على الرغم من التدهور الشديد الذي يعاني منه قطاع
السياحة في
مصر؛ إلا أن تجارة الخمور والقمار تزايدت بشدة في البلاد منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013.
وبحسب تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء السبت الماضي؛ فقد بلغت واردات مصر من الطاولات الخاصة لألعاب أندية
القمار خلال عام 2016 نحو 39.5 مليون جنيه، بينما بلغت واردات البلاد من المشروبات الكحولية أكثر 230 مليون جنيه.
حكومة الانقلاب شريكة بالنصف
ونقلت صحيفة "اليوم السابع" المصرية، السبت الماضي، عن عضو مجلس إدارة صندوق السياحة، إلهامي الزيات، قوله إن "الحكومة تدخل كشريك أساسي في هذا النشاط، وتحصل على 50 بالمئة من إيرادات اللعب، ويتم تقسيم هذه المبالغ مناصفة بين وزارتي المالية والسياحة".
وأوضح الزيات أن إيرادات أندية وصالات القمار في مصر "تعد المورد الرئيس لصندوق السياحة الذي تستخدم أمواله في دعم وتمويل الأنشطة السياحية المختلفة، مثل تطوير الخدمات بالمناطق السياحية، وتمويل الحملات الترويجية لمصر بالخارج".
وبينت الصحيفة أن جميع كازينوهات القمار تعمل تحت إشراف شركات عالمية، مشيرة إلى أن عدد كازينوهات القمار يصل إلى 20 كازينو؛ تحقق نحو خمسة ملايين دولار شهريا.
لكن صحيفة "البوابة" المقربة من الأجهزة الأمنية، أكدت في تقرير لها في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن حصيلة صالات القمار الرسمية في مصر تبلغ ملياري دولار سنويا، مشيرة إلى أن أرباح نوادي القمار غير الرسمية تبلغ 600 ألف جنيه في الساعة الواحدة.
ماكينات القمار في المولات
وفي حلقة سابقة من برنامج "صباح أون" على قناة "أون لايف"؛ قالت الإعلامية أسماء يوسف إنها شاهدت بنفسها ماكينة للعب القمار في مول تجاري شهير في القاهرة، مؤكدة أن اللعب على هذه الماكينة كان متاحا للمصريين من كل الأعمار، في مخالفة واضحة للقانون؛ أشعرتها بأنها في مدينة لاس فيغاس الأمريكية.
وتساءلت الإعلامية عن الجهة التي منحت التصاريح اللازمة لمثل تلك الماكينات المتواجدة في "مول" تجاري يذهب إليه آلاف المصريين يوميا، معربة عن استيائها الشديد من هذا "الفعل المستفز".
ويقتصر لعب القمار في مصر على السياح من العرب والأجانب، حيث يمنع القانون المصريين من دخول أندية القمار أو لعبه في أي مكان.
تجارة مزدهرة
وتعليقا على هذه الظاهرة؛ قال الخبير الاقتصادي مصطفى عطوة، إن تجارة الخمور أصبحت مزدهرة في مصر بسبب الطلب المتزايد عليها من طبقات اجتماعية معينة، مشيرا إلى أن الحجم الرسمي لاستيراد الخمور تجاوز الـ200 مليون جنيه سنويا في السنة الأخيرة.
واستدرك: "لكن الحجم الرسمي لا يمثل سوى 20 بالمئة فقط من الحجم الإجمالي لتلك التجارة التي باتت تعتمد بنسبة كبيرة على التهريب الجمركي، الذي زاد بشكل كبير بعد زيادة الحكومة للجمارك على الخمور بنسبة تبلغ 300 بالمئة".
وأوضح عطوة لـ"
عربي21" أن "الحكومة غير قادرة على منع تجارة الخمور، أو أماكن لعب القمار في
الفنادق والمراكز التجارية (المولات) لأن هذه النشاطات أصبحت شيئا أساسيا في أي استثمار، بل إن الدولة تعمل على تسهيل تداول الخمور والقمار بهدف جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية".
ولفت إلى أن "عددا كبيرا من المستثمرين العرب والأجانب يستثمرون أموالهم في مشروعات سياحية وترفيهية، مثل المولات والملاهي، ويشترطون وجود خمور وأندية قمار بها حتى يجتذبوا أثرياء الخليج المعروفين بحبهم للقمار وشرب الخمر" على حد قوله.
وحول انتشار ماكينات القمار في بعض المولات الجديدة؛ قال عطوة إن "الحكومة لا تستطيع فعل شيء إزاء هذا الأمر؛ لأن تلك المولات مملوكة لمستثمرين أجانب، ويحكمها قانون الاستثمار الذي ينظم عمل المشروعات التجارية والسياحية، ولا يتضمن بندا يمنع
شرب الخمر أو لعب القمار في تلك الأماكن".
أمر مؤسف
من جانبه؛ قال الخبير الاقتصادي ماجد مهنا، إن تزايد تجارة الخمور والقمار في مصر "أمر مؤسف للغاية"، لافتا إلى أن "زبائنهم من الطبقة الغنية المنتشرين في الفنادق والمولات بأعداد كبيرة جدا في القاهرة والمحافظات السياحية".
وأكد لـ"
عربي21" أن الإقبال على الخمور والقمار "كبير جدا" على الرغم من الأزمة الاقتصادية الحالية التي تمر بها البلاد، والزيادات الجمركية الكبيرة التي فرضتها الحكومة موخرا على الخمور.
وأشار مهنا إلى أن "هذا الإقبال على الخمور والقمار يوضح وجود فروق هائلة بين الطبقات الاجتماعية في مصر، والتي زادت بشكل مخيف خلال السنوات القليلة الماضية، حيث ازداد الغني غنى، وازداد الفقير فقرا، ومهما فرضت الدولة من رسوم جمركية؛ فزبائن هذه المنتجات لن يتوقفوا عن شرائها"، مضيفا أن "شريحة كبيرة من الشعب أصبحت تستسيغ ظاهرة شرب الخمور" على حد قوله.