أعلن طاهر أبو النصر، محامي الناشطة
المصرية آية حجازي وزوجها محمد حسنين وباقي المتهمين في قضية مؤسسة "بلادي"، أنهم غادروا قسم الشرطة أمس الأربعاء بعد إنهاء إجراءات الإفراج عنهم.
وكانت محكمة جنايات القاهرة قضت الأحد الماضي ببراءة آية وزوجها وستة آخرين، بعد ثلاث سنوات من الحبس الاحتياطي؛ لاتهامهم بالاتجار في البشر، وإيواء أطفال الشوارع، واستغلالهم في أعمال الشغب والتظاهر، وجمع تبرعات مالية، وإدارة جمعية أهلية دون ترخيص.
وأثار الإفراج عن آية حجازي بعد أيام من زيارة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي للولايات المتحدة جدلا في مصر، حيث أرجع كثيرون الحكم بالبراءة إلى الضغوط الأمريكية على النظام المصري لإطلاق سراحها فورا، باعتبارها تحمل الجنسية الأمريكية، في حين وجه نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي "الشكر" للرئيس الأمريكي دونالد
ترامب.
شكرا ترامب
وفي هذا السياق، قال الصحفي وليد الشيخ، عبر فيسبوك: "بعد 3 سنين حبس احتياطي ظالم في قضية مفبركة، القضاء العادل برأ آية حجازي ومحمد حسنين بعد زيارة السيسي لواشنطن، شكرا ترامب".
وأكدت مجلة "تايم" الأمريكية أن إعلان براءة آية حجازي سببه مطالبة مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى بسرعة إخلاء سبيلها، مؤكدة أن اعتقال آية كان من الأساس جزءا من حملة أمنية للتضييق على منظمات المجتمع المدني، عقب انقلاب تموز/ يوليو 2013.
ونقلت المجلة عن المحامي الحقوقي الأمريكي، وايد ماك مولين، قوله إن "الضغط الدولي كان له أبلغ الأثر في الإفراج عن آية حجازي"، مؤكدا أن قضيتها تمت مناقشتها خلال لقاء السيسي وترامب.
من جهتها، قالت مجلة "دير شبيغل" الألمانية، في تقرير لها الثلاثاء، إن تأثير ترامب القوي على النظام المصري نجح في الإفراج عن آية حجازي بعد ثلاث سنوات من "السجن التعسفي"، مضيفة أن نظام السيسي "أصبح خبيرا في تلفيق التهم للأبرياء واستغلال القضايا لاحقا؛ لتحقيق مكاسب سياسية، كما حدث مع آية وزملائها"، بحسب المجلة.
وأكدت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن أعضاء الكونغرس ضغطوا على السيسي بشأن قضية حجازي، وأن كبار مستشاري ترامب كان لهم دور أساسي في إطلاق سراحها.
قضية ملفقة
من جهته، قال المحامي والناشط الحقوقي، إسلام مصطفى، إن آية حجازي وزوجها محمد حسنين وباقي المتهمين في القضية" كانوا "ضحايا قضية ملفقة"، مؤكدا أن النظام يعلم جيدا أن الهدف من القضية هو ضرب منظمات المجتمع المدني وتشويه العاملين في هذا المجال عبر آلته الإعلامية.
وأكد مصطفى، في حديث لـ"عربي21"، وجود ضغوط أمريكية أسفرت عن إطلاق سراح المتهمين في هذه القضية، "فالجميع يعرف العلاقات الجيدة التي تربط آية حجازي بمنظمات دولية وأمريكية، وهذا ساعد كثيرا في توصيل قضيتها للعالم، خاصة في الولايات المتحدة التي تحمل جنسيتها"، بحسب مصطفى الذي قال إن عددا كبيرا من أعضاء الكونغرس الأمريكي وقعوا على بيانات تطالب السلطات المصرية بالإفراج عنها.
وتابع: "على الرغم من أن المتهمين قضوا في السجن ثلاث سنوات تحت الحبس الاحتياطي دون تهمة محددة، ثم تمت تبرئتهم في النهاية، إلا أن النظام وإعلامه يستخدمان هذه القضية للترويج للنظام دوليا، باعتباره راعي الحريات والمحافظ على حقوق الإنسان في مصر"، كما قال.
وأضاف: "للأسف، لا توجد مادة قانونية تتيح تعويض المحبوسين احتياطيا الذين يقضون مددا طويلة في السجن ثم تثبت براءتهم؛ لأنهم طبقا للقانون متهمون، والأمر في النهاية يرجع للمحكمة التي تقرر تجديد حبسهم أو إخلاء سبيلهم"، مشيرا إلى أن القانون يكفل للمتهمين فقط استرداد أي غرامات مالية دفعوها إذا نظرت المحكمة قضيتهم وحكمت لهم بالبراءة.
النظام يزداد وحشية
لكن الناشطة الحقوقية دعاء عباس استبعدت أن يكون الإفراج عن آية حجازي نتيجة تدخل أمريكي، وقالت: "لو كان الأمر كذلك لكان من الأولى أن تتدخل أمريكا منذ ثلاث سنوات عند اعتقالها، ولا تنتظر كل هذه المدة من الحبس الاحتياطي".
وأكدت عباس، لـ"عربي21"، أن "النظام يزداد وحشية وقمعا لمعارضيه يوما بعد يوم، حتى أن أحكام القضاء أصبحت فجة، وكأن النظام يخرج لسانه لخصومه من المعارضة والمدافعين عن حرية الرأي، ويقول لهم إن البريء منكم سيحبس ثلاث سنوات احتياطيا قبل إخلاء سبيله، فما بالكم بمن تثبت عليهم التهمة؟"، بحسب تعبيرها.
وتساءلت: "من سيعوض آية وباقي المتهمين عن هذه السنوات التي ضاعت من أعمارهم في السجن دون تهمة؟ ومن يعوض آلاف
المعتقلين الآخرين الذين لم يحالفهم الحظ في توصيل قضيتهم للعالم؟"، مؤكدة أنه "لو كان هناك قانون يعوض المفرج عنهم عن سجنهم ظلما لما رأينا أكثر من 50 ألف معتقل في السجون".
وطالبت بالضغط على النظام، خاصة على الصعيد الدولي، ورأت أن "النظام بكل جبروته يخشي من الإعلام الغربي؛ لأن الغرب يتعامل معه باعتباره نظاما ديكتاتوريا منتهكا لحقوق الإنسان، وهو ما يقلقه كثيرا"، على حد قولها.