نشرت مجلة "بوليتكو" مقالا مشتركا، لكل من الباحثة في جامعة هارفارد باولا جي دوبريانسكي، ومؤسس منظمة "ميديا أبرود" أرون لوبيل، تساءلا فيه كيف يمكن أن يساعد
التلفاز في محاربة
تنظيم الدولة.
ويشير المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن قادة المؤسسة العسكرية قدموا بناء على أمر تنفيذي من الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب مقترحات لكيفية تدمير ما يطلق عليها الخلافة في العراق وسوريا، مستدركين بأنه رغم أن تركيز البنتاغون على ساحة المعركة، إلا أن الخطة التي قدمتها كانت واسعة، وتعترف بالحاجة للانتفاع "بالعناصر والقدرات الوطنية المتوفرة كلها"، ومهاجمة مصادر قوة تنظيم الدولة كلها بما فيها أيديولوجيته.
ويعلق الكاتبان قائلين إن "هذا الاعتراف ليس جديدا، فقبل عقد من الزمان عندما كانت الولايات المتحدة تركز على محاربة تنظيم القاعدة عسكريا، جاء في تقرير اللجنة المشتركة للتحقيق في هجمات 11/ 9 أن التنظيم الإرهابي هو أحد مظاهر (الحركات الأيديولوحية الراديكالية في العالم الإسلامي.. وسيظل هذا الخطر يهدد المصالح الأمريكية بعد مقتل أو القبض على أسامة بن لادن وجماعته ولفترة طويلة) وتوصلت اللجنة إلى نتيجة أنه (يجب أن تجمع استراتيجيتنا مع الوسائل المتوفرة لدينا لتحقيق هدفين: تفكيك شبكة تنظيم القاعدة، والانتصار على المدى البعيد على الأيديولوجية التي أدت إلى صعود الإرهاب الإسلامي) ولو استبدلنا تنظيم القاعدة ووضعنا بدلا منه تنظيم الدولة، فإن ما توصلت إليه اللجنة يظل قائما حتى اليوم".
ويؤكد الكاتبان أن "وجود تنظيم الدولة هو إثبات أننا لم نلق بالا لذلك التحذير، فلم تخصص الولايات المتحدة أي شيء قريب من المصادر الرئيسية للانتصار على الأيديولوجية المتطرفة، فتحقيق هذا الأمر يحتاج إلى التزام جيلي من أجل إشراك قوى المعتدلين في العالم الإسلامي ودعمها وتقويتها، وتكبير أصوات من يرغبون في دعم التشاركية وحكم القانون وحقوق المرأة والتفكير النقدي والعقل والإبداع، والطريقة الوحيدة لأن تترك هذه الأصوات الشجاعة أثرها الكبير هي من خلال الشراكة الشاملة مع كبرى الشركات
الإعلامية ذات المصداقية في العالم الإسلامي".
وتلفت المجلة إلى مقولة نابليون بونابرت "في الحرب": "يجب الخوف من أربع صحف معادية أكثر من ألف حربة"، مشيرة إلى أن المتطرفين يفهمون الحقيقة المتواصلة لهذا القول المأثور، لهذا فإنهم يكرسون الكثير من الطاقات والمصادر والاستراتيجيات الاتصالية لاستغلال المنابر الإعلامية القديمة والحديثة كلها.
ويقول الكاتبان إن هناك أكثر من 120 محطة تلفازية متطرفة وطائفية في الشرق الأوسط، التي تقوم بتلقين وتحريض عشرات الملايين المشاهدين عبر أمواج الأثير، لافتين إلى تصريحات ولي عهد مملكة البحرين، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، التي أشار فيها إلى التطرف السني والشيعي قائلا: "القنوات الفضائية التي ليست متاحة للمشاهد الغربي وليست خاضعة لقيوده أو تعليماته تقوم بترك أثر أكبر من الإنترنت، وتقوم باستمرار ببث رسالة من عدم التسامح والسموم للجهلة وسريعي التأثر".
ويضيف الكاتبان: "من حسن الحظ، فإن معظم القنوات التلفازية التي تحظى بشعبية يقودها أشخاص من أصحاب الرؤية، الذين يدركون أن الرد الأفضل على التطرف هو البرامج التي تقوم بإلهام وتقوية المشاهدين، الذين يكون غالبيتهم من الشباب".
وتنوه المجلة إلى ما قدمته محطة "أم بي سي" السعودية في شهر رمضان الماضي، حيث بثت مسلسلا كوميديا معاديا للجهاديين اسمه "
سيلفي"، الذي أدى فيه الممثل السعودي ناصر القصبي الدور الرئيسي، بالإضافة إلى أنه مثل في المسلسل الكوميدي الآخر "طاش ما طاش".
ويقول الكاتبان: "يريد ملايين المشاهدين في الشرق الأوسط برامج كهذه؛
دراما تحتوي على متعة وتعكس الوقائع المنظورة الدرامية والثقافية، ويمكنها التنافس مع البرامج التلفازية في مناطق أخرى من العالم، ولسوء الحظ تظل مسلسلات مثل "سيلفي" الاستثناء وليست القاعدة، ففي منطقة تتراجع فيها أسعار النفط، وتواجه عددا من الحروب والدول الفاشلة، فإن الإعلانات التلفزيونية ليست مربحة، ولهذا لا تستطيع القنوات التلفازية تطوير الكتّاب، ولهذا يحرم المنتجون والمخرجون من فرص جديدة".
وتبين المجلة أن "مجتمع الكتابة والإنتاج الإبداعي طلب مساعدة الولايات المتحدة لمعالجة هذا النقص، حيث يحتاج هذا القطاع للإشراف ليستطيع تطوير القصص ومهارات كتابة النصوص، التي تجعل من البرامج الأمريكية ناجحة، ويريد تطوير برامج تلفازية وأفلام ذات إيقاع جيد ودراما جيدة، ويريد معرفة ما يمكن أن يقدمه مجتمع الكتابة الإبداعية الأمريكي".
ويجد الكاتبان أنه "يمكن للولايات المتحدة المساعدة في هذا الأمر ليكون باستطاعة الكتاب الإبداعيين في المنطقة إنتاج برامج عالية التقنية، والهدف هو غمر المنطقة ببرامج أصلية وعالية التقنية باللغة العربية، بالإضافة إلى برامج ترفيهية تلهم وتعزز من نقل القيم التي تجعل من منطقة الشرق الأوسط مكانا أكثر تسامحا ومنفتحا وأكثر أمانا".
وتؤكد المجلة أن "هذا الأمر ليس مهمة الولايات المتحدة، لكنها يمكن أن تقدم المساعدة، ومن هنا يمكن أن تقوم إدارة ترامب بتمويل بعض المبادرات التي تعوض النقص في مجال الإنتاج التلفزيوني في الشرق الأوسط، ويمكنها أن تقنع المخترعين الأمريكيين والمبدعين الوطنيين الذين يفهمون أمور الأمن القومي، بالقيام بتمويل مبادرات إبداعية تترك أثارا جيدة، وسيشجع هذا على بناء شراكات مع المبدعين في الولايات المتحدة والشرق الأوسط، وفي ضوء الشعبية التي تحظى بها الأفلام والبرامج التلفازية الأمريكية في الشرق الأوسط، فإن الشراكة مهمة ودفعة للمجتمع الإبداعي هناك".
ويخلص الكاتبان إلى القول إن الولايات المتحدة لديها القدرة التي لا تتوفر لأحد من ناحية كتابة قصص وإنتاج أفلام تلهم قطاعات المجتمع المتنوع وتوحدها.