرار المخابرات، مستشهدا بقضايا مشابهة سابقة رفضت فيها التماس المحامين.
ورغم ارتفاع وتيرة قرارات الإبعاد خلال الفترة الأخيرة، إلا أنها ليست الأولى من نوعها، فقد سبق أن صدرت قرارات مشابهة بحق عدد من طلبة جامعتي القدس وبيرزيت، من بينهم طالب اعتقله الاحتلال قبل أيام.
الجامعات.. التأثير والاستهداف
وقال أستاذ الإعلام في جامعة القدس، أحمد رفيق عوض، إن "سياسة الإبعاد سياسة قديمة عند إسرائيل، ورثتها عن الاحتلال الإنجليزي".
وأضاف لـ"عربي21" أن "هذه السياسة تهدف إلى عقاب الفلسطيني، باعتباره إنسانا؛ من خلال تعطيل حياته، وطرده من بلاده، وباعتباره ناشطا؛ من خلال فصله عن بيئته ونطاق تأثيره، بغية إضعاف الحراك الرافض للاحتلال عموما".
وأشار إلى أن الجامعات الفلسطينية مناطق حساسة، وسريعة التفاعل مع الواقع ومع أي حراك رافض للاحتلال، وأنها "مكان لتجمع النخب الطلابية والسياسية والفصائلية، ومن أهم الفاعلين والمؤثرين في الساحة الفلسطينية".
وأوضح عوض أن لجامعة القدس حساسية خاصة تجعلها أكثر عرضة للاستهداف من قبل الاحتلال؛ "فهي تقع في المناطق المصنفة (C)، التي يسيطر عليها الاحتلال تماما، كما أنها مطلة على القدس، إحدى أهم بؤر الصراع ومحركاته، إضافة إلى قربها من الجدار الفاصل، ما يجعلها نقطة اشتباك دائم مع الاحتلال، ويجعل نشطاءها أكثر عرضة لسياسات الاحتلال القمعية، ومنها الإبعاد".