تجاهلت العديد من وسائل الإعلام
الإيرانية الموجهة للعالم العربي
الوثيقة السياسية الجديدة لحركة
حماس والتي أعلنها رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل.
وتطرقت وكالة "مهر نيوز" الإيرانية المقربة من الحكومة إلى الوثيقة وقامت بنشرها بالإضافة للقاء ممثل حماس في طهران للحديث عن الوثيقة، أما بقية المواقع فتفاوتت بين متجاهل بشكل تام للحدث وبين من انتقدها ضمنيا كما حصل في وكالة أنباء فارس المقربة من الحرس الثوري.
أما مواقع "تسنيم نيوز" و"أنباء الطلبة" و"أهل البيت" و"وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إرنا)" فلم تتطرق إلى خبر إطلاق الوثيقة وتجاهلته.
ووصفت "فارس" حماس في وثيقتها الجديدة بأنها "تسير على درب منظمة التحرير" وتقصد مسألة التمهيد لوجود نوع من العلاقة مع
إسرائيل في المستقبل كما فعلت منظمة التحرير وأبرز فصائلها حركة فتح حين وقعت اتفاق أوسلو عام 1994.
اقرأ أيضا: "عربي 21" تنشر الوثيقة السياسية الجديدة لحركة حماس
وقالت "فارس" إن حماس قامت بحذف بند هام من ميثاقها الذي "كان كل القادة الراحلين للحركة ينادون به عام 1988 وهو الدعوة الصريحة للقضاء على الكيان الإسرائيلي".
وأضافت: "هذا الموضوع يبين تغيير الاستراتيجية المبدئية لحماس وفي إطار خطوات تطبيع العلاقات بين العرب والكيان الصهيوني والتي بدأت منذ سنوات وارتفعت وتيرتها خلال الأشهر الأخيرة".
واستشهدت "فارس" بمقالة الكاتب عبد الباري عطوان وسردت انتقاداته للوثيقة بالتفصيل وحديثه عن تشابه خطاب مشعل في استعراض الوثيقة مع خطاب عرفات في شرح البنود العشرة لميثاق المنظمة وأن الوضع الحالي يشبه عملية تسويق اتفاق أوسلو عام 94.
أما وكالة "تسنيم" الإيرانية المعروفة بقربها من الحرس الثوري فلم تورد خبر الوثيقة الجديدة لحماس لكنها ركزت على حديث نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني نعيم قاسم خلال استقبال حملة دولية للعودة إلى فلسطين وقال في اللقاء: "إذا لم تكن المقاومة من أجل تحرير فلسطين من البحر إلى النهر فلا يمكن أن تنفع، لسنا مع المقاومة التي تمهد للتسوية ولسنا مع المقاومة التي تقسم فلسطين إلى دولتين".
وأضاف: "ولسنا مع المقاومة التي تبادل الدم بالأرض نحن مع المقاومة التي لا تقبل إلا الأرض محررة بالكامل بلا قيد ولا شرط ليعود الفلسطينيون إلى أرضهم أعزة وكرماء في آن معا".
اقرأ أيضا: مشعل في إعلان وثيقة حماس الجديدة: لا اعتراف بإسرائيل
وشهدت العلاقة بين حماس وإيران فتورا منذ اندلاع الثورة السورية بعد محاولات طهران جر الحركة لتأييد تدخلها في سوريا ودفعها لإعلان موقف واضح ضد الثورة هناك لصالح النظام السوري وهو ما رفضته الحركة وأدى لتبعات سلبية على العلاقة بين الطرفين.
المحلل السياسي أحمد الحيلة قال إن العلاقة بين طهران وحماس كانت علاقة استراتيجية لكنها انكفأت مع أزمات المنطقة إلى درجة كبيرة وأصبحت باردة في السنة الأخيرة وحصلت مساع للتقارب وترميم العلاقة بين الطرفين وجسر الهوة.
وقال الحيلة لـ"
عربي21" إن إيران وصلت إلى قناعة بعد هذه السنوات أنها غير قادرة على الضغط على الحركة للذهاب في مسارات تخص طهران خاصة في المسألة السورية والتدخل العسكري في المنطقة.
ورأى الحيلة أن ما ورد في البند رقم 9 في الوثيقة والتي تقول: "إن حماس ضدّ جميع أشكال التطرّف والتعصب الديني والعرقي والطائفي، وهو الدّينُ الذي يربّي أتباعه على ردّ العدوان والانتصار للمظلومين، ويحثّهم على البذل والعطاء والتضحية دفاعاً عن كرامتهم وأرضهم وشعوبهم ومقدساتهم" ربما تفسرها إيران بطريقة غير سليمة وأنها تشير إلى تدخلاتها في المنطقة خاصة الأزمة السورية.
وشدد على أن السبب الذي يقف وراء تجاهل الإعلام الإيراني للوثيقة الجديدة هو البند 37 الذي تحدث عن "رفض التدخل في الشؤون الخارجية للدول وتبني سياسة الانفتاح مع الجميع وبناء علاقات متوازنة معيارها مصلحة الشعب الفلسطيني ومصلحة الأمة"، مشيرا إلى أن إيران كانت ربما ترغب بأن يتم الإشارة إليها بالاسم في معرض الحديث عن الدول.
وقال الحيلة إن الوثيقة تخلو من الإشارات السلبية لإيران لكن الفهم الخاطئ للأخيرة في الحديث عن رفض الصراع الطائفي والتوازنات تسبب في إحساس إيران بالحديث عنها انتقادها ضمنا عبر بعض وسائل الإعلام.
ورأى أن الوثيقة يفترض بما تحمله مضامين ومحتوى يحاول الارتباط وبناء علاقة متوازنة مع الجميع أن تكون سببا في استعادة العلاقة بين كافة الأطراف في الداعمة للقضية في المنطقة وتلقي بظلال إيجابية على العلاقة بين إيران وحماس.
تفسير إيراني خاطئ
وأضاف: "إيران تقع في الخطأ إذا قامت بتفسير هذا البند على أنه تجاهل لما قدمته للقضية الفلسطينية"، لافتا إلى أن "الحركة لم تذكر أي دولة قدمت وما تزال تقدم لها الدعم مثل قطر وتركيا وغيرها من الدول".
وعلى صعيد العلاقات الحالية بين طهران حماس، قالت الحيل إن هناك محاولات لإذابة الجليد بين الطرفين وإعادة الدفء للعلاقات، مشيرا إلى زيارة وفد من حماس برئاسة أسامة حمدان إلى طهران للتعزية في رئيس مجلس مصلحة تشخيص النظام هاشمي رفسنجاني بالإضافة إلى مشاركة حماس في مؤتمر دعم الانتفاضة عدا عن مشاركة ممثل حماس في طهران في العديد من الفعاليات واللقاءات.
لكنه لفت إلى أن الإعلام الإيراني حمل بقسوة على حماس بعد رفضها تأييد التدخل في سوريا وقابل ذلك انضباط من جانب إعلام الحركة وفي نهاية المطاف اضطر الإعلام الإيراني للتهدئة والتعامل بإيجابية مع الحركة مع إيمان حماس بحاجتها للتعامل مع كل الأطراف خدمة للقضية الفلسطينية.
وكان مشعل أطلق الوثيقة الجديدة لحركة حماس بحضور كافة قيادات الحركة في الخارج وفي قطاع غزة وتضمنت تعديلات على الوثيقة القديمة التي صدرت مع إنشاء الحركة عام 1988 من القرن الماضي.
وتضمنت الوثيقة الجديدة 42 بندا تحدثت فيها الحركة لأول مرة عن القبول بدولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس المحتلة كاملة على حدود عام 1967 وعودة اللاجئين والنازحين إلى أرضهم التي هجروا منها.