بعد غياب وفد المعارضة السورية عن مباحثات "أستانا" في 15 آذار/ مارس الجاري، واتهام النظام السوري، وصحيفة روسية، لتركيا بالوقوف خلف تعثر التفاوض، أعلنت المعارضة السورية المشاركة في "جنيف" توقف العملية السياسية، بسبب امتناع النظام عن المشاركة.
وبين أطراف التفاوض، والداعمين، يبدو أن العملية السياسية السورية ستعود إلى المربع الأول، ما قد يؤثر على وقف إطلاق النار الذي تعهد الداعمون (روسيا، تركيا، إيران) بالعمل على إنفاذه وضمان استمراره.
وأكد كبير المفاوضين في وفد الهيئة العليا للمفاوضات محمد صبرا لوكالة "فرانس برس" أن العملية السياسية لتسوية النزاع السوري في جنيف لا تزال متوقفة، متهما النظام بـ"عدم الانخراط الجدي" في المفاوضات.
اقرأ أيضا: المعارضة السورية تعلن توقف العملية السياسية في جنيف
وقال صبرا، الاثنين: "حتى اللحظة ليس لدينا شريك آخر في هذه المفاوضات، ولا تزال مباحثاتنا مع فريق الأمم المتحدة"، مؤكدا أن "النظام لم ينخرط في العملية السياسية حتى تاريخه".
وفي أستانا قاطعت المعارضة السورية جولة ثالثة في قازاخستان وأشار الكرملين إلى أنه توجد انقسامات دولية بشأن العملية.
وقالت روسيا، إن الأسباب التي أوردتها المعارضة للمقاطعة غير مقنعة وإن قرارها كان مفاجئا.
ووصف مبعوث الحكومة السورية المعارضين بأنهم وكلاء لتركيا وقال إن أنقرة أخلت "بالتزاماتها" إزاء عملية أستانا.
عضو الهيئة السياسية في الائتلاف السوري المعارض، ميشيل كيلو أرجع في حديث لـ"
عربي21" أسباب تعثر وتوقف المفاوضات إلى ثلاثة أسباب رئيسية أولها، قرار النظام السوري برفض الحل السياسي وإيمانه أن الحل سيكون عسكريا وعلى طريقته الخاصة.
ولفت إلى أن السبب الثاني يكمن في أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لا يبذلون جهودا جدية في طريق الحل السياسي، ووجود أجواء لبنية جديدة في المنطقة انطلاقا من سوريا تشكل أطرافا عديدة من روسيا وتركيا وإيران والمليشيات في سوريا وإسرائيل التي تقصف في سوريا وأمريكا التي تعمل على الأرض هناك، وكل هذا برأي كيلو لا يمهد لحل سياسي.
أما السبب الثالث فهو بحسب عضو الائتلاف المعارض، فهو مخالفة المجتمع الدولي لقراراته السابقة بشأن سوريا آخرها القرار 2254 وما أسماه "احتيال" المجتمع الدولي على قراراته.
ورجح كيلو بأن تكون المرحلة المقبلة بعد توقف المفاوضات هي مجرد مساعي بروتوكولية لا أكثر، لافتا إلى أن المعارضة مجبرة على الذهاب إلى جلسات المفاوضات والمضي قدما في مساعي الحل السياسي حتى لا تكون هي حجر العثرة ويتعذر النظام السوري بذلك.
اقرأ أيضا: صحيفة روسية: تركيا خدعت روسيا من جديد وصراع بين الزعيمين
صحيفة "مسكوفسكي كمسموليتس" الروسية، قالت إن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يقف خلف امتناع وفد المعارضة عن حضور الجولة الثالثة من مفاوضات "أستانا" التي ضمنت أنقرة حضور المعارضة فيها، ولفتت إلى أن ذلك من شأنه شطب مبادرة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي رأى أن أستانا يمكن أن تكون بديلا جديا لمفاوضات جنيف.
المحلل الروسي والخبير بقضايا الشرق الأوسط، أندريه أونتيكوف، حمل المعارضة السورية مسؤولية فشل المفاوضات وتعثرها، قائلا إن الشروط المسبقة التي تضعها وأبرزها المطالبة بتنحي الأسد، غير مقبولة.
وأكد في حديثه مع "
عربي21" أنه يجب على المعارضة أن تمضي بطريقين متوازيين، الأول المحافظة على وقف إطلاق النار، خصوصا في ريف دمشق وريف حماة التي قال إنها انتهاكات المعارضة فيها كانت على نطاق واسع بحسب تعبيره.
والثاني، العملية السياسية وبحث القرارات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، وأبرزها 2254، والتي تتحدث عن حكومة انتقالية ودستور جديد، ولا تنص على تنحي الأسد كمبدأ من مبادئ التفاوض.
ولفت إلى أنه يجب ترك الحديث بمصير الأسد، وترك ذلك لاحقا للشعب السوري ليحدده.
واستبعد أونتيكوف أن تكون تركيا وراء القرار السوري بعدم حضور محادثات أستانا في وقف سابق من الشهر الجاري، مشيرا إلى أنه ورغم بعض الخلافات الروسية التركية في الملف السوري، إلا أن التنسيق ما يزال مستمرا، مرجحا أن يكون التأثير على المعارضة، إقليميا، من طرف المملكة العربية السعودية وقطر.