علقت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها على وضع المسلمين في
الهند، التي تعيش فيها الأقليات حصارا، حيث يطلب منها أن تصمت وتعيش بناء على رغبة الغالبية، وإلا قتل أفرادها وشردوا، مشيرة إلى أن هذا سبب كاف لهم للعزلة والابتعاد عن الحياة العامة.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إن "العالم تنفس الصعداء الأسبوع الماضي عندما تمت هزيمة الشعبوي المعادي للإسلام غيرت ويلدرز في الانتخابات الهولندية، وفشل حزبه في أن يصبح أكبر الأحزاب الهولندية التي يسمح لها بتشكيل الحكومة".
وتضيف الصحيفة: "لم نكد نرتاح من التعصب إلا وجاءت الأخبار يوم الأحد بأن متطرفا معاديا للمسلمين وصل إلى السلطة في أكبر الانتخابات التي تعقد حتى الآن في هذا العام".
وتشير الافتتاحية إلى أن "ولاية أتر برديش في الهند، التي يبلغ عدد سكانها 200 مليون نسمة، ليست بلدا مستقلا، إلا أنها أكبر الولايات الهندية وأهمها، وتعد الولاية رابع أكبر ديمقراطية في العالم بعد بقية الهند والولايات المتحدة وأندونيسيا، وهو انتصار كبير لحزب بهاراتيا جاناتا، الذي فاز في الانتخابات بشكل كاسح، وحصل على 80% من المقاعد".
وتلفت الصحيفة إلى أن "الانتخابات في هذه الولاية تعد الأهم، حيث أن أتر برديش ترسل 80 نائبا للبرلمان الوطني الهندي المكون من 545 مقعدا، وأيا كان الحزب فإنه يشكل المزاج العام للولاية، فلو حققت الأحزاب نتائج جيدة في أتر برديش، فإن على البرلمانيين أن يأخذوا بعين الاعتبار الولاية في مواقفهم".
وتبين الافتتاحية أن "الرجل الذي اختاره
رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي لقيادة أتر برديش، التي يعبر منها نهر الغانج المقدس لدى الهندوسية، وفيها ضريح تاج محل، هو اليميني المتطرف يوغي إدياتناث، وهذا الرجل راهب هندوسي، وأظهر رغم انتخابه خمس مرات من معبد بلدته احتقارا للقيم الديمقراطية".
وتلفت الصحيفة إلى أن "إدياتناث اتهم بمحاولة اغتيال وعمليات استفزاز إجرامية، والتحريض على الشغب، وزعم أن الشباب المسلمين يشنون (جهاد الحب)، الذي يهدف للإيقاع بالفتيات الهندوسيات لتغيير دينهن، وزعم أن الأم تيريزا حاولت تحويل الهند إلى بلد مسيحي، ويدعم طريقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويريد حظر (الإرهابيين) ومنعهم من دخول الهند، وحذر في الجولات الانتخابية قائلا: (لو قتل المسلمون هندوسيا فسنقتل 100 مقابله)".
وتعلق الافتتاحية قائلة إن "هذا الكلام لا يمكن تجاهله باعتباره كلام انتخابات، فالفكرة التي تقول إن حزب بهاراتيا جاناتا سيتغير ويصبح أكثر اعتدالا لا يمكن التسليم بها، وليست هناك أي إشارة إلى أن الضوابط الدستورية ستسمح لحزب بهاراتيا جاناتا بالاستمرار في السلطة في الوقت الذي تستمر فيه الديناميات التي يمارسها، وستمر دون أي رقابة، حيث أصبح إديتياناث رجلا قويا، وأرسل رسائل تشير إلى أن الأقليات يجب أن تعيش بناء على حسن نية الغالبية، ولو خرجت عن الخط فسيكون هناك دماء، وبالنسبة لـ 140 مليون مسلم، فإن التهديد كاف للنقاش فيما بينهم، والخروج من الحياة العامة، وتجنب الاستقطاب".
وتنوه الصحيفة إلى أن "حزب مودي، بهارتيا جاناتا مليء بالمتعصبين الدينيين، وزعم هو نفسه أن الجراحين في الهند القديمة قاموا بتركيب رأس فيل على جسد إنسان قبل آلاف السنين".
وتذهب الافتتاحية إلى أن "الحزب يخلق بمهاراته الجيدة حلقة سيرك من أجل حرف الانتباه عن الأوضاع الفقيرة التي تمر بها البلاد، وكانت هذه المهارات ناجحة، حيث دعم الناخبون قرار مودي إلغاء العمل بالعملة الورقية من قيمة 500 و1000 روبية، وهي الخطوة التي عدتها الحكومة ضرورية لمكافحة الفساد".
وتفيد الصحيفة بأن "الرأي العام، خاصة الفقراء، تحملوا الفوضى؛ لأنهم اعتقدوا مخطئين أن الأغنياء يعانون أيضا، وهذا ليس صحيحا؛ لأن الأغنياء حولوا الأموال بطرق غير شرعية إلى عقارات ومجوهرات وشركات".
وتورد الافتتاحية نقلا عن الخبراء قولهم إن الاضطرابات المالية كلفت الاقتصاد الهندي 14 مليار دولار، وهي أموال كان يمكن إنفاقها في أتر برديش، وتوفير الكهرباء لنصف البيوت التي لا توجد فيها كهرباء، أو مواجهة نسبة الوفيات العالية بين المواليد، مشيرة إلى أنه بدلا من ذلك فإنه قيل لأهل البلد إن الهندوس يجب أن يبنوا معبد على أنقاض المسجد الذي دمره غوغاء الحزب في عام 1992؛ لزعمه أنه بني على مكان ولادة أحد آلهتهم.
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول: "هذه أمة قيل مرة إنها نجحت بسبب الآلهة، لكنها تتراجع بسببها الآن".