قال بيان صادر عن ائتلاف المنظمات الأهلية لحقوق الإنسان وشخصيات قانونية وأكاديمية إنها "تنظر بقلق بالغ إلى تصاعد التدهور الحاصل في النظام الأساسي الفلسطيني والتشريعات الصادرة مؤخرا عن مؤسسة الرئاسة الفلسطينية بعد تعديل القانون الأساسي من قبل رئيس السلطة الفلسطينية بما يتعارض مع صلاحياته التشريعية والتنفيذية".
جاء ذلك في أعقاب إصدار الرئيس الفلسطيني محمود
عباس مرسوما رئاسيا في 15 من شباط/ فبراير المنصرم بتعديل الفقرة الأولى من قانون مكافحة الفساد للعام 2005، والتي تنص على أن فترة عمل رئيس
هيئة مكافحة الفساد هي سبع سنوات غير قابلة للتجديد.
وبحسب التعديلات فقد أضيفت فقرة رابعة جديدة على ذات النص جاءت كالتالي: "على الرغم مما ورد في الفقرة الأولى من هذه المادة، يجوز بقرار من رئيس الدولة
التمديد لرئيس الهيئة لمدة إضافية أقصاها سنتان، وإلغاء كل ما يتعارض مع أحكام هذا القرار بقانون، والعمل به من تاريخ صدوره، ونشره في الجريدة الرسمية".
تعتبر هيئة مكافحة الفساد أعلى هيئة متابعة ومراقبة في القانون الفلسطيني وتتمتع بصلاحيات واسعة، تجيز لرئيس الهيئة إصدار مذكرات احتجاز واعتقال أي ممثل دبلوماسي بدءا من الرئيس الفلسطيني، وأي من الوزراء وحتى نواب المجلس التشريعي والتحقيق معهم في جرائم تتعلق بالفساد وتلقي الأموال، وهي قرارات ملزمة.
انتهاك القانون
من جانبه أشار المستشار القانوني للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" وهي إحدى المنظمات التي أصدرت البيان، بلال البرغوثي، أن ائتلاف "أمان" كغيره من المنظمات الحقوقية "ينظر بعين الخطورة إلى طريقة إقرار الرئيس عباس في تعديله للقانون الأساسي وتشريعاته بطريقة غير مبررة"، منوها إلى أن "أي تعديل لفقرات القانون الأساسي يجب أن ترفق بمذكرة توضيحية لأسباب اتخاذ هذا الإجراء بما تقتضيه المصلحة العامة، وهذا ما لم يوضحه مرسوم الرئيس عباس في تعديله للقانون المذكور".
وأضاف البرغوثي لـ"
عربي21" أن "هنالك حالة من "الاستسهال" في إصدار التشريعات والقرارات المعدلة للقانون الأساسي الفلسطيني في ظل تعطل المجلس التشريعي عن أداء مهامه الأساسية بسبب الانقسام الفلسطيني، ولكن هذا ليس مبررا في أن يقدم الرئيس عباس على انتهاك القانون الأساسي".
وتابع البرغوثي أن "هذه القرارات تؤكد على غياب واضح في احترام مبدأ سيادة القانون، والفصل بين السلطات، واحترام القيم الدستورية، وهو ما يعكس عمق الأزمة في النظام السياسي الفلسطيني، التي لا يمكن تجاوزها، إلا من خلال إعادة الاعتبار للنظام السياسي ووقف حالة التدهور المستمرة فيه بإجراء الانتخابات العامة".
صراع الصلاحيات
أما رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي الفلسطيني، محمد فرج الغول، فقال إن الرئيس عباس "يستغل حالة الانقسام الفلسطيني في تمرير قرارات وتشريعات تتعارض مع القانون الأساسي بما يخدم بقاءه في السلطة لأطول فترة ممكنة، دون أن يبالي بنصوص ومواد القانون التي لا تعطيه الحق في إصدار مثل هذه التعديلات دون الرجوع إلى المجلس التشريعي الفلسطيني".
وأضاف الغول لـ"
عربي21" أن "المادة 120 من القانون الأساسي تنص على أن أي تعديل في فقرات القانون الأساسي لا يتم إلا بموافقة ثلثي أعضاء المجلس التشريعي، وما دون ذلك فهي قرارات باطلة لن يتم الاعتراف بشرعيتها". على حد قوله.
ويشغل
رفيق النتشة (83 عاما) رئيس هيئة مكافحة الفساد منذ العام 2010، وهو معروف بولائه للرئيس عباس، وقد دخل على خط المواجهة بين الرئيس عباس وغريمه في الحركة محمد دحلان، بإصداره مذكرة اعتقال بالسجن لمدة ثلاث سنوات بحق الأخير بسبب اختلاسه لـ 16 مليون دولار أثناء شغله لمنصب قيادي في السلطة الفلسطينية، وهو ما فسر على أن الرئيس عباس يسعى إلى تحصين نفسه في معركته مع القيادي دحلان.
لم يصدر أي تعقيب من السلطة الفلسطينية حتى اللحظة على المرسوم الرئاسي بتعديل القانون المذكور ولكن رئيس اللجنة السياسية في المجلس التشريعي الفلسطيني وهو نائب عن حركة فتح وذو علاقة وثيقة بالرئيس الفلسطيني، عبد الله عبد الله، أشار إلى أن "تعديل الرئيس عباس لقانون هيئة مكافحة الفساد هو ضمن صلاحياته التشريعية، وقد تم إصدار هذا التعديل بما تفتضيه المصلحة العامة، وما يشاع غير ذلك فهو ليس له أي أساس من الصحة".
وأوضح عبد الله في حديث لـ"
عربي21" أن "التمديد للسيد النتشة جاء بعد تفانيه وإخلاصه في عمله، وهو من أجدر الشخصيات لتولي هذا المنصب"، مؤكدا في الوقت نفسه أنه "ليس هنالك أي علاقة بهذا التمديد مع الصراع الجاري مع القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان".