تبدو "فتح" بشكل أساسي مغرمة في محاولة مطابقة صورة "حماس" على صورتها، في خطاب سياسي ينطلق من أيديولوجيا فتحاوية يتقدم فيها العداء لـ "حماس" على أي طرف آخر، فالخطاب الفتحاوي عمومًا، خاصة الشعبوي منه والذي كثيرًا ما يهيمن على النخب القائدة، يتبلور حول الصراع مع "حماس"..
حدثني "عابرٌ" فقال:
في العام 2002 في قسم (6) في سجن مجدو؛ جاءني أحد رفقاء السجن بشريط قد وجده في مكتبة القسم، فيه تسجيل خارجي للشيخ محمد صديق المنشاوي، رحمه الله، يتلو فيه سورتي "ق" و"الرحمن"، ولست أدري بعد ذلك، لماذا في هذا المكان بالذات وفي هذا الوقت بالذات، اكتشفت صوت الشيخ شلالاً يهبط علي من أعلى، يغسلني من كل كدر، وينفذ إلى أعماقي حتى أحسّ كل ما في صدري يَسْبَحُ في بَرْدِه، فأخرج من زمن إلى آخر، وأَنخلِعُ مما كنت فيه، معافى قليل البلاء، حتى إذا كنت قد فقدت دوائي وهبني الله هذا الدواء الجديد.
بنو إسرائل الذين عبدوا العجل، كانت لهم سابقة جهادية، فهم ذاتهم الذين أوذوا من قبل أن يأتيهم موسى ومن بعد أن جاءهم، وقد صبروا على ذلك وهم يعيشون آيات الله بكامل طاقتهم النفسية والجسدية، حتى ما أن تركوا وراءهم البحر الذي انفلق "فكان كل فرق كالطود العظيم" عبدوا عجلاً من ذهب وكأنهم ما شاهدوا وما عرفوا..
أسباب هذا الإنكار مركبة، فـ "حماس" وإن لم تكن تقاتل وحدها، وإن كان دعم المحور الإيراني مستمرًا لفصائل أخرى، فإنها وحينما تشكل البنية الأساسية للمقاومة في غزة والفاعل الأكبر فيها تدحض الدعاية التي تحتكر المقاومة في المحور الإيراني وتربطها قصرًا بالموقف من النظام السوري وتوظفها في سياسات لا تبعد في بعض أحوالها أن تكون معادية للمقاومة ذاتها، كالموقف الانتهازي من نظام عبد الفتاح السيسي والذي لا يخلو في بعض دوافعه من مقاصد النكاية بالإخوان المسلمين.
حرب «العصف المأكول» بينت انفتاح الممكنات أمام إرادة الاعتماد على النفس، كما أكدت أهمية المقاومة في فلسطين كرافعة للأمة وهي الحقيقة التي تبينت بتزامن حرب «العصف المأكول» مع زحف الثورة المضادة في المجال العربي لاحتواء الحركة التاريخية الكبرى للأمة في هذا المرحلة من تاريخها>
سبق لي وأن حاولت المساهمة في الإجابة على هذا السؤال، ولكن يبدو أن ثمة ما يحتاج مزيدًا من التحرير حول ما قيل حينها، فقد أشرتُ إلى عاملين مهمين كحدثين تأسيسين خلقا الفارق الحالي بين قطاع غزة والضفة الغربية، وهما: (انتفاضة الأقصى، والانقسام)، وذلك إضافة إلى عوامل أخرى.
ثمة دلالات خطيرة ونتائج لا تقل عنها خطورة لأخطاء بعض الباحثين في دراسة وتوثيق أعمال المقاومة الفلسطينية، وهو الأمر الذي يجعل من الوقوف عند تلك الأخطاء ضروريًا لأسباب لا تتعلق بصدقية وجدية المهمة الأكاديمية التي يضطلع بها الباحث، ولكن وإن كان هذا مهمًا، فإن الأسباب الأهم هي تلك المتعلقة بالمقاومة..
ثمة مجموعة من الإشكالات في هذا السؤال، أولها افتراضه أن الأصل في الحالة الفلسطينية أي شيء إلا المقاومة، ولذلك، فبحسب هذا السؤال، فإن الفعل المقاوم يتطلب استئذانًا إن بالاتفاق مع الفصائل الأخرى أو من المجتمع نفسه، خاصة وأن أثمان المقاومة يدفعها الجميع لا الفصيل المقاوم وحده!
يملي هذا السؤال مجموعة من الفرضيات الناجزة كحقائق في أذهان أصحابها، لا يخلو بعضها من اتهام ضمني للمقاومة بالمسؤولية عن الحرب طالما أنها كانت قادرة على تجنبها، بيد أنه تجدر ومنذ البداية الإشارة إلى أن أصحاب هذا السؤال لا يصدرون من منطلقات واحدة، فبعضهم ينطلق من موقع الحرص على تطوير نضالات شعبنا..
بدأ السؤال عن الضفة الغربية قبل سبع سنوات، لكنه بدا حينها وكأنه يعني حماس وحدها، وقام على أساس من المقارنة بين أوضاع الحركة في غزة وأوضاعها في الضفة، مرهونًا إلى الصورة الطاغية في لحظته الراهنة ساعتها؛ صورة الحركة القوية في القطاع، والمسحوقة في الضفة، محيلاً الإجابات على اعتبارات ذاتية صرفة..
مئات الآلاف من المقاتلين والثائرين والمطاردين والمشرّدين والمعتقلين في المجال العربي كله يصومون رمضان هذا العام، وما خلا عام من ثلّة في هذه الأمة تصوم رمضان وهي في موقع الرفض والثورة والمقاومة، وهي بذلك تكشف عن تحقق جانب من الغاية الواقعية لشعيرة الصيام، وتستحضر معها معركتها الجوانية..
الضعف الذي يصيبنا ونحن نعبر المرحلة التاريخية، ينطوي على قوة تدفعنا إلى إعادة تفسير المرحلة بما يبرر لنا تخلينا عن دورنا التاريخي وانسحابنا من مواقعنا في عملية التدافع الطاحنة
لا يذهلك ذلك اليساري الشيعي وهو يتهم مخالفيه بخصوص أحداث سوريا والعراق بأنهم نخب مشرقية تابعة لحكومات الخليج، فهذا اتهام أساسي يشكل ثيمة هادية في أي نص يساري/شيعي؛ تكاد تكون كافية لمعرفة كل ما يقع أسفلها وحولها من قول، وهي ضرورة لخلطة (سمك، لبن، تمر هندي) التي يحتج بها أذيال إيران بصورة رثّة أو مغلّ
الموحد هو أمين الله على الفطرة التي أودعها الله في البشر، فهو في صراع مستمر مع الشيطان الذي تعهد بتغيير هذه الفطرة، فلو أن هذا الموحد تطبع مع قهر الواقع، واعتاد على مشاهد ارتكاس الفطرة وانحطاط الكرامة الآدمية، فإن معنى الوجود الإنساني ينتفي، ولذلك فإن الساعة لا تقوم إلا على شرار الناس..
تقصد نظرية الثغور التي تجري محاولة تأطيرها هنا من بعد الإشارة إليها في المقالة السابقة: "حماس ونظرية الثغور.. نظرة في الوقائع"؛ إلى تحديد دور حماس داخل الحركة الإسلامية العالمية.