لم تمض أيام على بدء
نقيب الصحفيين الجديد في
مصر عبدالمحسن سلامة مهامّه، حتى أثارت تصريحاته بعدم السماح لأحد غير الصحفيين باستخدام "سلالم
النقابة" مخاوف من نزع الدور التاريخي للنقابة في حماية الحريات، والدفاع عن قضايا وطنية.
وأثارت تصريحات سلامة بعدم مساندة أي صحفي في المعتقلات على خلفية قضايا سياسية، باستثناء من تم حبسه في قضية رأي أو نشر، التخوفات من إغفال ملف الصحفيين
المعتقلين منذ نحو أربع سنوات ممن اتهموا بقضايا سياسية.
ومما عزز هذه المخاوف؛ التزام النقيب الجديد الصمت حيال أول واقعة اعتقال بعد تسلمه منصبه، والتي طالت الكاتب الصحفي بدر محمد بدر، رئيس تحرير صحيفة الأسرة العربية السابق، من منزله في مدينة 6 أكتوبر، الأربعاء، في حين أدان عضو المجلس عمرو بدر الحادث، وطالب بالإفراج عنه.
وكان سلامة قد صرح في لقاء صحفي مع صحيفة اليوم السابع، الأربعاء، ردا على سؤال حول تهديد بعضهم بنسف سلالم النقابة ومنع التظاهر عليها، بالقول إن "الحديث عن سلم النقابة هو حديث من خربوا النقابة (...) قبل السلم كان هناك حديقة جميلة، ولم يكن هناك مشكلة"، مضيفا أن "المتظاهرين الأغراب من غير الصحفيين يروحوا يتظاهروا بعيد عنا".
تصريحات غريبة
وأعرب الكاتب الصحفي محمد عبدالقدوس، عن استغرابه من صدور هذه التصريحات من سلامة، "وخصوصا أن للنقيب وقفات كثيرة على سلالم
نقابة الصحفيين، سواء متعلقة بقضايا حرية الرأي والتعبير، أو قضايا مساندة للنقابات المهنية في مطالبها العادلة".
وقال لـ"
عربي21" إن نقابة الصحفيين "بيت الأمة، وقبلة المظلومين، ومثل هذا الكلام مرفوض، ويجب أن يُراجَع النقيب فيه"، مضيفا أن "السلالم تمثل ضمير مصر، والمظلومين الذين ينشدون العدالة".
وأكد عبدالقدوس أن "سلالم النقابة لطالما احتضنت قضايا الحريات لسجناء الرأي، والعدالة الاجتماعية لكل المسحوقين والمطحونين في مصر"، معربا عن توقعه "بعدم استجابة الصحفيين لمثل هذه الدعوات".
وطالب عبدالقدوس بتوفير الخدمات للصحفيين، وحمايتهم من التسرب وإغلاق المؤسسات الصحفية، والدفاع عن الصحفيين المعتقلين، مشيرا إلى أن عددهم في السجون أكثر من 20 صحفيا، "وهي سابقة لم تحدث من قبل في تاريخ النقابة، ولا يوجد بينهم إرهابي، فكيف نتركهم؟" على حد قوله.
مسؤولية سياسية مضاعفة
وفي المقابل؛ رأى الكاتب الصحفي جمال سلطان أنه "لا ينبغي تحميل النقابة فوق طاقتها"، قائلا: "لماذا يتوجه الجميع نحو سلالم نقابة الصحفيين للتعبير عن مشاكلهم ومطالبهم دون جميع النقابات؟ هذا يحملها مسؤولية سياسية مضاعفة".
وأضاف أنه "لا يمكن اعتبار نقابة الصحفيين بيت الحريات بشكل مطلق"، مستدركا بالقول إن كلام نقيب الصحفيين لا يمكن تنفيذه على أرض الواقع، "فمن الناحية الأخلاقية؛ لا يمكن طرد المحتجين، أو التحريض عليهم، وأعتقد أن ما يقوله النقيب الجديد هو نوع من تحجيم الظاهرة".
واستبعد في الوقت نفسه ما يثار من تخوفات حول إغفال بعض الملفات المتعلقة بالحريات، "فمجلس النقابة فيه تنوع، ولا يمكن أن يدار إلى بنوع من التوافق".
تأميم شوارع وسط البلد
من جهته؛ قال محامي مؤسسة حرية الفكر والتعبير، مختار منير، إن تصريحات نقيب الصحفيين تعني أن النقابة "تتخلى عن دورها التاريخي".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "ما قاله النقيب الجديد يأتي في إطار تأميم باقي شوارع وسط البلد، وغلق جميع المساحات التي كان يستخدمها المحتجون الذين كانوا يعبرون عن آرائهم ومواقفهم ومطالبهم"، مستبعدا في الوقت ذاته "منع أحد من التعبير عن رأيه على سلالم النقابة".