"تأجيل
الانتخابات المحلية؛ يعطي قبلة الحياة للفساد والمفسدين"، كان هذا هو تعليق رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي حول توجه السلطات
المصرية لتأجيل الانتخابات المحلية مجددا.
وكان النائب مصطفى بكري، المؤيد لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، قد قال إنه أصبح من الصعوبة إجراء انتخابات
المحليات في 2017، لافتا إلى أن الدولة مقبلة على انتخابات رئاسية في 2018، وسوف يبدأ الاستعداد لها من الآن، حسب تصريحات لبكري بموقع "برلماني" الأحد.
من جانبه، اعتبر النائب أسامة هيكل، رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، في تصريحات صحفية الأحد، أن الوقت غير كاف لإجراء الانتخابات، وقال إن قانون الإدارة المحلية الذي سيترتب عليه شكل الانتخابات؛ سيأخذ وقتا طويلا، وأن البرلمان سيولي أهمية لمناقشة الموازنة العامة للدولة، قبل الإجازة البرلمانية نهاية حزيران/ يونيو المقبل، كما قال.
وتجرى الانتخابات المحلية على مستوى المحافظات والأقسام والأحياء والمراكز والمجالس القروية.
وغالبا ما كانت تتدخل الأجهزة الأمنية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك في انتخاب المجالس المحلية، خوفا من نجاح أعضاء جماعة الإخوان في السيطرة على تلك المجالس، وبالتالي السيطرة على المجالس بالمحافظات ومجالس المدن والمجالس القروية.
تقاعس حكومي
وقال الشهابي إنه تنبأ بتأجيل انتخابات المجالس المحلية عقب تعهد السيسي بإجرائها قبل نهاية 2016، موضحا أن "المؤشرات على التأجيل بدت واضحة؛ بعدم جدية الحكومة في إجراء الانتخابات المحلية، وتقاعسها في إعداد قانون المجالس الشعبية المحلية، وقانون المفوضية العليا للانتخابات"، على حد تعبيره.
وأكد الشهابي لـ"
عربي21" أن "تأجيل الانتخابات المحلية يعني عدم تشكيل المجالس الشعبية المحلية في مستوياتها المختلفة، وهذا يعني عدم استكمال الشكل الدستوري للفرع الثالث من السلطة التنفيذية المعنون بالإدارة المحلية، والذي نص عليه الدستور في مادته (180)".
وأضاف أن "تأجيل الانتخابات يعني خللا في منظومة الإدارة المحلية، ويشوب أعمالها بعدم الدستورية لعدم استكمال الشكل الدستوري"، مؤكدا أن "تأجيل انتخابات المجالس المحلية سينعكس على الأداء وحل مشاكل الجماهير بالسلب؛ لغياب الرقابة والمتابعة التي تمثلها المجالس المنتخبة"، وفق تقديره.
قبلة الحياة للفساد
لكن الشهابي أشار في المقابل؛ إلى أنه "لو أُجريت انتخابات تلك المجالس بنفس طريقة إجراء الانتخابات البرلمانية، وبنفس طريقة إدارتها، لكانت مجالس لا تعبر عن الشعب؛ وإنما تعبر عن سيطرة رأس المال".
لكنه يشدد، مع ذلك، على القول: "كنت وما زلت مع إجراء الانتخابات وعدم تأجيلها؛ ليتسنى لنا مكافحة
الفساد الذي استشرى في المحليات، ووصل إلى الحلقوم وليس إلى الركب كما كان قبل 25 تشرين الثاني/يناير 2011"، مؤكدا أن "قرار تأجيل الانتخابات المحلية يعطي قبلة الحياة للفساد والمفسدين".
من جانبه، أكد "ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان"، في تقرير حول فساد المحليات في مصر خلال النصف الأول من عام 2016، أن المجالس الشعبية بالمحافظات أهدرت 494 مليون جنيه، وأن الاختلاسات والرشاوى بلغت أكثر من 16 مليون جنيه، فيما كانت محافظة الجيزة هي الأولى في قضايا الفساد بأكثر من 5 ملايين جنيه.
انتكاسات "خارطة الطريق"
ويرى المحلل والكاتب الصحفي، أحمد أبو زيد، أن تأجيل الانتخابات المحلية يأتي ضمن انتكاسات "خارطة الطريق" التي أعلنها السيسي إثر انقلابه على الرئيس محمد مرسي منتصف 2013".
وأشار أبو زيد في حديث لـ"
عربي21"؛ إلى أن "تلك الانتكاسات تكررت بتقديم النظام انتخابات الرئاسة على انتخابات البرلمان، ثم التأجيل المتكرر لانتخابات البرلمان لأكثر من مرة، وانتهاء بتأجيل انتخابات المحليات وتشكيل مجالس استشارية مؤقتة، ما يعزز دور نواب البرلمان في تشكيل هذه المجالس الاستشارية".
نخبة جديدة ولائها للسيسي
وأكد أبو زيد "أن المجالس الحالية نخر فيها الفساد، وتمثل امتدادا حقيقيا لفساد نظام مبارك الذي لم تفلح الثورة في تغييره"، كما قال.
ورأى أبو زيد أن "فرصة التغيير للأفضل منعدمة في ظل رغبة النظام في تعزيز وجود العناصر العسكرية بالجهاز الإداري والشعبي، وبناء نخبة جديدة ولائها الأول للسيسي؛ وإزاحة نخب مبارك".
ويسيطر رجال نظام مبارك على قطاع، بشكل كبير، على المجالس المحلية، وتوقع محللون أن إجراء أية انتخابات محلية ستكون لرجال مبارك اليد العليا فيها، حسبما قال نائب رئيس حزب الوفد، محمد كامل، لموقع "مصر العربية".
ورأى أن "تجارب الانتخابات في ظل هيمنة العسكر الجدد على مقاليد الأمور؛ باتت نسخة أسوأ من انتخابات مبارك، حيث بات يفرزها تيار واحد أكثر ولاء للعسكر، وللسيسي على وجه الخصوص"، مضيفا: "لا أظن أن تجرى انتخابات حقيقية في ظل نظام السيسي".
ويعتقد أبو زيد أن "تأجيل الانتخابات المحلية له علاقة بمخاوف النظام من تفتيت آخر جبهات معسكر 30 تموز/ يونيو الداعم للسيسي، والصدام بين فلول مبارك والعسكر والثوريين داخل هذا المعسكر"، مشيرا إلى "خوف النظام من نجاح بعض المحسوبين علي الإسلاميين المستقلين؛ في ظل مقاطعة جماعة الإخوان المسلمين للعملية السياسية"، وفق قوله.
وأكدت مصادر رسمية أن هناك تقريرا أمنيا يفضل عدم إجراء الانتخابات المحلية في الوقت الحالي، خشية تسلل الإخوان، حسب موقع صحيفة "اليوم السابع".