على طريق "الزندقة" التي أصبحت "ظاهرة كونية" في عهد حكم حسني مبارك - لها رموزها الذين تحرسهم مباحث أمن الدولة ولها مشاريع فكرية، تفرض على القراء.. بل وتقرر على طلاب الجامعات!
في عهد حسني مبارك –الذي امتد ثلاثين عام – تبلورت "الزندقة" في مصر ظاهرةً تحت سمع الدولة وبصرها، بل إن مباحث أمن الدولة، التي تخصصت وبرعت في قهر الشعب وتزوير إرادته في الانتخابات، وفي إقامة "سلخانات" التعذيب الوحشي للإسلاميين، كانت هي التي تحرس أشخاص هؤلاء الزنادقة ومنازلهم!
الأمة الإسلامية، التي أحيت مواريث الحضارات القديمة، وأبدعت الحضارة التي مثلت المنارة والعالم الأول الذي أضاء لأكثر من عشرة قرون- فوصفها العشماوي -كاتب عهد مبارك- فقال: "إنها ارتدت إلى عناصر الشخصية الجاهلية، وعاد كثير منها إلى السلب والنهب والصعلكة، فأصبحت شخصيتها الحقيقية أخلاقيات جاهلية
لقد بدأ حسني مبارك عهده - في أكتوبر عام 1981م - بأن وضع في الأدراج المغلقة تلك المشاريع التي أنجزت في عهد السادات لتقنين الشريعة الإسلامية وفقه معاملاتها، كي تطبق بديلا عن القانون الهجين ذي الأصول الفرنسية الذي فرضه الاستعمار الإنجليزي على مصر منذ عام 1883م..
يعترف المستشار محمد سعيد عشماوي - وهو أحد أعمدة الفكر لنظام حكم حسني مبارك - بأن الصحوة الإسلامية التي برزت في السبعينيات والتي فرضت الإتجاه إلى تقنيين الشريعة الإسلامية وتطبيقها بدلا من القانون الوضعي ذي الأصول والفلسفة الفرنسية اللادينية، يعترف عشماوي بأن هذه التحولات الحضارية - التي أزعجت الغرب و
عقب حرب أكتوبر عام 1973م - رمضان 1393هـ، التي استردت فيها الأمة كرامتها القتالية وأخذت بثأرها من هزيمة عام 1967م، بدأ السير على طريق التحول عن نماذج التحديث الغربية، إلى النموذج الإسلامي في التقدم والنهوض.
في العقود الثلاثة التي حكم فيها حسني مبارك (1981– 2011 م) وفي مواجهة جماعات العنف المتسربلة بغلالات إسلامية – بدأت الدولة مرحلة التكريس لطابعها البوليسي..
يتساءل البعض: لماذا ثار الشعب المصري هذه الثورة الشعبية العارمة والشاملة والسلمية، المنقطعة النظير - في العمق.. والصدق.. والشمول - .. تلك الثورة التي فجرها الشباب في 25 يناير عام 2011 م -21 صفر 1432هـ؟!..
لم تكن هزيمة عام 1967 مجرد هزيمة عسكرية في ميدان القتال، وإنما كانت -فوق ذلك، وأعمق من ذلك- هزيمة لنماذج التحديث الغربية، التي سوقها الاستعمار والتغريب والمتغربون في العالم الإسلامي على امتداد قرنين من الزمان.
في عام (1220 هـ - 1805م) بلغت مظالم الجند العثماني وفوضاهم بمصر الذروة، وأمام ضعف الوالي العثماني "خورشيد باشا" ومظالمه هو الآخر، تصاعدت الثورة "الشعبية - الدستورية" التي قادها العلماء، فأضرب علماء الأزهر وطلابه عن حلقات الدرس، وماجت القاهرة بالمظاهرات التي قصدت منازل العلماء.